في ندوة بمهرجان أصيلة .. المستشار نبيل الحمر يدعو للحوار مغ أوروبا ويؤكد على قدرات الأمة العربية وما يمكن أن تقدمه للبشرية من علم وثقافة
أصيلة – جمال الياقوت:
وأشار إلى أن نوازع القوة والانحدار والخروج من التاريخ في أوروبا وغيرها هو موضوع شائك ومعقد يتعلق بتحوّل الدول والشعوب والتأثيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تؤثر في هذا السياق، كما لا يوجد حاليًا أي دليل على أن أوروبا تخرج من التاريخ أو تنحدر بشكل ما، وأن الواقع أوروبا لا تزال تلعب دورًا هامًا في الشؤون العالمية وتحتفظ بتاريخ غني وتراث ثقافي واقتصادي قوي، ويمكن أن توجد بعض التحديات والمشكلات التي تؤثر على بعض الدول الأوروبية بشكل أكبر من غيرها، وهذا لا يعني انها تدخل في مرحلة الانحدار التاريخي.
وتطرق مستشار جلالة ملك البحرين لشؤون الإعلام إلى مسألة الهجرة واللاجئين، والتي شهدتها أوروبا في السنوات الأخيرة، وهو ما أثر على الاستقرار السياسي والاقتصادي في بعض دولها وظهور التخوف من الصراعات العرقية، حيث إن هناك تحديات سياسية داخلية، وما تعانيه بعض الدول الأوروبية من التوترات السياسية الداخلية والانقسامات الاجتماعية والثقافية التي قد تؤثر على القدرة على اتخاذ قرارات موحدة والتعاون الفعال بين الدول الأعضاء، كما أن تحديات الأمن والتهديدات الإرهابية والجريمة المنظمة والتحديات الأمنية الأخرى قد تعزز المخاوف بشأن استقرار أوروبا وتؤدي إلى التأثير السلبي عليها، وهي مخاوف قد تكون موضع تصورات وآراء مختلفة، وقد تختلف الآراء بين الأشخاص المختلفين بشأن مدى تأثير هذه العوامل ومستوى الخطر الذي قد يشكله على أوروبا.
وسلط الحمر الضوء على مسألة استجدت إثر نشوب الحرب بين روسيا وأوكرانيا؛ إذ أثرت الحرب سلبًا على مبدأ الحريات في أوروبا وعلى المستوى العالمي أيضا، وقد تسببت في انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، كما تعرض السكان المدنيون في المناطق المتأثرة بالصراع لانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل والتهجير.
وفيما يتعلق بالحريات الأساسية؛ أشار الحمر إلى أن الحرب شهدت تقييداً كبيراً لحرية التعبير وحرية الصحافة، وتم تكميم الأصوات المعارضة وقمع حرية الإعلام بين الجانبين، وما يشكله ذلك من ازدواجية في معايير ومبادئ حرية تدفق المعلومات، وأصبحت الدول الأوروبية تمارس ضغوطات غير مسبوقة على المؤسسات الصحفية والإعلامية، وهو إجراء كانت تنتقد فيه سابقاً دول العالم الثالث وتعتبره إجراء متخلف لتلك الدول وطبقت عليها إجراءات قاسية للحد من الإجراءات المقيدة لحرية الصحافة والإعلام.
وعلى المستوى العالمي، ذكر الحمر أن الحرب الأوكرانية الروسية أدت أيضاً إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي وتوتر العلاقات الدولية وتفاقم التوتر بين روسيا والدول الغربية، مما أثر سلبًا على التعاون الدولي وقدرة المجتمع الدولي على التعامل مع قضايا أخرى تتعلق بحقوق الإنسان والحريات، مبيناً أنه ومع ذلك وبمعزل عن ما تقدم، تجب أيضاً الإشارة إلى أن أوروبا لا تزال تستمر في التقدم في العديد من المجالات، إذ لديها اقتصاد قوي ومتنوع، وتلعب دوراً رئيسياً في الابتكار والبحث العلمي، وتحظى بتكامل اقتصادي وسياسي قوي في إطار الاتحاد الأوروبي.
