الصين مع المملكة العربية السعودية تسير جنبا إلى جنب للمستقبل المشرق
جدة – خالد الجعيد:
عقد اليوم القنصل الصيني السيد وانغ تشي مين بمقر القنصلية بجدة مؤتمر صحفي تحدث فيه عن قوة العلاقات بين البلدين ومدى التطور خلال السنين الماضية في جميع القضايا الإقتصادية والإجتماعية وأكد سعادته على روعة الخدمات المقدمة للحجاج في المدينة المنورة ومكة المكرمة وهذا العام سيصل عدد حجاج الصين الى 10189 حاج. بعد ذلك تحدث سعادته عن محاور المؤتمر التالية:
منتدى التعاون بين الصين والدول العربية
يعد تأسيس منتدى التعاون بين الصين والدول العربية قرارا استراتيجيا اتخذتها الصين والدول العربية انطلاقا من التطور الطويل الأمد للعلاقات الصينية العربية. في يوم 30 يناير لعام 2004، أعلنت الصين وجامعة الدول العربية بشكل مشترك عن تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي، وأصدرتا “بيان مشترك بشأن تأسيس منتدى التعاون بين الصين والدول العربية”. وفي يوم 14 سبتمبر لعام 2004، انعقدت الدورة الأولى للاجتماع الوزاري للمنتدى في مقر جامعة الدول العربية، الأمر الذي رمز إلى تفعيل المنتدى بشكل رسمي، ويكون هدفه تعزيز الحوار والتعاون بين الصين والدول العربية وتدعيم السلام والتنمية.
بعد التطور والبناء على مدى السنوات العشرين المنصرمة، تم إنشاء في إطار المنتدى 19 آلية تغطي مجالات واسعة النطاق مثل السياسة والاقتصاد والتجارة والطاقة والثقافة والعلوم والتكنولوجيا والصحة والإعلام ويشمل الاجتماع الوزاري واجتماع كبار المسؤولين والحوار السياسي الاستراتيجي على مستوى كبار المسؤولين وندوة العلاقات الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية والمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية ومؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب وندوة الاستثمار ومؤتمر التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة ومهرجان الفنون العربية / الصينية وندوة التعاون الصيني العربي في مجال الإعلام ومؤتمر الصداقة الصينية العربية وغيرها من الإطارات. لغاية عام 2024، أصدر المنتدى 85 وثيقة ختامية من الأنواع المختلفة، وأصبح أداة فعالة لإثراء مقومات علاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية والدفع بالتعاون العملي بين الصين والدول العربية، ومنصة مهمة للحوار على قدم المساواة وتدعيم التعاون العملي بين الجانبين الصيني والعربي، وقدم مساهمات بارزة في تعزيز العلاقات الصينية العربية.
في ديسمبر عام 2022، انعقدت القمة الصينية العربية الأولى في الرياض بنجاح، بحضور الرئيس شي جينبينغ وقادة الدول العربية، حيث اتفقوا بالإجماع على العمل بكل الجهود على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد. وتبنت القمة ثلاث وثائق ختامية وهي “إعلان الرياض – القمة الصينية العربية الأولى” و”الخطوط العريضة لخطة التعاون الشامل بين الصين والدول العربية” و”وثيقة تعميق الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية من أجل السلام والتنمية”. استخلص الرئيس شي جينبينغ في كلمته روح الصداقة الصينية العربية المتمثلة في “التضامن والتآزر والمساواة والمنفعة المتبادلة والشمول والاستفادة المتبادلة”، وطرح “الأعمال الثمانية المشتركة” للتعاون العملي التي تغطي مجالات عديدة مثل تدعيم التنمية والأمن الغذائي والصحة والتنمية الخضراء والابتكار وأمن الطاقة والحوار بين الحضارات وتأهيل الشباب والأمن والاستقرار. بعد القمة، يعمل الجانبان الصيني والعربي على تنفيذ مخرجات الدبلوماسية على مستوى القمة، وحققا إنجازات مهمة باستمرار. قد ضخت القمة الصينية العربية الأولى قوة دافعة كبيرة لتطور العلاقات الصينية العربية وبناء المنتدى في المرحلة الجديدة.
قد أصبح التعاون في بناء “الحزام والطريق” توافقا مهما للتعاون العملي الصيني العربي في إطار المنتدى. ووقّعت الصين مع 22 دولة عربية مجتمعةً وجامعة الدول العربية على وثيقة التعاون بشأن بناء “الحزام والطريق”، الأمر الذي حقق “تغطية شاملة”. قد تم تنفيذ أكثر من 200 مشروع ضخم بالإجمال في إطار التعاون الصيني العربي لبناء “الحزام والطريق”، حيث استفاد حوالي ملياري نسمة للجانبين من نتائج التعاون.
أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية لسنوات عديدة متتالية. ارتفع حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية من 36.7 مليار دولار أمريكي في عام 2004 إلى 398.1 مليار دولار أمريكي في عام 2023، أي بزيادة 10 أضعاف. منذ زمن طويل، تشكّل واردات الصين للنفط الخام من الدول العربية نصف مجموع وارداتها من العالم، حتى تسجل 260 مليون طن في عام 2023. كما أجرى الجانبان التعاون في مجال الغاز والنفط بمجرياته الكاملة، مثلا في السعودية قاما البلدان بالتعاون بإنشاء مصفاة ينبع، ومشروع المجمع المتكامل للتكرير والبتروكيماويات في مدينة بانجين بمقاطعة لياونينغ الصينية، ومشروع فوجيان المشترك والمتكامل للتكرير وإنتاج الإيثيلين، وفي مجال الطاقة الجديدة مثل مشروع مدينة البحر الأحمر الجديدة لتخزين الطاقة لدعم الجانبين في تحول الطاقة والتنمية المتنوعة.
تتنوع مقومات التواصل الثقافي بين الصين والدول العربية باستمرار، مما شكل مشهدا متنوعا ومتفاعلا ورائعا للتواصل الشعبي والثقافي. رد الرئيس شي جينبينغ أكثر من مرة على رسائل ممثلي أصدقاء الصين في الدول العربية، مما حدد الاتجاه للتواصل الشعبي والثقافي بين الصين والدول العربية. في ديسمبر عام 2022، شجع الرئيس شي جينبينغ الشباب السعوديين على تعلم اللغة الصينية على نحو جيد وتقديم مساهمات جديدة لتعزيز الصداقة الصينية السعودية والصداقة الصينية العربية في رده على رسالة الممثلين لدارسي اللغة الصينية في السعودية. في نهاية عام 2023، تم إدراج اللغة الصينية في المناهج الدراسية الوطنية بشكل رسمي في 6 دول عربية وهي الإمارات والسعودية وفلسطين ومصر وتونس وجيبوتي، وقامت الصين بإنشاء 21 معهد كونفوشيوس وفصلي كونفوشيوس بالتعاون مع 13 دولة عربية، وأقامت علاقات التوأمة مع 47 مدينة في 13 دولة عربية.
ستعقد الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي قريبا، إن الجانب الصيني على استعداد للعمل سويا مع الجانب العربي على مواصلة تكريس روح الصداقة الصينية العربية، واغتنام فرصة انعقاد هذه الدورة للاجتماع الوزاري، للاستمرار في إثراء وتعميق معادلة التعاون الصيني العربي الشاملة الأبعاد والمتعددة المستويات والواسعة المجالات، وتعزيز بناء المنتدى باستمرار، وبناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك على مستوى أعلى، بما يسهم في تعزيز التضامن والتعاون بين الدول النامية وتقديم المساهمة الصينية والعربية المطلوبة لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
موقف الصين في قضية تايوان
