“العدل الدولية” تعقد جلسة الاستماع الأخيرة بشأن التبعات القانونية الناشئة عن الاحتلال
لاهاي – واس:
اختتمت محكمة العدل الدولية في لاهاي، مساء اليوم، جلسات الاستماع العلنية بشأن التبعات القانونية الناشئة عن سياسات كيان الاحتلال الإسرائيلي، وممارساته في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
وتأتي جلسات الاستماع العلنية، في سياق طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة الحصول على رأي استشاري من العدل الدولية حول آثار الاحتلال الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من 57 عاماً.
وقال ممثل إسبانيا في مرافعته أمام المحكمة: إن على كيان الاحتلال الإسرائيلي الالتزام بالقانون الدولي، ووقف انتهاكاته في الأراضي المحتلة، ودعا الدول التي تدعم كيان الاحتلال الإسرائيلي إلى وقف دعمه، كي لا تستمر باحتلاله.
وأضاف: بعد 20 عاماً على قرار محكمة العدل الدولية بخصوص جدار الفصل العنصري، لم يتغير الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبقي كيان الاحتلال الإسرائيلي يمارس نفس السياسات، داعياً إلى تطبيق قرار مجلس الامن 2334، الذي صدر عام 2016، بشأن الاستيطان.
وأكد أهمية اصدار محكمة العدل الدولية رأيها الاستشاري بناء على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة وفقاً لولايتها واختصاصها ودون التأثر بأي أمر خارجي.
وأشار إلى أن الاحتلال ينتهك مبادئ القانون الدولي، وعلى الدول أن تلزم كيان الاحتلال الإسرائيلي بميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد أنه لا يحق لأي دولة أن تحتل أي أرض بالقوة.
وشدد على أن غزة هي جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ويجب على كيان الاحتلال الإسرائيلي أن ينسحب منها، مشيراً إلى أنه منذ انساحبه الأحادي من غزة عام 2005 بقي كيان الاحتلال الإسرائيلي بسيطر على الحدود والشواطئ، في انتهاك واضح للقانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة.
ولفت الانتباه إلى أن كيان الاحتلال الإسرائيلي لم ينفذ ما جاء في رأي المحكمة الاستشاري المتعلق بالجدار عام 2004، الذي أكد أن الجدار غير قانوني ويهدف إلى ضم الأراضي الفلسطينية وتغيير التركيبة الديمغرافية، في انتهاك للقانون الدولي وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
وشدد على أن كيان الاحتلال الإسرائيلي بستمر بوضع العقبات أمام أي حل نهائي، ويمنع السلطات الفلسطينية من ممارسة عملها، وينتهك حقوق الإنسان الفلسطيني، ويقوم باعتقال المواطنين وسجنهم سجناً إدارياً دون محاكمتهم.
وتطرق ممثل إسبانيا إلى القيود التي يفرضها كيان الاحتلال الإسرائيلي على حرية الحركة للفلسطينيين، ومنعهم من حق السكن في الأرض المحتلة، كذلك ما يواجهونه من صعوبات في الحصول على المياه والحرمان من الحق في الخدمات الصحية، وغيرها من الخدمات الأساسية.
وأوضح أن اتفاقية جنيف الرابعة تنطبق على كافة الأراضي المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، وأن الاتفاقية تؤكد حظر نقل السكان وأي إجراءات لترحيل المواطنين الأصليين.
وبين أن بناء المستوطنات يهدف إلى التغيير الديمغرافي في الأراضي المحتلة وهو ما يخالف المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، وأن عمليات الهدم والإخلاء القسري للفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال والاعتداء عليهم وإجبارهم على النزوح، جميعها انتهاكات للقانون الإنساني الدولي.
فيما أكد ممثل جمهورية فيجي أن بلاده تدعم كل الجهود التي تهدف إلى إقامة سلام عادل شامل دائم للفلسطينيين والإسرائيليين، على أساس الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
ودعا المحكمة إلى تعزز أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وفقاً للمادة الأولى من الميثاق بتطوير أو بناء علاقات ودية بين الدول تقوم على احترام مبادئ حق تقرير المصير والحقوق المتساوية.
كما أكدت ممثلة المالديف، حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وأن القانون الدولي يمنع استعمال القوة لانتزاع الأراضي بالتهديد أو استخدام القوة، إلى جانب أن الاحتلال يجب أن يكون مؤقتاً، وبالتالي الادعاء بالحق بالدفاع عن النفس ينبغي أن يكون متناسباً، وانطلاقاً من هنا فإن القوة المحتلة لا يمكنها أن تعتدي على هذه الحقوق من خلال الضم.
وأضافت، “مع ذلك فإن إسرائيل قد ضمت جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة سواءً من خلال القوانين أو الضم الفعلي لتوجد الأمر الواقع كما أشارت إلى ذلك العديد من الهيئات الأممية”.
وأوضحت أن حرمان غزة من الموارد المائية وتدميرها مظهر من مظاهر الضم وجميع الأعمال التي قام كيان الاحتلال الإسرائيلي يعني أن نيته فرض سلطتها والاستيلاء على تلك الأراضي بشكل دائم، مشيرةً إلى أن توسيع المستعمرات مظهر آخر من مظاهر الضم، حيث أصبح الفلسطينيون يعيشون في قطع أراضٍ متباعدة، وهو ما يظهر ممارسات كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي ينتهك حق تقرير المصير، والذي لا يمكن ممارسته أمام محتل ينزع أراضي الفلسطينيين.
