صندوق التضامن الإسلامي .. جهازٌ ينهض بمتطلبات الوحدة الإسلامية والثقافة والقيم ودعم دول منظمة التعاون الإسلامي
جدة – واس:
يمثل صندوق التضامن الإسلامي – الجهاز المتفرع من منظمة التعاون الإسلامي – , أحد أهم المؤسسات المعنية بتقديم المساعدات الإنسانية للدول الإسلامية وبلدان الأقليات المسلمة، ودعم الجامعات والبحوث العلمية، والتخفيف من آثار المحن والكوارث الطبيعية، ودعم المراكز والجمعيات الإسلامية وأنشطة وبرامج رعاية الشباب المسلم، ودعم تمكين الأسرة، وتنظيم الندوات والحلقات الدينية والعلمية والثقافية.
ودأب الصندوق الذي أنْشئ بموجب القرار الصادر عن مؤتمر القمة الإسلامي الثاني المنعقد في مدينة لاهور بجمهورية باكستان الإسلامية عام 1394هـ الموافق 1974م استجابة لفكرة الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – بالوفاء باحتياجات وبمتطلبات الوحدة الإسلامية والقضايا الإسلامية، وللنهوض بالثقافة والقيم في دول المنظمة.
ويتمثل دور الصندوق في إطار جهاز رقابة إدارية من خلال (المجلس الدائم) ورقابة مالية تتمثل في (هيئة الرقابة المالية بالمنظمة) حيث يعد المجلس الدائم، الجهة المسؤولة عن الصندوق ونشاطاته أمام مؤتمرات مجلس وزراء خارجية الدول الإسلامية، والقمم الإسلامية لملوك ورؤساء الدول الإسلامية، ولدى الجهات الرسمية والقضائية، وسائر المؤسسات المعنية في الداخل والخارج، ويتشكل من 21 عضوًا.
ويتفرع من الصندوق لجنة الطوارئ التي تجتمع في حالة وقوع الأزمات والكوارث الطبيعية في الدول الإسلامية، وتضم في عضويتها:
الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، ورئيس المجلس الدائم لصندوق التضامن الإسلامي بمنظمة التعاون الإسلامي، وممثل المملكة العربية السعودية (دولة المقر).
ويبلغ عدد المشاريع المنفذة والممولة من الصندوق منذ إنشائه عام 1974م، وحتى عام 2024م، (2,872) مشروعًا، بقيمة (245,669,937) دولارًا أمريكيًا، موزعة على (128) دولة حول العالم، حيث حظي الشعب الفلسطيني بأولويات الدعم المباشر من الصندوق لنصرة قضيته العادلة، وتأكيدًا لذلك خصص الصندوق بندًا مستقلًا لدولة فلسطين ضمن موازنته السنوية، حيث أسهم في توفير المساعدات المعيشية، ودعم المؤسسات والهيئات الاجتماعية والتعليمية والصحية بالعديد من المشاريع الاجتماعية والإنسانية، وبلغ إجمالي ما قدمه الصندوق لدعم الشعب الفلسطيني أكثر من (29) مليون دولار أمريكي، موزعة على جميع القطاعات.
كما ركزت المشاريع على قطاع الطوارئ، حيث قدم الصندوق مساعدات عينية ومالية للدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، والأقليات المسلمة التي حلت بها الكوارث الطبيعية والأزمات في 60 دولة، وذلك للتخفيف من آثارها، فعلى سبيل المثال لا الحصر قدم الصندوق العون إلى كل من فلسطين، واليمن، وكشمير، وأفغانستان، ودول جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، والبوسنة والهرسك، وكوسوفو، ولدول جنوب شرق آسيا التي تضررت من كارثة المد البحري (تسونامي)، واللاجئين الروهنجين في ماليزيا وبنجلاديش، والتخفيف من معاناة المتضررين من آثار السيول والفيضانات التي اجتاحت بعض الولايات بجمهورية السودان، فضلًا عن تقديم مساعدة للتخفيف من حادث انفجار مرفأ بيروت بالجمهورية اللبنانية، وخلال العام 2023م قدم الصندوق مساعدات إنسانية لدولة ليبيا وسوريا وتشاد وتركيا والمغرب، ودعم جهود جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في إنقاذ المصابين الفلسطينيين والتخفيف من آثار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وبلغ إجمالي ما قدمه الصندوق أكثر من (57,6) مليون دولار أمريكي .
واهتمت مشاريع الصندوق كذلك بقطاع الجامعات والبحوث العلمية، وبلغ إجمالي ما قدم لهذا القطاع منذ إنشاء الصندوق وحتى 2024م أكثر من (91) مليون دولار أمريكي، حيث أسهم في إنشاء 145 جامعة وكلية ومعهدًا حول العالم، وأهمها الجامعة الإسلامية في أوغندا، والجامعة الإسلامية في النيجر، والجامعة الإسلامية في قيرغيزيا، وجامعة الملك فيصل بانجمينا، وجامعة الحكمة في غامبيا، وجامعة الزيتونة بتونس، وجامعة أفريقيا العالمية بالسودان، وعدد من الجامعات في بنغلاديش، والكلية الأمريكية الإسلامية في شيكاغو، وجامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية، وجامعة أكسفورد في بريطانيا، والمعهد العالي للدراسات الإسلامية في موريتانيا، والمعهد الإسلامي للترجمة بالسودان.
وفي قطاع الإعلام ، بلغت جملة ما قدمه الصندوق لهذا القطاع منفصلاً (888) ألف دولار أمريكي، وتضمن إنشاء المحطات الإذاعية، والمشاركة في إنتاج الأفلام الإسلامية، وتحقيق ونشر المخطوطات الإسلامية، ودعم نشاط الصحف، والمجلات ذات الصلة، كما حظي قطاع المرأة والطفل بأولويات المشاريع تمثلت في نطاق المساعدات الصحية، والتعليمية، والثقافية والاجتماعية، تجاوز إجمالي الدعم لها مبلغ (4) ملايين دولار أمريكي، شمل رعاية الأيتام، وحماية الطفل، وتنمية المرأة الريفية، فيما طالت المشاريع قطاع المساجد والمدارس والمستشفيات، أنشأ خلالها الصندوق عددًا كبير من المساجد والمدارس والمستشفيات، والمستوصفات، وبلغ إجمالي ما تم صرفه لهذا القطاع أكثر من (41) مليون دولار أمريكي.
وتواصلت مشاريع الصندوق لتشمل قطاع رعاية الشباب المسلم، فعمل على الإسهام في دعم نشاطات الشباب والرياضة مع الاتحاد الرياضي لألعاب التضامن الإسلامي، وجميع البرامج التي تُعرض عليه للإسهام في تمويلها، وفقًا للإجراءات المتبعة والإمكانيات المتاحة، وبلغ إجمالي ما قدمه الصندوق لبرامج رعاية الشباب المسلم أكثر من (3,8) ملايين دولار أمريكي، كما شملت المشاريع قطاع الندوات العلمية، والحلقات الدراسية، وبرامج الدعوة، فبلغ إجمالي ما قدمه الصندوق لهذا القطاع أكثر من (15) مليون دولار أمريكي، فيما كان لقطاع المراكز والجمعيات الإسلامية إسهامات عديدة لتمويل المشاريع والنشاطات للمراكز الإسلامية الثقافية، والاجتماعية، لدعم نشاطها، ومنها على سبيل المثال جمعية مسلمي اليابان، والمركز الإسلامي في الإكوادور، ومركز التراث الإسلامي في أمريكا، والمركز الألباني للفكر والحضارة الإسلامية في ألبانيا، والمتحف الإسلامي في أستراليا، وبلغ إجمالي ما قدمه الصندوق أكثر من (31) مليون دولار أمريكي.
وأوضح المدير التنفيذي للصندوق محمد بن سليمان أبا الخيل، أن الصندوق عمل على تنوع مصادر دعم المشاريع من خلال إنشاء برنامج ” التمويل الأصغر ” ضمن أهدافه للانتقال بالعمل الخيري والإنساني من طور المساعدة والمواساة إلى مراحل “الإنتاج والتنمية المستدامة” وتقديم المساعدات المادية وفقًا لإمكانياته المتاحة، لاسيما أن التمويل الأصغر أصبح توجهًا دوليًا سائدًا، كونه الأداة المناسبة لمحاربة الفقر، والحد من البطالة، حيث ساهم الصندوق في برنامج التمويل الأصغر بتقديم قروض ميسرة للأسر الفقيرة في كل من الجمهورية اليمنية وجمهورية السودان وجمهورية جيبوتي، لتحقيق الاكتفاء الذاتي كخطوة أولى لمحاربة الفقر ودعم تماسك الأسر.
وبيّن أنه خلال مواجهة جائحة كورونا (كوفيد-19 )، بادر الصندوق بتقديم مساعدات عاجلة للتخفيف من آثارها بعد موافقة لجنة الطوارئ الثلاثية بالصندوق على صرف مبلغ (900) ألف دولار أمريكي لهذا الغرض، وتم تقديم الدعم لـ (18) دولة عضو بالمنظمة بواقع (50) ألف دولار أمريكي لكل دولة من الدول الأعضاء الأقل نموًا والأكثر تأثرًا بهذه الجائحة، ممثلة في وزارة الصحة.
وأكد أن صندوق التضامن الإسلامي حقق إنجازًا كبيرًا على مستوى التميز الدولي، بإحرازه جائزة الابتكار المقدمة من وحدة تعاون الجنوب-الجنوب (SOUTH SOUTH CORPORATION) التابع لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDB) في 19 ديسمبر 2007م، وذلك لجهود الصندوق الابتكارية في تعزيز التعاون بين دول الجنوب، من بين 22 صندوقًا ومنظمة حكومية خيرية شاركت في هذا المحفل.
وخلُص أبا الخيل في حديثه، إلى أن مسيرة الصندوق حافلة بالإنجازات على مدى 50 عامًا، وما كان لها أن تستمر لولا تبرعات سخية من الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي.