“مانيج إنجن”: الذكاء الاصطناعي المستدام محرك لرؤية السعودية 2030
الرياض – سويفت نيوز :
تُعد المملكة العربية السعودية اليوم في قلب التحول الاقتصادي العالمي، مستفيدة من التكنولوجيا كركيزة أساسية لتحقيق أهداف “رؤية 2030” الطموحة. في ظل هذا التطور السريع، يبرز الذكاء الاصطناعي كعنصر محوري في تسريع النمو الاقتصادي المستدام، وخلق فرص جديدة، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة عالمية للابتكار التكنولوجي.
تسعى المملكة إلى تنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد على النفط، وتعمل على تعزيز الابتكار التكنولوجي كوسيلة لتحقيق هذا الهدف. فالبيانات والذكاء الاصطناعي يشكلان حجر الأساس لرؤية 2030، حيث ترتبط 99.66% من أهداف الرؤية المباشرة وغير المباشرة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
رؤية فريدة لمصادر التنوع الاقتصادي
يساهم صندوق الاستثمارات العامة (PIF) بشكل كبير في هذا التحول، من خلال إدارة أصول بقيمة 1.07 تريليون دولار بحلول 2025، وخلق 1.8 مليون وظيفة جديدة. هذا التوجه يعزز مكانة المملكة كقوة تكنولوجية عالمية من خلال الاستثمار في القطاعات الناشئة وتوطين التقنية وتطوير البنية التحتية للاتصالات.
أطلقت السعودية أربع مناطق اقتصادية خلال عام 2023 بهدف جذب الاستثمارات العالمية من خلال بيئة تنظيمية مرنة، وحوافز خاصة لكل قطاع، وخدمات حكومية متكاملة. كما أطلقت المملكة مبادرة مبادرة طموحة للذكاء الاصطناعي، تحت اسم “مشروع التسامي السعودي (Project Transcendence)” بتمويل يصل إلى 100 مليار دولار (367 مليار ريال سعودي)، بهدف إنشاء مركز تقني عالمي يستقطب الشركات الناشئة والمواهب العالمية في مجالات الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الحيوية. بحسب مصادر مطلعة لوكالة بلومبيرغ.
وتعد هذه الخطوات الاستراتيجية جزءًا من الجهود الواسعة التي تبذلها المملكة لتضع نفسها في طليعة الابتكار العالمي في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعكس نجاح المبادرات التي أنشئتها المملكة أحد أبرز الأمثلة على التحول التكنولوجي هو تأسيس شركة “آلات” التابعة والمملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، والتي خصص لها تمويلًا بقيمة 100 مليار دولار. تسعى الشركة لدعم تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي محليًا وتعزيز الاقتصاد الرقمي.
الذكاء الاصطناعي: الطريق إلى التميز الرقمي
أنشئت المملكة العربية السعودية في عام 2019 “الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA)”، بهدف استكشاف إمكانات الذكاء الاصطناعي وتوظيف البيانات لدفع عجلة الاقتصاد الوطني. جاءت هذه الخطوة الاستراتيجية لتعزز من تنوع مصادر الدخل، حيث أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي أداة أساسية في تحسين كفاءة الأداء الحكومي، وتعزيز الخدمات العامة، وتحفيز النمو الاقتصادي في مختلف القطاعات.
وقد نجحت المملكة في تحقيق تقدم ملحوظ في تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما جعلها تحتل مكانة متقدمة في قائمة الدول الرائدة في التكنولوجيا على مستوى العالم. كما أسهمت هذه الجهود في تسريع وتيرة التحول الرقمي، بما يتماشى مع طموحات “رؤية 2030”، التي تسعى إلى تحقيق اقتصاد رقمي متنوع ومستدام.
ومن خلال إطلاق مشروعات طموحة من خلال مبادرتها للمدن الذكية مثل “نيوم”، وضعت المملكة معايير عالمية جديدة في استخدام الذكاء الاصطناعي لتطوير البنية التحتية وتعزيز جودة الحياة. ويُعد هذا التوجه الطموح مؤشرًا واضحًا على التزام المملكة بتبني أحدث التقنيات الناشئة لضمان ريادتها في المستقبل التكنولوجي.
الذكاء الاصطناعي المستدام: جوهر الابتكار
يمثل الذكاء الاصطناعي المستدام ركيزة أساسية في رؤية المملكة لتحقيق التنمية الاقتصادية مع الحفاظ على الموارد البيئية. ويعكس هذا التوجه رؤية المملكة الشاملة التي تجمع بين الابتكار التكنولوجي والاستدامة البيئية، بهدف بناء اقتصاد قوي يلبي احتياجات الحاضر دون الإضرار بمستقبل الأجيال القادمة.