وبينت أن السياسات والممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تنتهك القانون، وعلى كيان الاحتلال الإسرائيلي أن يحترم واجباته كما ينص عليها القانون الإنساني الدولي، الذي يتضمن حماية الخاضعين للاحتلال، واستمرار تطبيق القانون الإنساني الدولي.
وأشارت ممثلة المالديف إلى أن هناك أمثلة عديدة لانتهاك كيان الاحتلال الإسرائيلي القانون الإنساني الدولي أمام المحكمة، خاصة بالنسبة لسياسات الاستيطان، إلى جانب مجموعة من الانتهاكات لمعاهدة جنيف الرابعة وغيرها من المعاهدات الدولية، حيث أن كيان الاحتلال الإسرائيلي بنتهك القانون الذي يمنع تدمير المنشآت المدنية، وينتهك منع الاعتداء على الممتلكات وضرورة المحافظة على المنشآت والمؤسسات الصحية، مما يوصل إلى قلق متعلق بنقص المياه الصالحة للشراب وخاصة بالنسبة للأطفال، إضافةً إلى أن سياسات وممارسات كيان الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي المحتلة ينتهك حقوق الإنسان وخاصة منع التمييز العنصري في الأراضي المحتلة.
وطلبت رأي المحكمة في العواقب القانونية لانتهاكات كيان الاحتلال الإسرائيلي للقانون الإنساني الدولي واحتلاله للأراضي الفلسطينية، والقوانين العنصرية، مشيرةً إلى أن الدول المتحدثة كانت واضحة بشكل غير مفاجئ، لأن المبادئ ثابتة في القانون الدولي وفي فقه القضاء أيضاً، مؤكدة أن كيان الاحتلال الإسرائيلي مجبر على أن يتوقف عن أعماله غير القانونية.
وأكدت أن على كيان الاحتلال الإسرائيلي أن ينهي احتلاله، وأن الجمعية العامة أشارت إلى ضرورة أن يتم إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بالسرعة الممكنة، وأن عليه أن يفكك الجدار الفاصل وكل ما يتعلق به، إلى جانب أنه في الوقت الذي سينهي كيان الاحتلال الإسرائيلي أعماله، يجب أن يقدم ضمانات بعدم تكرارها، إضافةً إلى توفير تعويضات مناسبة والاعتراف بمخالفاته والاعتذار رسمياً.
وأضافت أن هناك واجبات على الدول الأعضاء في معاهدة جنيف الرابعة وأن عليها مسؤولية في أن تحاكم أو تنفي مرتكبي الجرائم.
وأوضحت أن الجمعية العامة طلبت من المحكمة في سؤالها الثاني “كيف أن ممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة تؤثر على الوضع القانوني؟”، مشيرةً إلى أنه تم الحديث عن العديد من المظاهر غير القانونية لممارسات إسرائيل، وجميع تلك الأعمال تجعلها مسؤولة كدولة، متسائلة ما الذي يحدد وضع الاحتلال، الذي يتجاوز صفة غير القانونية، وتجعل الاحتلال مستمراً؟.
وبينت أن انتهاكات إسرائيل لا يمكن وضع حد لها إلا بانتهاء الاحتلال، منوهةً إلى أن استمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية يراد به إيجاد مظاهر وتغييرات على الأرض، وبذلك انتهكت منع الاحتفاظ بالأراضي بالقوة العسكرية.
وأكدت أنه ينبغي التحدث عن وضع الاحتلال وانتهاكات حق تقرير المصير، الذي يشمل سلامة الأراضي وسيادة الفلسطينيين عليها، في إشارة إلى أن الاحتلال ينتزع من الفلسطينيين حقهم في أراضيهم ويقسم تلك الأراضي.
واستمعت المحكمة في الجلسة الصباحية اليوم إلى إحاطات كل من: منظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، وتركيا، وزامبيا.
وكانت المحكمة، قد استمعت في اليوم الأول من الجلسات العلنية لمرافعة دولة فلسطين، التي قدمها وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، والفريق القانوني لدولة فلسطين، ومندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور، وألان بيليه.
وفي اليوم الثاني من بدء جلسات المحكمة، استمعت المحكمة إلى إحاطات كل من: جنوب أفريقيا، والجزائر، والمملكة العربية السعودية، وهولندا، وبنغلاديش، وبيليز، وبوليفيا، والبرازيل، وتشيلي.
وفي اليوم الثالث، استمعت المحكمة إلى إحاطة كل من: كولومبيا، وكوبا، ومصر، وروسيا الفيدرالية، وفرنسا، وغامبيا، وغويانا، وهنغاريا.
وفي اليوم الرابع، استمعت المحكمة إلى إحاطات قدمتها، كل من: الصين، وإيران، والعراق، وإيرلندا، واليابان، والأردن، والكويت، ولبنان، وليبيا، ولوكسمبورغ، وماليزيا، وموريشيوس.
وفي اليوم الخامس، قدمت نامبيا، والنرويج، وعمان، وباكستان، وإندونيسيا، وقطر، وسلوفينيا، والسودان، وسويسرا، وتونس، إحاطات إلى المحكمة.
وكانت اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي اللجنة الخاصة بالمسائل السياسية، وإنهاء الاستعمار، قد اعتمدت في الحادي عشر نوفمبر 2022، مشروع قرار قدمته دولة فلسطين لطلب فتوى قانونية ورأي استشاري من محكمة العدل الدولية، حول ماهية وجود الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي في أرض دولة فلسطين بما فيها القدس.