إصلاحات المجتمع المدني في أوزبكستان الجديدة .. وآفاق المستقبل
طشقند – خالد الجعيد:
شهدت أوزبكستان تنفيذ العديد من الإصلاحات الشاملة لإنشاء مجتمع مدني منذ عام 2017 وحتى الآن 2024 حيث تم إعتماد 64 وثيقة قانونية تنظيمية لدعم مؤسسات المجتمع المدني بشكل مباشر وتعزيز فعاليتها، وإنشاء إطار قانوني ومؤسسي قوي لدعمها الشامل.
وشدد الرئيس الأوزبكي، في هذا الصدد، على أن “توفير الظروف اللازمة للعمل الحر لمؤسسات المجتمع المدني، وتعزيز دورها النشط في حكم الدولة والمجتمع، ومواصلة تحسين آليات دعم الدولة سيظل محور التركيز الرئيسي”.
الأسس الدستورية والقانونية والتنظيمية
وقد تم إتخاذ خطوات هامة لتعزيز فعالية مؤسسات المجتمع المدني في أوزبكستان الجديدة شملت الإجراءات التالية:
أولاً، يتضمن الدستور المعدل حديثاً فصلاً مخصصاً للمجتمع المدني بعنوان “مؤسسات المجتمع المدني” حيث نص الدستور على أن “مؤسسات المجتمع المدني، بما في ذلك الجمعيات العامة وغيرها من المنظمات غير الحكومية التي لا تستهدف الربح، وهيئات الحكم الذاتي للمواطنين، ووسائل الإعلام يجب أن تشكل أساس المجتمع المدني”. والأهم أنه في الطبعة الجديدة للدستور، ولأول مرة في التشريعات الوطنية، تم الكشف عن تركيبة مؤسسات المجتمع المدني. وقد تم تكريس حقيقة أن هذه المؤسسات تشكل أساس المجتمع المدني. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مصالح مؤسسات المجتمع المدني محمية في 5 مواد من فصول أخرى من دستور جمهورية أوزبكستان.
ثانياً، الاسترشاد أيضاً في النهوض بالمجتمع المدني باعتماد مفهوم تنموي للأعوام 2021-2025، يركز على:
· التعزيز المستمر للإطار القانوني للمجتمع المدني.
· تحسين آليات دعم الدولة لمؤسسات المجتمع المدني.
· تسهيل دورهم النشط في حكم الدولة والمجتمع.
· توسيع مشاركتهم في المشاريع الاجتماعية للدولة.
· ضمان قدر أكبر من الشفافية داخل المجتمع المدني.
ثالثا، إنشاء نظام تنظيمي وقانوني ديمقراطي لدعم هذه المؤسسات. وقد تم إنشاء الصناديق العامة في إطار المجلس الأعلى والمجالس الإقليمية، مما أدى إلى دعم مالي كبير حيث تم تخصيص 1 تريليون و916 مليار سوم على مدى السنوات السبع الماضية، لدعم 2246 مشروعًا – أي أكثر بـ 30 مرة مما تم تخصيصه خلال الفترة 2008-2016. بالإضافة إلى ذلك، دعمت الصناديق الإقليمية 2120 مشروعا بقيمة 140 مليار سوم على مدى ثلاث سنوات.
رابعا، حماية حقوق ومصالح الأشخاص ذوي الإعاقة ومواصلة تعزيز حمايتهم الاجتماعية، جمعية المعوقين في أوزبكستان، جمعية الصم، جمعية المكفوفين، ويتم تمويل ما يقرب من 500 منظمة تابعة لها بالكامل باستخدام الإعانات الحكومية.
خامسا إجراءات دعم الدولة لمؤسسات المجتمع المدني حيث تم إنشاء “بيوت الصداقة والمنظمات غير الحكومية” في كل منطقة. وتم إيواء 350 منظمة غير حكومية ومركزاً ثقافياً وطنياً في هذه الدور مجاناً.
سادسا، تخفيض رسوم التسجيل للمنظمات غير الحكومية إلى النصف في المتوسط. وتم إعفاء الجمعيات العامة للمعاقين والمثقفين والنساء والأطفال بشكل كامل من الخدمة. وتخفيض فترة إعادة التسجيل من شهر واحد إلى 15 يومًا.
سابعا، إلغاء شرط حصول المنظمات غير الحكومية وغير الربحية على إذن من هيئة قضائية لممارسة أنشطتها، كما تم تعزيز حريتها في العمل.
ثامناً، تبسيط عملية الحصول على الأموال من المصادر الخارجية. وإلغاء شرط فتح حساب مصرفي خاص وتقليص فترة النظر في طلبات التمويل من 40 يومًا إلى 15 يومًا. بالإضافة إلى ذلك، زيادة حجم الأموال التي يمكن أخذها دون الاتفاق مع الهيئة القضائية بمقدار 5 مرات. ونتيجة لذلك، تجاوزت المنح الدولية التي تم جذبها خلال السنوات السبع الماضية 125 مليون دولار أمريكي.