ويُقصد بـ”الذكاء الاصطناعي المستدام” تطوير وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي بطريقة تضمن تحقيق الفائدة الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل. ويشمل هذا النهج مجموعة من المبادئ والممارسات التي تضمن أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تُستخدم بكفاءة عالية ودون إهدار للموارد أو إنشاء تبعيات غير مستدامة.
ويركز الذكاء الاصطناعي المستدام على ثلاثة محاور رئيسية: الاستدامة البيئية، والاستدامة الاقتصادية، وتطوير الذكاء الاصطناعي. إن تبني هذه المبادئ يُعزز من قدرة المملكة على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة
المدن الذكية: نموذج للاستدامة التكنولوجية
مشروعات مثل “نيوم” و“ذا لاين” تعد أمثلة بارزة على كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي المستدام في بناء مدن ذكية. تسهم هذه التقنيات في تحسين إدارة الموارد مثل النفايات والطاقة وحركة المرور، مما يرفع من جودة الحياة ويقلل من الأثر البيئي.
الزراعة والرعاية الصحية: التحول نحو الاستدامة
في قطاع الزراعة، تستخدم المملكة تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين إدارة المياه والحفاظ على المحاصيل في ظل الظروف المناخية الصعبة والتي تستلزم اعتماد ممارسات مستدامة أيضاً لتمكين المزارعين من التكيف مع الظروف البيئية الصعبة.. أما في الرعاية الصحية، فتعتمد السعودية على الذكاء الاصطناعي لتحسين التشخيصات المبنية على البيانات وإحداث ثورة في رعاية المرضى من خلال التنبؤ بمتطلبات الرعاية الصحية وتحسين استخدام الموارد ، مما يعزز من استدامة القطاع الصحي.
التحديات البيئية للذكاء الاصطناعي
رغم فوائد الذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك قلقًا متزايدًا بشأن بصمته البيئية. وفقًا لاستطلاع أجرته شركة “جارتنر” عام 2023، يعتقد 78% من المديرين التنفيذيين أن فوائد الذكاء الاصطناعي تفوق مخاطره، إلا أن استهلاك الطاقة يظل تحديًا بيئيًا.
لتقليل هذه التأثيرات، تعمل “مانيج إنجن” على تقديم حلول ذكاء اصطناعي مستدامة من خلال استخدام النماذج المدربة مسبقًا وتقنيات مثل التقليم والتكميم وتقطير المعرفة.
- التقليم (Pruning): يقلل عدد المتغيرات في النموذج، مما يقلل استهلاك الطاقة.
- التكميم (Quantization): على تحويل متغيرات النموذج من أرقام الفاصلة العائمة 32 بت إلى أعداد صحيحة 8 بت، مما يقلل من استخدام الذاكرة ويزيد من الكفاءة التشغيلية.
- تقطير المعرفة (Knowledge Distillation): ينقل المعرفة من النماذج الضخمة إلى نماذج أصغر وأكثر كفاءة، مما يقلل الحاجة إلى عمليات حسابية كثيفة.
هذه التقنيات المقدمة من “مانيج إنجن” تُستخدم في تطبيقات TinyML، مما يمكن الأجهزة منخفضة الطاقة من معالجة البيانات محليًا بكفاءة دون الاعتماد على الموارد السحابية.
وصرح “رامبراكاش رامامورتي”، مدير أبحاث الذكاء الاصطناعي في “مانيج إنجن”: “بصفتنا شركة مختصة بإدارة تقنية المعلومات المؤسسية والتابعة لمجموعة زوهو، ، نهدف إلى تمكين الشركات من السيطرة على تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها. بدءًا من الأمن والشبكات والخوادم إلى التطبيقات وخدمة العملاء والدليل النشط وأجهزة الكمبيوتر المكتبية والأجهزة المحمولة، إن حلولنا الشاملة تساعد في تسريع التحول الرقمي وتمكين العمل عن بُعد، مع التركيز على الاستدامة البيئية”.
وأضاف: “بينما تتقدم المملكة نحو أهداف رؤية 2030، فإن تبني ممارسات الذكاء الاصطناعي المستدام سيكون حاسمًا لبناء اقتصاد مرن ومتنوع. الاستدامة لم تعد مجرد اتجاه، بل أصبحت نهجًا تحويليًا سيشكل مستقبل الابتكار في المملكة العربية السعودية.”