جورجيا .. وجهة السياحة المثالية لدول الخليج العربي

تبليسي – خالد الجعيد:
تتلألأ جورجيا كوجهة سياحية استثنائية تقع في منطقة القوقاز بين أوروبا الشرقية وغرب آسيا. تجمع بين الجبال الشاهقة، والكهوف الغامضة، والأنهار المتدفقة، في لوحة طبيعية لا مثيل لها. ورغم صغر مساحتها 69,700 كم² إلا أن جورجيا تزخر بأكثر من 26 ألف نهر و860 بحيرة و55 شلالًا، مما يجعلها جنة لعشاق المغامرة والاستجمام في أحضان الطبيعة. ويأتي أسم جورجيا من كلمة غورغ التي تعني الذئب بالفارسية حيث كانت تعج المنطقة قبل مئات السنين بالذئاب وكانت الحضارة الفارسية لها تأثير في ذلك الوقت.
اكتشف جورجيا واحزم حقائبك واستعد لتجربة عالم من المغامرة والاستكشاف في هذه الجوهرة الأوروبية الخفية للانغماس في مجموعة مثيرة من التزلج على الجليد أو المشي داخل الغابات أو زيارة المتاحف والكهوف العجيبة أوممارسة الرياضات المائية، أو الإستشفاء بالمياه المعدنية تحت إشراف طبي.
وعندما يحين وقت الاستراحة وتجديد النشاط، لا تنسَ الاستمتاع بأشهى المأكولات الحلال تذوّق اللحوم المشوية الشهية، وتلذذ باليخنات العطرية، وانغمس في الحلويات اللذيذة التي تُجسّد تقاليد الطهي الجورجية العريقة.

المدينة القديمة في تبليسي
تواصل المدينة القديمة في العاصمة تبليسي جذب اهتمام الزوار من مختلف أنحاء العالم، باعتبارها القلب التاريخي النابض للمدينة، ومتحفًا مفتوحًا يروي عبر أزقتها الضيقة وعمارتها التقليدية، قصة أكثر من 1500 عام من الحضارات المتعاقبة التي مرت على جورجيا. وتشكل المدينة القديمة بطابعها الشرقي والأوروبي المختلط نقطة التقاء ثقافي فريدة، حيث تضم مساجد تاريخية تعود للقرون الوسطى، وكنائس تاريخية في مشهد يعكس التنوع الديني والتعايش الذي تميزت به تبليسي عبر تاريخها الطويل.
يُعد شارع شاردان أحد أقدم شوارع تبليسي، وهو الآن ملتقى مفضل بفضل مقاهيه ونواديه الفاخرة، وصالوناته الفنية الصغيرة، ومعارضه الفنية. سُمي الشارع بهذا الاسم تكريمًا للفنان الفرنسي الشهير جان باتيست سيميون شاردان.
وتشهد المنطقة حراكًا سياحيًا نشطًا خلال المواسم، لاسيما مع تزايد الإقبال على زيارة معالم بارزة مثل منطقة سولولاكي، حمامات الكبريت الشهيرة في أبانوتوباني التي تُعد من أقدم الحمامات في المنطقة، وتمثال “أم الجورجيين” المطل على العاصمة، إضافة للمقاهي الشعبية والمتاجر التقليدية التي تحتضن الصناعات والحرف المحلية.

جسر السلام في تبليسي
أفتتح جسر السلام عام 2010 ويعد أحد أشهر المعالم الحديثة في العاصمة تبليسي، حضورًا بارزًا على خارطة السياحة الأوروبية، ويوصف بأنه أيقونة معمارية معاصرة تربط بين ضفتي نهرمتكفاري وصمم على يد المعماري الإيطالي الشهير ميكيلي دي لوكي بهيكل زجاجي وفولاذي فريد، بطول يتجاوز 150 مترًا، مع سقف منحنٍ يأخذ طابع الأمواج ويتميز الجسر بجمال العمارة التاريخية المحيطة في قلب المدينة القديمة.
يشكل جسر السلام عنصرًا رئيسيًا في الهوية البصرية المعاصرة للعاصمة الجورجية، خصوصًا مع ارتفاع نسب الزوار الأجانب خلال المواسم السياحية ويعتير نقطة عبور رئيسية بين معالم بارزة في تبليسي، مثل حديقة رايك، وحي المدينة القديمة، ومحيط المتاحف والمراكز الثقافية وقلعة ناريكالا وكنيسة ميتيخي التي أمر الملك فاختانغ غورغاسالي ببنائها في القرن الخامس الميلادي. ويمثل الجسر وجهة لالتقاط الصور والمشي على ضوء إضاءاته الليلية البانورامية التي تعتمد على تقنيات LED متطورة.