تاسعا، أدت الرقمنة إلى زيادة تبسيط الخدمات المقدمة للمنظمات غير الحكومية، حيث أصبحت جميع الخدمات الحكومية متاحة إلكترونيا من خلال بوابة e-ngo.uz.
وأخيرا، أصبحت مؤسسات المجتمع المدني مشاركا مباشرا وشريكا وثيقا في الإصلاحات واسعة النطاق والمكثفة في أوزبكستان الجديدة. المنظمات غير الحكومية الأكثر نشاطًا وغير الربحية، مثل الصندوق العام “المواطنون”، وجمعية “هونارماند”، وصندوق “سوغلوم أفلود أوتشون”، و”الجمعية العالمية للشباب في أوزبكستان”، و”رابطة الأشخاص ذوي الإعاقة”. ويشارك بشكل مباشر مركز “الإصلاحات التقدمية” وجمعية المحلات الأوزبكية ومركز “استراتيجية التنمية” وحركة “يوكساليش” الوطنية.
آفاق مؤسسات المجتمع المدني في أوزبكستان الجديدة
وقد خطت الإصلاحات الجارية في أوزبكستان الجديدة خطوة مهمة إلى الأمام من خلال المرسوم الرئاسي رقم 124، الموقع في 26 أغسطس 2024 “بشأن التدابير الرامية إلى زيادة تحسين نظام دعم الدولة لمؤسسات المجتمع المدني” بهدف إرساء نظام شفاف وتنافسي لدعم الدولة وتعزيز تأثير البرامج الاجتماعية ومواصلة أجندة الإصلاح. ويحدد المرسوم ستة اتجاهات رئيسية لدعم الدولة لتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني خلال هذه المرحلة التنموية:
الاتجاه الأول، زيادة نشاط مؤسسات المجتمع المدني في حياة الدولة والمجتمع والاستخدام الكامل لإمكاناتها في تنمية المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية والثقافية والروحية والإنسانية؛
الاتجاه الثاني، دعم تنفيذ المبادرات التي تستهدف مصالح المجتمع والاحتياجات الحقيقية للسكان، وتهدف إلى حل المشاكل الحالية التي لا تزال قائمة؛
الاتجاه الثالث، مواصلة تطوير الشراكة الاجتماعية متبادلة المنفعة بين أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني؛ الاتجاه الرابع تشجيع المراقبة العامة الفعالة من قبل مؤسسات المجتمع المدني لدعم تنمية جميع مجالات حياة الدولة والمجتمع؛ الاتجاه الخامس, إقامة علاقات مؤسسات المجتمع المدني مع أبناء الوطن في الخارج وتعزيز التعاون مع جمعياتهم؛ الاتجاه السادس, تعزيز القاعدة المادية والفنية لمؤسسات المجتمع المدني وتهيئة الظروف التنظيمية والقانونية الملائمة لها لممارسة أنشطتها.
منصة إلكترونية واحدة لمؤسسات المجتمع المدني
إطلاق منصة إلكترونية موحدة لمؤسسات المجتمع المدني لتعزيز الشفافية في تخصيص إعانات الدولة والمنح والعقود الاجتماعية، بما يتماشى مع تنفيذ المرسوم. وتهدف هذه المنصة إلى الارتقاء بمنظومة دعم الدولة لمؤسسات المجتمع المدني، بما يضمن الانفتاح والكفاءة. إن إطلاق منصة إلكترونية واحدة سيحقق النتائج التالية: النتيجة الأولى: تتيح المنصة لمؤسسات المجتمع المدني وعامة الناس المشاركة بنشاط في تشكيل مجالات التركيز للمسابقات التي تنظمها المؤسسة في إطار المجلس الأعلى. ونتيجة لذلك، تم إعداد المنصة للارتقاء بدعم الدولة لمؤسسات المجتمع المدني إلى مستوى أعلى، وتعزيز الشفافية في جميع العمليات ذات الصلة. وكما أشار رئيس أوزبكستان، “اليوم، تتواصل الإصلاحات واسعة النطاق باستمرار في أوزبكستان الجديدة. إن ضمان قيمة الإنسان ومصالحه، التي تعتبر الهدف والمهمة الأعظم، هو في قلب سياستنا.
إن المحتوى الرئيسي للاستراتيجيات التنموية هو تطوير سيادة القانون ورأس المال البشري، وبناء مجتمع مدني عادل وقوي. ويلعب المرسوم دورا حاسما في خلق سبل جديدة للمواطنين ومؤسسات المجتمع المدني للمشاركة بشكل مباشر في إدارة الدولة والمجتمع. ويضع الإطار التنظيمي والقانوني اللازم لتعزيز تنمية الشراكات الاجتماعية ويعزز الرقابة العامة على هيئات الدولة، مما يجعل الإجراءات الحكومية أكثر عرضة للمساءلة.