قراءة في كتاب : “أمثال أكثم بن صيفي التميمي”

الرياض – واس :
أنجز الباحث: محمد بن أحمد معبّر، كتابًا جمع شتات مادته من مصادر مختلفة، بعنوان: “أمثال أكثم بن صيفي التميمي”.
ويقع الكتاب في 224 صفحة تحتوي على مقدمة، وقسمين هما: حياة أكثم بن صيفي التميمي، وأمثاله مرتبة حسب حروف المعجم ويبلغ عددها 429 مثلًا في شتى شؤون الحياة.
ومن الموضوعات التي يحتويها الكتاب: نسب أكثم وسنّه، أكثم من حُكّام العرب، هل أسلم أكثم، أكثم في بلاط كسرى، منافرة القعقاع وخالد بن مالك النهشلي، يوم الكلاب الثاني، أسرى تميم عند النّعمان بن المنذر، ملاحظات وتعقيبات، شذرات، مقدمة كتب أكثم ووصاياه، وموضوع عن صلة الباحث بأكثم بن صيفي التي جاءت عن طريق كتب الأمثال العربية التي ارتبط بها في سبيل إعداد بعض كتبه، ثم تطورت هذه الصلة إلى البحث والتقميش عن أمثال أكثم بن صيفي.
وبيّن الباحث أن “أكثم بن صيفي”، يُمثل صورة صادقة ناطقة بحكمة العرب في العصر الجاهلي، وقد تجلّت لنا حكمته فيما يسوقه من أمثال وحكم في كتبه ووصاياه، أو فيما يعرض له من المواقف التي يُطْلَبُ رأيه فيها، حتى قيل عنه: إنه حكيم العرب إلى جانب وصفه بالخطيب البليغ.
وأوضح الباحث أنه نُسب إلى “أكثم بن صيفي” الكثير من الأمثال، مؤكدًا أنه لا يجزم بصحة نسبتها كلها إليه، وإنّما ينقل ما ذكرته الكتب من أمثال نسبت إليه بجميع الروايات، فعلى سبيل المثال نجد المثل: “رُبَّ أكلة تمنع أكَلَاتٍ”، وهذا قد نسبه السجستاني والعسكري إلى (أكثم)، ثم نجد العسكري في موضع آخر ينسبه إلى عامر بن الظرب العدواني، أما الميداني فنسبه إلى عامر بن الظرب، والمثل: “حَسْبُكَ من شَرِّ سَمَاعُهُ”، نسبه السجستاني والعسكري إلى (أكثم)، وعاد العسكري في موضع آخر, فنسبه إلى فاطمة بنت الخرشب الأنمارية، أما المفضل الضبي والميداني فنسباه إلى فاطمة بنت الخرشب، وقد يرد المثل عند البعض, فينسبه إلى “أكثم”، وعند البعض الآخر دون أن ينسبه إلى أحد، ومن أشهر الأمثال الواردة في الكتاب على سبيل لا الحصر: “الدال على الخير كفاعله”، “رُبّ ملوم لا ذنب له”، “رضا الناس غاية لا تُدرك”، “الصِّدق منجاة”، “العجز مفتاح الفقر”، “تباعدوا في الدِّيار وتقاربوا في المحبة”، “من مأمنه يؤتى الحَذِر”، “أول الحزم المشورة”، “إنّ قول الحقّ لم يدع لي صديقا”، “إنّ مع الذِّلّة قلّة”، “لا تهرف بما لا تعرف”، “أخوك من آساك”، “آفة الرأي الهوى”.
وورد في الكتاب أن لكل قبيلة حكّامًا يتحاكمون إليهم، ولأهل القرى والرّيف حُكّامهم أيضًا، وكان للعرب أجمع حُكّام ترجع إليها في منافراتها ومواريثها ومياهها ودمائها، لأنه لم يكن “دينًا” يُرجع إلى شرائعه, فيُحكِّمُون أهل الشّرف والصدق والأمانة والرئاسة والمجد والتجربة، ومن هؤلاء الحُكّام أو الحكماء: “الأفعى الجرهمي”، “عبد المطلب بن هاشم”، “الزُّبير بن عبد المطلب”، “أبو طالب بن عبد المطلب”، “حرب بن أمية”، “الوليد بن المغيرة”، “العلاء بن جارية”، “قيس بن عدي”، “ربيعة بن مخاشن”، “أكثم بن صيفي”، “حاجب بن زرارة”، “الأقرع بن حابس”، “عامر بن الظرب”، “هرم بن قطبة”، “سنان بني أبي حارثة”، “غيلان بن سلمة”، “الحارث بن عباد”، “عمرو بن حممة”، “قس بن ساعدة”، “لبيد بن ربيعة”، “ربيعة بن حذار”، “سليمان بن نوفل”، “عامر بن الضحيان”، “وكيع بن سلمة”، وغيرهم كثير، وإنما ذكرهم الباحث؛ لإثبات مكانة (أكثم بن صيفي)، كأحد حُكّام وحكماء العرب، التي تحاول بعض المصادر المعاصرة الغض من مكانته، وإدراجه ضمن الأساطير، وقد قيل عن أكثم: إنه كان قاضي العرب في زمنه، وهو من الخطباء البلغاء والحُكّام الرؤوساء، العالمين بالأنساب، وكانت العرب لا تقدم عليه أحدًا في الحكمة، ومما يروى عنه من الأحكام، حكمه في أن (الولد للفراش)، وأنه بذلك أول من حكم في الجاهلية، وجاء الإسلام بتقريره، وهو في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (الوَلَدُ لِلْفِرَاش وللعاهر الحجر).
الجدير ذكره أن “أكثم بن صيفي” عمّر طويلًا وأدرك ظهور الإسلام، لكن اختلف في إسلامه وفي تاريخ وفاته، ومن الكتب التي أفردت في سيرته: “أخبار أكثم” لـ عبدالعزيز بن يحيى الجلودي، و “أكثم بن صيفي.. حياته وخُطبه وأمثاله وشعره” لـ علي بن محسن بن عيسى مال الله، و “أكثم بن صيفي.. البليغ البلاغي” لـ محمد بدري عبدالجليل، و رسالة ماجستير بعنوان: “النثر الفني عند أكثم بن صيفي.. جمعًا وتوثيقًا ودراسة” لـ قاسم بن عبدالله القرني.