حصن الرباط
يشهد حصن الرباط التاريخي في مدينة أخالتسيخي بجورجيا، ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد الزوار خلال الموسم السياحي الحالي، ليواصل ترسيخ مكانته كأحد أهم المواقع التراثية والثقافية في البلاد، نظراً لقيمته التاريخية ومعماره الفريد الذي يجمع بين الحضارة الجورجية الإسلامية والمسيحية على حد سواء.
ويُعد حصن الرباط الذي يعود تاريخ تأسيسه إلى القرن التاسع، واحداً من أبرز الشواهد الحية على التفاعل الحضاري الذي شهدته جورجيا عبر العصور، حيث مرّ بمراحل وممالك متعددة تركت آثارها في تصميمه وأسوار الحجر الضخمة وقلاعه الداخلية، بالإضافة إلى المساجد والكنائس والمباني الإدارية القديمة التي ما زالت تحتفظ بجمالها وروحها التاريخية.
ويقدم الحصن تجربة غنية تجمع بين التاريخ والثقافة والتعليم والترفيه، حيث يمكن للزائر اكتشاف المتحف الداخلي، ومشاهدة المعروضات الأثرية المتنوعة، والتجول في الأبراج العالية، بالإضافة إلى حضور الفعاليات الثقافية والمعارض التي تقام فيه على مدار العام.


منتجع Sairme
يعد منتجع Sairme من أبرز الوجهات السياحية والعلاجية في جورجيا، حيث يجمع بين الطابع الطبي والترفيهي، وسط طبيعة جبلية ساحرة يصل ارتفاعها إلى أكثر من 950 مترًا عن مستوى سطح البحر، ويتميّز بمياهه المعدنية الشهيرة عالميًا،اذ يحتوي على أربع أماكن كل منها يتميز عن الأخر بمياه المعدنية والتي تعد من أفضل المياه العلاجية في منطقة القوقاز ويمكن الوصول اليه عبر مطار كوتايسي الدولي على بعد 67 كم.
ويستقطب المنتجع سنويًا آلاف الزوّار من مختلف دول العالم ممن يبحثون عن تجارب صحية متكاملة، وعلاجات تستند على الموارد الطبيعية من ينابيع المياه المعدنية التي تساعد في تحسين أمراض الجهاز الهضمي والكلى والمرارة، إضافة إلى الطين العلاجي والحمامات الحرارية.

ويضم منتجع Sairme مرافق فندقية عالية المستوى، ومركزًا طبيًا متكاملًا بإشراف متخصصين، ومسارات للمشي في الغابات المحيطة، ومنطقة ألعاب ومنتزهات عائلية، فضلًا عن مطاعم تقدم أطباق جورجية تقليدية وتجارب طهي محلية أصيلة ولمحبي المغامرة يوجد الخط المعلق Zipline ورمي الأطباق بالبندقية وركبوب الخيل .
ويعد الموقع أحد أهم الوجهات السياحية التي تشهد تزايدًا في الاهتمام من المسافرين العرب خلال السنوات الأخيرة، نظرًا لطبيعته الهادئة، وخدماته العلاجية، ومناخه المناسب للراحة والاستشفاء، مما يجعل Sairme خيارًا مثاليًا لمن يبحث عن سياحة علاجية راقية وفق المعايير الدولية، في قلب واحدة من أجمل مناطق جورجيا.

كهف بروميثيوس Prometheus Cave
يقع الكهف في إقليم إيميريتي بالقرب من مدينة كوتايسي، ويُعد من أكبر الكهوف المكتشفة في جورجيا، حيث يمتد لمسافة تتجاوز 1.4 كيلومتر، ويضم ست قاعات طبيعية ضخمة تتميز بصواعدها وهوابطها التي تشكلت عبر ملايين السنين، وتتنوع ألوانها وسط أنظمة إنارة حديثة تمنح الزائر تجربة تفاعلية مذهلة.
يواصل كهف بروميثيوس أحد أبرز المعالم الطبيعية في غرب جورجيا، استقطاب الزوار من مختلف دول العالم سنويا يفوق مائتين الف زائر ليحجز مكانه كأحد أهم مواقع السياحة البيئية في منطقة القوقاز، بفضل تكويناته الجيولوجية الفريدة وتاريخه المرتبط بالأساطير القديمة.
ويمنح كهف بروميثيوس لزواره تجربة سياحية متكاملة تشمل جولات سيرًا على الأقدام داخل ممرات الكهف، بالإضافة إلى رحلة بالقارب داخل جزء مغمور بالمياه، وهو ما يجعله مقصدًا رئيسيًا لعشاق المغامرة، ومحبي الاستكشاف الجيولوجي، وهواة تصوير الطبيعة.
ويؤكد المختصون أن كهف بروميثيوس يُعد نموذجاً حياً على التنوع البيئي النادر في جورجيا، والذي يدعم صناعة السياحة الوطنية، ويعزز حضور البلاد كوجهة عالمية لعشاق الطبيعة والكهوف.