إن عزم الحكومة الصينية والشعب الصيني على تحقيق إعادة توحيد الوطن راسخ. منذ وصول الحزب الديمقراطي التقدمي التايواني إلى السلطة في عام 2016، رفضت سلطات تايوان الاعتراف بمبدأ صين واحدة و”توافق عام 1992″ واتبعت بعناد الخط الانفصالي المتمثل في “استقلال تايوان” وتتواطأ مع القوى الخارجية. تتجاهل هذه القوى الرأي العام على جانبي مضيق تايوان، وتستخدم كل الوسائل للعب “بطاقة استقلال تايوان”، وتتدخل بشكل صارخ في الشؤون الداخلية للصين، وتستخدم تايوان كـ”بيدق” للحد من تنمية الصين وتقدمها وعرقلة تحقيق النهضة العظيم للأمة الصينية. وهذا هو السبب الجذري للتوتر في العلاقات وتدمر السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان في السنوات الأخيرة. إن “مبدأ صين واحدة” هو الأساس السياسي للصين لإقامة علاقات دبلوماسية مع الدول الأخرى. في أكتوبر 1971، أصدرت الجمعية العامة السادسة والعشرون للأمم المتحدة القرار رقم 2758، الذي أوضح أن حكومة جمهورية الصين الشعبية هو “الممثل المشروع الوحيد للصين في منظمة الأمم المتحدة”، مما يشير إلى أن تايوان ليست دولة ويؤكد وضع تايوان غير سيادية. منذ عام 2016، قررت 11 دولة قطع ما يسمى “العلاقات الدبلوماسية” مع تايوان وإقامة أو استئناف العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية على أساس مبدأ صين واحدة. حتى الآن، أقامت 183 دولة علاقات دبلوماسية مع الصين. لقد أظهرت الحقائق بشكل كامل أن التمسك بـ “مبدأ صين واحدة” هو تيار تاريخي لا يمكن إيقافه.
التنمية عالية الجودة في الصين ستوفر فرصا جديدة للاستثمار من الدول الأجنبية في الصين
قد أصبحت الصين حاليا شريكا تجاريا أساسيا لأكثر من 140 دولة ومنطقة، وانخفض متوسط مستوى الرسوم الجمركية إلى 7.3 %. خلال الأعوام الخمسة الماضية، بلغ معدل العوائد للاستثمار الأجنبي المباشر في الصين 9.1 %، الأمر الذي يعد مستوى مرتفعا في المجتمع الدولي.
وشهد 2023 تأسيس ما يقرب من 54 ألف مؤسسة شركة أجنبية، بزيادة 39.7 % على أساس سنوي. منذ العام الماضي، نفذت الصين 59 إجراء سياسيا لتحسين بيئة الاستثمار الأجنبي وجذب الاستثمار الأجنبي، وقد تم التنفيذ وتحقيق تطور مرحلي لـ38 مشروعا من بينها. وستقوم الصين باتخاذ الإجراءات الداعمة لتدفق البيانات العابر للحدود وتسهيل وصول الأجانب إلى الصين، وتعزيز المعاملة المتساوية للشركات المحلية والأجنبية في المشتريات الحكومية وإعلان المناقصات ووضع المعايير، ما يضمن المعاملة الوطنية للشركات الأجنبية بشكل كامل.
استثمارات الصين في السعودية
في الوقت الحاضر، قد أصبحت السعودية البوابة المفضلة للشركات الصينية لدخول سوق الشرق الأوسط والخليج. وفي الأعوام الأخيرة، حققت الصين و السعودية تقدما عميقا في البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق، وقد أسهمت مبادرة الحزام والطريق في تسريع مواكبتها لرؤية السعودية 2030، وقد تحول التعاون بين الجانبين في مجالات الاقتصاد والتجارة، والاستثمار تدريجيا من التركيز على التعاون في مجال الطاقة إلى تطوير التعاون في مجالات أخرى متعددة. إن الاقتصادين الصيني والسعودي متكاملان إلى حد كبير ويتمتعان بإمكانات هائلة للتعاون في شتى المجالات. سيستمر حجم الاستثمار المتبادل بين البلدين في التوسع في المستقبل.
مع تعمق التقدم في برنامج رؤية 2030، سيوفر التحول المتنوع لاقتصاد السعودية فرصا استثمارية ضخمة للشركات الصينية للاستثمار فيها. وفي مجال الطاقة المتجددة، فإن صناعات الطاقة الكهروضوئية وطاقة الرياح في الصين لا مثيل لها في العالم، وتعمل الشركات الصينية على زيادة الاستثمار بشكل مستمر في المجالات ذات الصلة في السعودية، وفي المجالات المتعلقة بالتكنولوجيا والصناعات الجديدة، أنشأت مؤسسات متخصصة في الأعوام الأخيرة لتعزيز تنمية الصناعات ذات الصلة، وتعد الصين رائدة عالميا في العلوم والتكنولوجيا في المجالات المذكورة أعلاه، وستزيد من استثماراتها في السعودية مستقبلا.