وذكر مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام أن بعد الحرب العالمية الثانية تراجعت القوة الاقتصادية والسياسية لأوروبا بشكل عام، بينما نشأت قوى جديدة مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي والصين، فيما شهدت العقود الأخيرة تحولًا في النظام العالمي، حيث تقدمت العديد من البلدان النامية اقتصادياً وأصبحت تكتسب نفوذاً سياسياً، وأدى هذا إلى وجود قوى ذات نفوذ في خط متوازي مع النفوذ الأوروبي، وبذلك تعزيز دور الدول الصاعدة الأخرى بشكل ملفت للنظر، وأنه لطالما كانت أوروبا منطقة مهمة على الصعيد العالمي، والتي شهدت تاريخاً طويلاً من الصراعات والتغيرات السياسية والاقتصادية.
ونوه الحمر إلى العصور الوسطى، التي كانت الدول الأوروبية تتنافس على السيطرة على الأراضي والثروات، وكان للقوة العسكرية والاقتصادية دوراً كبيراً في تحديد نفوذ الدول.
وقال الحمر أنه مع مرور الوقت، تطورت أوروبا بشكل كبير وشهدت تكوين الدول الوطنية وتوحيد بعض القارات وتأسست الاتحادات الأوروبية، وبدأ العمل على تعزيز التكامل السياسي والاقتصادي بين الدول الأعضاء، وقد أدى ذلك إلى تأسيس الاتحاد الأوروبي الذي يهدف إلى تعزيز السلام والازدهار في المنطقة وتشكلت تكتلات قوية تنافست مع أوروبا وغيرها من القوى الدولية.
وأكد مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام على أنه لم تظهر بوضوح مسألة إسقاط القوى الأخرى للقوى التقليدية المعروفة بنفوذها وهيمنتها بقدر ما ظهرت مسألة الرغبة في التعاون والتنسيق عبر تجمعات القوى الكبرى مثل G20 – G8 – G7.
وأشار الحمر بعد هذه النظرة السريعة وما يهم في الوصول له سواء كانت مسألة أوروبا بشكل خاص أو الغرب بشكل عام، والذي يشمل أمريكا وكندا أو الشرق القادم بقوة كالصين والهند، أنه ما يهم في كل ذلك الدور العربي وكيف تكون للأمة العربية بما لديها من إمكانيات تؤهلها لتأخذ
وقال الحمر؛ علينا الايمان بقدرات الأمة العربية وما يمكن أن تقدمه للبشرية من تطور وعلم وثقافة ومبادئ وأخلاق، بعيدا عن القلق والخوف من الانحدار، وعندما تتواجه المصالح العربية مع أوروبا ومع الاقطاب الأخرى في العالم سنرى العديد من التحديات والفرص التي تتطلب التعاون والتفاهم، لتلتقي المصالح العربية مع مصالح الأقطاب الأخرى عبر تعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية والبحث العلمي وزيادة التفاهمات عبر اتفاقيات التجارة الحرة وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمار والتكنولوجيا والتعاون الأمني ومكافحة الإرهاب والتعاون في مكافحة التهديدات الأمنية المشتركة مثل الإرهاب وتجارة المخدرات والجريمة المنظمة، عبر تبادل المعلومات والتنسيق الأمني، وكذلك التعاون الثقافي والعلمي وتعزيز التفاهم وتبادل الثقافات.
وختم مستشار جلالة الملك لشؤون الإعلام كلمته بأن الحوار السياسي المستمر يجب أن يكون مفتوحا ومستمرا لمناقشة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية المشتركة، والبحث عن حلول مشتركة ويجب أن يتم تنفيذه بناءً على مبادئ المساواة والاحترام المتبادل، وبما يخدم مصالح الجميع بعيدا عن قلق الانحدار والخروج من التاريخ.