“البشت الحساوي”.. أصالة سعودية ورمزية اجتماعية تعتلي المحافل العالمية
الدمام – واس:
مع مرور عقود من الزمن بقي البشت الحساوي بحياكته اليدوية وصناعته التقليدية؛ مطلبًا للرجال والشباب لارتدائه في المحافل والمناسبات المحلية والخليجية والعربية والعالمية، مفضيًا أناقةً وجمالاً، بما يتميز من تصميم؛ وجودة؛ ودقة عالية التطريز.
وعلى الرغم من تكلفته الباهظة، ودخول الآلات والوسائل الحديثة في تصنيع وإنتاج أنواع المشالح المختلفة؛ ظلت الصناعة اليدوية محافظة على شعبيتها بين الشخصيات والأعيان الكبيرة؛ وأصحاب المناصب الذين يفضلون لباسها بألوانها المتنوعة؛ مع ما تحمله من إرث تاريخي وثقافي ورمزية اجتماعية تعكس صورة وهوية المجتمع في المملكة.
في مدينة الهفوف وتحديدًا بسوق القيصرية، وبين ممراته الضيقة، يقف علي الشهاب ذو الـ27 عامًا، مع أدواته في دكانه الصغير في حياكة البشوت أو المشالح وبيعها، وارثاً هذه المهنة من أبيه عن جده، بعد أن تعامل مع إبرتها وغرزتها وخياطتها صغيراً، ممسكاً بتفاصيلها الدقيقة، ومهارات نقوشها، وتشكليها وتطريزها، مما أكسبه خبرة واسعة في مجال إنتاجها وتجهيزها يدويًا.
وأكد أهمية التأني في العمل، والدقة والتركيز في صناعة البشت يدويًا، منذ البداية وهي الأساس أو القاعدة إلى أن تنتهي من حياكته وتطريزه كاملًا، وهو مما يأخذ وقتًا طويلًا، يستغرق نحو 15 يوميًا أو أكثر، في عمل شاق يمتد لـ 7 ساعات أو أكثر يوميًا؛ لتجويد العمل وإتقانه، بالصورة المطلوبة، وهو مرهق ومتعب بالنسبة للحائك، مع أن دخلها أحيانًا يكون غير مجز، لذلك هناك الكثير من الأجيال الحالية لا تبحث عن هذه الحرف أو المهن ومتاعبها، في ظل وجود وظائف وخيارات أخرى.
وبين الشهاب، أن أسعار البشوت تختلف باختلاف الخام أو القماش ونوع وجودة الزري الذي يتكون من نوعين “ذهبي وفضي”، بعضهم يفضل الجودة العالية أو أقل، ومن أبرز أنواع الأقمشة المطلوبة هي الياباني، والكشميري، والنجفي، والحساوي، والأردني، والسوري، والهندي، فيما تكون الخيوط أو الزري المفضل لدى الكثير هو الألماني وهو السائد، والفرنسي ويكون لونه مختلفًا عن سابقه، والهندي، مشيرًا إلى أن الخيط يكون من ثلاث طبقات، حرير، وفضة، ومطلي بذهب، مبينًا أن متوسط أسعار البشوت تتراوح بين 1200 إلى 10 آلاف ريال وما فوق، وقد تصل إلى 50 ألف ريال.
وأشار إلى أن هناك الكثير من الشخصيات الخليجية والعربية المعروفة، تطلب البشت الحساوي المصنوع يدويًا، مع وجود عدد من الدول المجاورة تصنعه، نظرًا لتميزه، ودقته، ونقوشاته، وهو انعكاس لأهمية القائم بالعمل وهو الحائك من خلال ما يتقنه من مهارة وإبداع في التصميم، والتفنن والدقة في عملية النقش والتطريز، مبينًا أن بعض العوائل فتحت مجالسها لتعليم وصناعة وحياكة المشالح سابقًا، حيث يعود بعضها في ممارسة هذه المهنة إلى 80 عامًا.
ومن أنواع النقوشات التي يرغبها الزبائن، هي الملكي، والمتوسع، والمروبع، والمخومس، والطابوق، وغيرها، حيث يفضل البعض أن تكون النقوشات عريضة في البشت لتضفي جمالًا عليه، مبينًا أن الأدوات المستخدمة هي البطانة وهي القطعة التي تتركب فوق القماش ويتخيط عليها الزري، والقماش، والزري، والإبرة.