حجم التبادل السياحي بين الصين والسعودية
في 2023، قام أكثر من 30 ألف مواطن سعودي بزيارة الصين، كما أتى مئات الآلاف من المواطنين الصينيين إلى السعودية للسياحة وممارسة التجارة في الفترة نفسها. في سبتمبر العام الماضي، وقعت الصين والسعودية مذكرة التفاهم ومن خلالها تصبح السعودية رسميا وجهة رئيسة للرحلات الجماعية الصينية. وكما شهدت الأشهر الأخيرة زيادة عدد السياح الصينيين السريعة.
قد أطلقت الخطوط الجوية السعودية رحلات مباشرة بين جدة والرياض وبكين في يوليو من العام الماضي، كما قد فتحت شركات الطيران الصينية مثل خطوط جنوب الصين الجوية وخطوط شرق الصين الجوية رحلات جوية مباشرة جديدة بين البلدين في هذا الشهر. وفي الآونة الأخيرة، قامت الحكومة الصينية باتخاذ سلسلة من التدابير لتسهيل وصول الأجانب إلى الصين، بما في ذلك الإجراءات المتعلقة بالقيام بالأعمال التجارية أو الدراسة أو السياحة للأجانب في الصين وغيرها من المجالات. نحن نرحب بمزيد من المواطنين السعوديين لزيارة الصين.
تعليم اللغة الصينية في المدارس والجامعات السعودية
خلال زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للصين عام 2019، تم الإعلان عن إدراج اللغة الصينية في النظام التربوي التعليمي السعودي، وتزايد بعد ذلك بشكل ملحوظ إقبال السعوديين على تعلم اللغة الصينية. وفي عام 2022، خلال زيارة فخامة الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى المملكة، تم توقيع مذكرة التفاهم بشأن التعاون التعليمي في مجال اللغة الصينية، بين وزارة التربية والتعليم الصينية ووزارة التعليم السعودية. ثم في شهر أكتوبر من العام الماضي، خلال زيارة وكيل وزارة التعليم السعودية إلى الصين، تم توقيع برنامج تنفيذي لتعزيز التعاون في تعليم اللغة الصينية بين الجانبين.
كما تم إطلاق تخصصات اللغة الصينية في أربع جامعات سعودية في الوقت الراهن، وتدشين وتشغيل معهد كونفوشيوس في جامعة الأمير سلطان، وتزايدت أعداد المدارس والمؤسسات الاجتماعية في فتح مقررات اختيارية للغة الصينية.
السيارات المستوردة من الصين إلى السعودية
في عام 2023، بلغت القيمة الإجمالية لواردات السعودية من السيارات والمنتجات ذات الصلة من الصين 4.12 مليار دولار أمريكي. باعت علامتا السيارات الصينيتان شانجان وجيلي 32,485 و28,589 سيارة في سوق السعودية، لتحتلا المركزين السادس والسابع. وفي الأعوام الأخيرة، تطورت صناعة سيارات الطاقة الجديدة في الصين بشكل سريع. وفي 2023، وصل حجم صادرات الصين من السيارات إلى 4.91 مليون سيارة، لتصبح أكبر مصدر للسيارات في العالم لأول مرة، بما في ذلك 1.203 مليون سيارة طاقة جديدة، بزيادة سنوية قدرها 77.6 %.وتقترح رؤية 2030 السعودية أن يصل عدد السيارات الكهربائية في العاصمة الرياض وفي المدن الرئيسية مثل جدة والدمام إلى 30 % على الأقل بحلول 2030، لكن معدل انتشار المبيعات الحالي لسيارات الطاقة الجديدة في السعودية أقل من 1 %. ولذلك، على المدى الطويل، هناك مجال كبير لماركات السيارات الصينية لزيادة حصتها في السوق في السعودية. وفي الختام دعا سعادة القنصل الحضور لتناول وجبة الغداء الصينية مع مناقشة الحوارات السابقة بشكل مفصل.