مقالات

جار الله التميمي .. صاحب الكاريزما و رجل المبادرات في الستينات (2-2)

بقلم  – خميس بن عبدالرحمن الهزيم:

نواصل اليوم كيف نجح جار الله التميمي صاحب الكاريزما والمبادرات الرياضية في استثمار جميع الطاقات الابداعية لدى الشباب حيث كان نادي الشعلة بالخبر شعلة من النشاط الإجتماعي والرياضي بالرغم من قلة الموارد المالية وربماندرتها، ساهم في توهج هذه الشعلة قياداته العليا أمثال محمد الخزيم وحامدالنحاس يرحمهم الله، ومن جهة أخرى بساطة وطيبة قلوب شبابها وحرص رجالها على التجمع والإلتقاء بعيداً عن التحزبات التي لم ينزل الله بها من سلطان.وما يميز نادي الشعلة في ذلك الوقت وجود مجموعة من اللاعبين الذين كانوا يدرسون في الخارج لمواصلة تعليمهم الجامعي أمثال عبد الله جمعه وعبد المحسن المشيقح ويوسف البسام واحمد سعد النصار وطامي سعد النصار وعدنان جمعه وخالد الزاملوغيرهم ممن لا تسعفني الذاكرة على استحضار أسماءهم الآن، حتى أن البعض كان يطلق على نادي الشعلة بفريق المثقفين أو الجامعيين بدليل أن معظم اللاعبين والمحبين للنادي أصبحوا من حملة الشهادات الجامعية وتقلدوا مناصب قيادية كما أسلفت.

عمل  جارالله التميمي شخصيتنا البارزة في ذلك الوقت كمذيع ومقدم برامج في تلفزيون أرامكو الوحيدالذي كان يستمتع بمشاهدته سكان المنطقة الشرقية وبعض دول الخليج العربي, حيث كانت له القدرة والاحترافية على التحدث ومواجهة الجمهور، ساعده في ذلك خلفيته العلمية المتميزة وطموحه المتجدد في ذلك الوقت بالإضافة الى ذلك عمل معلقاً رياضياًعلى المباريات التي كان ينقلها تلفزيون أرامكو  كما عمل في الخطوط السعودية لفترة من الزمن ثم أنهى مسيرته  العملية في شركة علي التميمي

وبالرغم من ارتباطاته العملية والأسرية كان صاحب مبادرات لم يتردد في تقديمها بحماس  من أجل رفعة نادي الشعلة  عن النمطية التي كانت تسيطر على أغلب الأندية في المنطقة وغيرها ومن هذه المبادرات على سبيل المثال لا الحصر:

1_ إصدار نادي الشعلة صحيفة شهرية حائطية ضمن نشاطه الثقافي في منتصف الستينات من القرن الماضي وأذكر أن رئيس التحرير كان الزميل اللاعب إبراهيم المطرف الذي أصبح فيما بعد دكتوراً في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وكاتب ومحلل للشؤون السياسية.كذلك عمل الدكتور صالح الدوسري في تحرير نفس الصحيفة الحائطية وكان الأخ عبد الله عبد الرحمن الشافعي هو من يقوم بكتابتها وإخراجها لبراعته وجمال خطه.

2_ إشراك اللاعبين والمشجعين في الإجتماع العام لاختيار أعضاء الإدارة، وأذكر جيداً أننا ضمن أشبال الشعلة وهي مرحلة عمرية صغيرة شاركنا في الاجتماع العام لإنتخاب الرئيس وأعضاء مجلس الإدارة، وأعتقد أنها بادرة ربما سبقت الشعلة بقية الفرق في المملكةفي تطبيقها وكان ذلك واضحاً بتأثير وتوجيه ومتابعة من جارالله التميمي الذي كان همه الخروج عن النمطية والأساليب التقليدية في إدارة دفة النادي.

3_ فكرة تكريم اللاعب المثالي والمتميز في المباراة، ويتم ذلك التكريم في أول تمرين على ملعب الفريق بتقديم هدية تذكارية له مع كلمة ثناء أمام زملائه اللاعبين وبحضور الجمهور والمشجعين الذين يحرصون على حضور تمارين الفريق.

4_ طبق نادي الشعلة فكرة توديع اللاعبين الذين يسافرون للخارج للدراسة في الستينات من القرن الماضي وذلك بإقامة حفل مسائي يتم فيه توديع اللاعب بشكل رسمي مع تقديم هدية له بعد كلمة للرئيس أو نائبة بحضور اللاعبين والمشجعين، وقد حضرت شخصياً حفل توديع اللاعب المتميز الأخ أحمد سعد النصار الذي أتيحت له الفرصة لمواصلة الدراسة الجامعية في أمريكا في منتصف الستينات،وأكاد أجزم أن صاحب هذه الفكرة وغيرها هو جار الله التميمي.

5_ كان للنادي السبق في الاهتمام باللاعبين المصابين في المباريات أو التمارين حيث يتم تحويلهم للعلاج في أحد المراكز الطبية في مدينة الخبر.

6 _ يمكن القول أن نادي الشعلة في الخبر من الأندية القلة في المنطقة التي تخطت الحدود الجغرافية وقام برحلة برية الى قطر  من أجل إقامة

مباراتين مع   منتخب قطر وفريق ا لنجاح في عام 1966 ميلادية والجميل في الأمر أن الرحلة شملت العديد من المحبين والمشجعين للنادي من غير اللاعبين بالرغم من قلة الإمكانيات المادية ووعورة الطريق المؤدي الى قطر في ذلك الوقت.

