فنانات تشكيليات يتنافسن في رسم الزخرفة التراثية القديمة في فنون وثقافة منطقة الباحة
الباحة – واس :
عاش الآباء والأجداد بمنطقة الباحة في بيوت لها خصوصيتها وتصميمها، تتواءم مع طبيعة المنطقة سواءً في البناء أو الأدوات المستخدمة، إذ يدرك الزائر لها مدى ما تتمتع به تلك المباني القديمة من تاريخ وأثر ذي قيمة فنية وجمالية واحترافية، ولعل من أهم المهن اليدوية الشعبية القديمة التي اندثرت مهنة “النقش على الخشب”، سواء أكانت بالحفر أو بالحرق على الخشب أو تلوينه، وطوَّعت أياديهم الأخشاب لتنبض بالحياة.
ونظرًا لأهمية هذه المهنة أطلقت وزارة الثقافة ممثلة في فرع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بمنطقة الباحة ورشة لتعليم أساسيات الزخرفة بكل أنواعها، إذ نسج عدد من الفنانات التشكليليات أجمل الأعمال في فن رسم الزخارف التراثية والإسلامية فرضنَ من خلالها حضورهن الملفت للأنظار.
وأكد مدير الجمعية علي البيضاني، أن الجمعية وبدعم من وزارة الثقافة تسعى إلى إبراز دورها في الحضارة الإنسانية والمحافظة على هذا الإرث الفني التاريخي الذي أوشك على الاندثار والتلاشي، في محاولة لاستعادة رائحة التاريخ من خلال إقامة واستضافة مثل ورشة أساسيات الزخرفة التي تهدف إلى تنمية مهارات المهتمات والفنانين والفنانات التشكلين.
من جانبه أوضح الخطاط والفنان التشكيلي عبدالعزيز آل مجثل لـ “واس”، أن الورشة التي تستمر 10 أسابيع لتعليم أساسات الزخرفة بكل أنواعها الإسلامية والهندسية ونباتية والتراثية، وتقام كل يوم سبت بالقاعة الثقافية بمقر الجمعية بالباحة بواقع ساعتين، ويشارك فيها 20 متدربًا ومتدربة من مختلف الأعمار، تضم جانبًا نظريًّا وتطبيقيًّا، مشيرًا إلى أنه يجري العمل على إقامة معرض لأهم وأبرز الأعمال التي تقدم خلال الورشة.
وبين أن الورشة تعنى باهتمام المتدربين وخصوصًا المتدربات على تعلم مهارات النقش والزخرفة الخشبية، التي تعد لوحة فنية وعناصر جمالية تمتز البيوت القديمة بالمنطقة بها، يعكس درجة التذوق الفني والإبداع لدى الآباء والأجداد.
بدورها قالت المشرفة على الدورة ليلى الحامد: إن الدورة شهدت تفاعلًا كبيرًا من الحضور وحرصهم على التعلم والتطور في مجال الزخرفة, مضيفةً أن ما تم التركيز عليه في الورشة هو الزخرفة التراثية بجميع أشكالها، إذ سعى إنسان المنطقة قديمًا إلى إيجاد توليفة من الفنون بصفتها نوعًا من التميز من خلال اختياره هذه المهنة وتزين الأبواب والنوافذ والأعمدة في البيوت القديمة.
وأشار المتدرب عيضة الزهراني، إلى أن الورشة أسهمت كثيرًا في تغير كثير من المفاهيم وآليات العمل في مجال الزخرفة والنقش على الخشب الذي بدأ هوية وتحول إلى حرفة ذات مردود اقتصادي جيد، مضيفًا أن العمارة التقليدية منطقة الباحة تحمل خصوصية في الزخرفة والنقوش في المكملات الخشبية في تلك العمارة، حيث كان الآباء والأجداد في المنطقة ينقشون الخشب بمهارة وبحركة بدائية لتظهر تلك العلاقة الروحية بينه وبين ذلك العمل المتحفي ليبرهن على علاقة الزمان بالمكان والأصالة بالتاريخ.
وأبدت الفنانة التشكيلية بدرية الزهراني، سعادتها في المشاركة في غمار التجربة, حيث قالت : الورشة أثارت الحماس تجاه إحياء مهنة وفن الزخرفة والنقش على الخشبة وغيرها، والتزود بالمعرفة المهمة واللازمة في هذا المجال, مشيرة إلى أن رسم الزخرفة بجميع أشكالها حرفة يدوية تقاوم التكنولوجيا وعوامل الزمن في ظل البرامج والورش والملتقيات التي تقيمها الجهات ذات العلاقة.
تجدر الإشارة إلى أن الزخرفة في منطقة الباحة لا تقتصر على الأحجار والجدران الطينية فحسب ولكنها تتعدى لتشمل أدوات الزراعة مثلا ومنها بعض أدوات الحرث، كما تساير كثيرًا من المصنوعات ومنها الحلي الفضية والملابس الشعبية المطرزة لدى الخياطين، وأواني الطبخ كقدور الفخار وبعض الصحون الخشبية، وحتى في مكاييل الحبوب وغربال تنقية الحب من الشوائب في موسم الحصاد، وتستخدم في مصنوعات الخوص في الأسلحة القديمة في كراسيها الخشبية ومعاليقها الجلدية.