الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يزور الجمهورية الألبانية ويتقلّد أرفع أوسمة ألبانيا
تيرانا – واس:
وصل معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى ، مؤخراً إلى العاصمة الألبانية تيرانا، على رأس وفد من الرابطة , حيث كان في استقباله عدد من الشخصيات الوزارية الألبانية من رئاسة المشيخة الإسلامية ورئاسة القيادات الدينية.
واستقبل فخامة رئيس جمهورية ألبانيا بايرم بيقاي في القصر الرئاسي بالعاصمة “تيرانا” , معالي الأمين العام للرابطة، حيث جرى خلال اللقاء منْحُ معالي الدكتور العيسى أعلى أوسمة الجمهورية الألبانية؛ “وسام الدولة للشخصيات الروحية المؤثرة عالميا”. ودار في اللقاء حوار حول حيثيات تكريم معالي الدكتور العيسى، بوسام الدولة، فيما أكد معاليه أن رابطة العالم الإسلامي، التي يتشرف بخدمتها، حسنة من حسنات المملكة العربية السعودية، أهدتها للعالم الإسلامي، وفي الأفق الإسلامي الواسع “كما هي رسالة الإسلام ورحمته بالعالمين” تعمل الرابطة “ضمن جهودها العالمية” على خدمة الإنسانية جمعاء.
ثم ألقى الدكتور العيسى خطبة الجمعة في الرمز الإسلامي التاريخي الألباني، الذي يتجاوز عمره 200 عام , بناء على دعوة من رئيس المشيخة الإسلامية، والمفتي العام لجمهورية ألبانيا , حيث تحدث فضيلته في خطبته عن قيم الإسلام وسلوك المسلم قائلًا: “في كل مشهد من مشاهد سيرة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم أنموذج عالٍ يجسد قيم الإسلام، كلُّ ذلك في منظومة سجلّ أخلاقيٍّ بلغ به الإسلام مشارق الأرض ومغاربها، سجلٍّ باتَ علامة فارقة في القيم الإنسانية”.
وأضاف “دينُنا له معيار دقيق، فمن تحلىٰ بقيمه فهو مسلم حقّ محسوب على الإسلام والمسلمين، ومن حاد وأبعَدَ مثَّل نفسه، وليس من الإسلام في شيء بقدر بُعده عن دينه” , وكم مسلمٍ تألّف قلوب الآخرين، سواء بقوله الحسن، أو عمله الطيب، أو صفحه الجميل.
وتابع قائلاً ” كثير من الناس يعتبر بسلوكنا في حكمه على ديننا , والمتأمل في نصوص الشريعة يجدها روحًا جامعةً؛ إذ شملت الجميع بحكمتها البالغة، ورحمتها الواسعة، في مقاصد تشريعية بديعة جمعت بين المثالية والواقعية، وبين سعة الدنيا وفلاح الآخرة”.
عقِب ذلك ألقى معالي الأمين العام للرابطة ، محاضرتين منفصلتين، على الأكاديميين والطلبة في “تيرانا”، تحدث فيهما عن الفكر الإسلامي: “تأصيله” و”واقعه” و”تحصينه”، موضِّحًا قواعد مهمة في قراءة نصوص الكتاب والسنة، والكتابات الشرعية والفكرية والتاريخية. راعت المحاضرتان تنوع الخطاب بحسب الاحتياج بين “الأكاديميين” و”الطلبة”، مع ترجمتهما “الاحترافية” للغة الألبانية، وقد جرى التنويه بهما، مع التأكيد على أهمية تعميم مضامينهما.
كما استضافت المشيخة الإسلامية الألبانية، التي يتبعها ٣٥ دار إفتاء، معالي الأمين العام في مقرّها في العاصمة تيرانا.
ورحب رئيس المشيخة بزيارة الدكتور العيسى للبلقان، مبارِكًا النجاحَ الكبير الذي حظي به مؤتمر رابطة العالم الإسلامي لتعزيز السلام والتعايش في البلقان، وبخاصة الأصداءَ الإيجابية الواسعة التي لقيها “إعلان سراييفو” في المنطقة؛ التي تأتي امتدادًا لجهود الرابطة ورسالتها الإسلامية العظيمة في نشر تعزيز التعايش الإنساني، وجهودها الجليلة في مواجهة مختلف أشكال الكراهية والتطرف والإسلاموفوبيا.
وأكد مكانة الرابطة في قلوب المسلمين حول العالم، والأقليات الإسلامية بوجه خاص، إذ كان لجهود الرابطة كبيرُ الأثر في تعزيز حضورهم الإيجابي وتعايشهم في بلدانهم.
من جانبه أكد الدكتور العيسى أن رابطة العالم الإسلامي هي من المسلمين وإليهم، وتعتز بخدمتهم، ولا سيما المشيخات الإسلامية التي تضطلع بمسؤولية كبيرة ودور محوري في تعزيز قيم الإسلام بسماحته واعتداله ورحمته الشاملة، وإبراز هذه الحقائق الناصعة للعالمين.
عقِب ذلك استضافت الطاولة المستديرة لقادة أتباع الأديان في ألبانيا، معالي الدكتور العيسى، وأكد في كلمته أن ألبانيا قدمت أنموذجًا لتعايش تنوعها الديني الذي بات جزءًا لا يتجزأ من قيم الشعب الألباني، فيما تناول عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، والتي دار حولها حوار موسع مع أعضاء الطاولة المستديرة.
ثم حضر معاليه حفل عشاء ، بحضور وزاري ألباني رفيع، وسفير خادم الحرمين الشريفين في تيرانا فيصل بن غازي حفظي، كما حضر اللقاء السفير البابوي للفاتيكان.
عقِب ذلك التقى فضيلته في مقرّ البرلمان بالعاصمة تيرانا، صاحبة المعالي رئيسة برلمان جمهورية ألبانيا لينديتا نيكولا , وجرى خلال اللقاء مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
وأكدت نيكولا التقدير الألباني لزيارة وفد رابطة العالم الإسلامي، وجهودها في تعزيز السلام والتعايش الديني والحضاري في مجتمعات التنوع.
فيما أعرب الدكتور العيسى عن سعادته بزيارة ألبانيا، مثنياً على أنموذجها الدولي المتميز في وئام تنوعه الوطني، ولا سيما التنوع الديني .
كما استقبل دولة رئيس وزراء جمهورية ألبانيا إيدي راما، في مقرّ رئاسة الوزراء بالعاصمة “تيرانا”، معالي الدكتور العيسى، وجرى خلال اللقاء مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، حيث أشاد دولته بالجهود الدولية لرابطة العالم الإسلامي في دعم وئام مجتمعات التنوع الوطني , داعيًا الرابطة لتنظيم مؤتمر دولي في تيرانا، يدعم الحاجة لتعزيز جسور التفاهم والتعاون بين الحضارات، بما يقوّي وعي مجتمعات التنوع الديني والإثني والثقافي حول العالم منطلقًا من تجربة ألبانيا.
وتسلم معالي أمين رابطة العالم الإسلامي “درع التأسيس” رمز الحفاظ على الهوية الإسلامية في جمهورية ألبانيا والبلقان , وذلك عقب زيارته للمدرسة الشرعية في العاصمة تيرانا، إحدى الرموز الإسلامية في جمهورية ألبانيا والبلقان، التي تأسست قبل ١٠٠ عام، ومرت بفترات عصيبة في تاريخ المنطقة.
وقد حث الدكتور العيسى خلال هذه الزيارة أبناءه الطلبة ومعلمي المدرسة، على مواصلة مسيرة المدرسة التاريخية، والتسلح بالعلم والوعي لخدمة بلادهم وأمتهم ورسالة دينهم العظيمة التي جاءت رحمة للعالمين، ثم سلم المخصصات والحقائب المدرسية للأيتام من طلاب المدرسة.