7 ­ _كان له دور بارز في اكتشاف وتشجيع عدد من اللاعبين المتميزين الذين أصبح لهم شأن في الرياضة على مستوى المملكة مثل ناصر عيد  ( رايلي ) الذي أصبح اول هداف  في الدوري السعودي وعبدالرحمن بشير وعوض النوبي  اللذان لعبا  كمحترفين في فريق الهلال في الرياض .

اما فيما يتعلق  بعلاقته بأبناء الخبر الجنوبية  ( الصبيخة ) فهي أيضاً لها وقفات راسخة في ذاكرة الكثير من أبنائها ,حيث كانت له طلةشبه يوميه عليهم  في دكة تجمعهم في دكان عبدالكريم الخضر يرحمه الله يمازحهم ويلاعبهم ويحفزهم ويوجههم بأسلوبه وطريقته المحببة للنفس، وقد وفق في ذلك كثيراً، كانوا ينتظرون مجيئه بسيارته البيجو ذات اللون الرمادي لأنه كان يضفي على مجالسهم العشوائية البسيطة الكثير من المتعة والسرور الممزوجة بالتوجيه والإرشاد وخاصة فيما يخص الدراسة والاهتمام بها,وأعتقد أنه نجح كثيراً في تشجيع و ابراز عدد منهم في مجال كرة القدم السعودي كما ذكرنا, أمثال ناصر عيد ( رايلي ) وجارالله هو من أطلق عليه هذا الاسم  نسبة إلى اللاعب الانجليزي المشهور  رايلي في الستينات . يقول أحد أبناء ذلك الجيل يوسف ياقوت الذي اصبح كابتن فريق منتخب جامعة الرياض على مدى سنتين عام 1395 والذي حصل على وسام الحرس الوطني كأحسن لاعب في  الجامعة عام 1396ه في دورة الهيئات  والمؤسسات يقول : لا يمكن أن أنسى جارالله ووقفاته التحفيزية  معنا ونحن صغار سواءً الدراسية أو الرياضية ,فقد كان يحرص على حضور ومتابعة مبارياتنا في دوري الحواري على الكورنيش أو في داخل حواري الخبر حتى المنافسات والأنشطة المدرسيةالتي كانت تقيمها  مدرسة الصديق كانت من ضمن اهتماماته ومتابعته الشخصية.أما عوض النوبي فيقول كانت العراق وجهتي لإكمال دراستي الجامعية ولم تكن لدي الخلفية الواضحة عن تقلبات الأوضاع هناك والتي قد تؤدي الى توقف الدراسة من وقت لآخر ,  لكن مشورة الأخ جارالله وتوجيهاته وإلمامه بالمتغيرات السياسية آن ذاك جعلتني أحول وجهتي الى الرياض ثم أمريكا لإكمال دراستي الجامعية ,وفيما بعد أيقنت أن توجيهات الأخ جارالله كانت صائبة.  ويضيف الياقوت: أنا أعتقد أن جارالله التميمي ظهر قبل زمانه، فلو كان هناك أعلام أو إمكانيات مادية مسخرة للشباب كما هو الحال اليوم لكان له شأن وتأثير آخر، ليس على مستوى الخبر فقط،وإنما على مستوى المملكة.

أقول كثيرٌهم الذين تأثروا بتوجيهاته وارشاداته ودعمه المعنوي، لا يسع المجال لذكرهم، ومن لمساته الإنسانية في ذلك الزمان أنه كان لا يتردد في دخول بيوتهم المتواضعة بل ومشاركتهم أطعمتهم وكان يتلذذ بذلك،الأمر الذي يشعرهم ليس بالسعادة فقط وإنما بأنه قريب منهم.

يكاد يجمع أبناء الخبر الذين عايشوا الستينات من القرن الماضي وخاصة المحبين لنادي الشعلة بأن جارالله التميمي أحد الأعمدة البارزة والمؤثرة في المسيرة الرياضية والاجتماعيةالتي عايشها أبناء الخبر والتي أطلق عليها المهتمين بتاريخ الخبر بأنها الفترة الذهبية التي شهدت تطوراً ملحوظاً في الجانب الاقتصادي والعمراني وغيره والتي وثقها الكاتب الدكتور عبد الله المدني في كتابه المتميز (الخبر الله يا وطر مضى)

بقي أن نتذكر أن جارالله هو من أقترح إسم القادسية للنادي الوحيد في الخبر بعد دمج فريقي الشعلة والوحدة عام 1967م

اعتزل صاحبنا الحياة الاجتماعية والرياضية بعد أن قدم جهوداًفردية ومبادرات مميزة منأجل شباب الخبر الرياضيين، وخاصة فريق الشعلة ومن بعده القادسية ستظل في ذاكرة الأوفياء لهذا الجزء من وطننا الغالي (الخبر). اعتزل صاحبنا دون أن يحظى بأي نوع من التكريم على المستوى الاجتماعي أو الرسمي ولم يكن يسعى له بل لم يكن حتى من عاشر اهتماماته.

لقد غبت أو تواريت عن المشهد الاجتماعي و الرياضي في مدينة الخبر ولكنك يا أبا محمد في قلوب من عاصروك وعاشوا معك في تلك الفترة مازالوا يكنون لك الحب  والتقدير وما التفافهم حول ديوانيتك المفتوحة طيلة الأسبوع الا دليل على ذلك.

شكراً جارالله التميمي من الأعماق ولسان حال أبناء الخبر من جيل الستينات يقول كنت ولا زلت وستظل رمزاً للعطاء الرياضي والاجتماعي في الخبر الحبيبة.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى