“إعلان نواكشوط” الصادر عن مؤتمر السيرة النبوية في موريتانيا يؤكد ضرورةَ مبادرة كبار العلماء والمشايخ لإصلاح ذات البين وحَل النزاعات ودياً
نواكشوط – واس :
أكد “إعلان نواكشوط”، الصادر عن مؤتمر السيرة النبوية في موريتانيا، ضرورةَ مبادرة كبار العلماء والمشايخ لإصلاح ذات البين وحَلّ النزاعات ودياً، محذراً من تنامي الصراعات في البلدان المسلمة، ولا سيما بلدان قارة أفريقيا ذات الأكثرية المسلمة.
ودعا المسلمين في أفريقيا إلى التمسك بسيرة النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام، الذي يأمر بنَبذ العصبية، ويمثِّل الأمّة بالجسد الواحد، ويسُنّ نظام المؤاخاة، ويضع أول دستور لتعايش المتساكنين المتباينين في معتقداتهم، ويُبرم عقود الصلح مع من يقبَلون الصلح، ويَجنح للسِّلم مع من يَجنَحون لها.
وأعرب المشاركون في ختام المؤتمر الذي حمل عنوان: “دور العلماء والمشايخ في إصلاح ذات البين وتعزيز الروابط الإسلامية بين الشعوب والأمم.. أفريقيا نموذجاً”، ودشَّنه معالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، وفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، راعي المؤتمر، عن قلقَهم مِن توسُّع حملات الإساءة إلى الإسلام، وتصاعُد موجات الغلو والعنف، داعين إلى التعاون والتعاضد بين العلماء والعقلاء والمصلحين في محاربة التعصب ومكافحة خطابات الكراهية والتفرقة.
وقَدَّم الإعلانُ مجموعة من الأساليب والآليات لتنفيذها، وذلك بالرجوع إلى الدِّين الحنيف أولاً، ثم استحضار بنود “وثيقة مكة المكرمة” التي أطلقتها رابطة العالم الإسلامي، ويمثل “إعلان نواكشوط” ثمرة من ثمرات سعيها الحميد المشترك مع التجمع الثقافي الإسلامي بموريتانيا وغرب أفريقيا.
وأقرّ الإعلان تشكيل لجنة لإصلاح ذات البين في عددٍ من بؤر التوتر والنزاع في القارة الأفريقية، وتشكيل لجنة من العلماء والمشايخ المؤثرين للسعي لإصلاح ذات البين وفض النزاعات المحلية بما هو متاح من أساليب الوقاية والعلاج.
كما أقرَّ الإعلان العملَ على غرس قيم الوحدة والتآخي والإنصاف في مسائل الخلاف، بتحسين وتطوير مناهج تدريس السيرة النبوية العطرة، وتطوير منهج خاص جامع لتكوين الدعاة والخطباء، والسعي لتوفير مرجع جامع يستفاد منه في صياغة مناهج الدعوة والتربية القِيَمِيِّة، والعمل على تفعيل آليات التضامن الإسلامي، والسعي الجاد مع كافة الدول المحبة للسلام ومع المنظمة الأممية لسد منابع الاستفزاز والحيف وتجريم الإساءة إلى المقدسات.
وتوجهوا بالشكر لرابطة العالم الإسلامي، وأشادوا بكلمة معالي أمينها العام التي شكَّلت وثيقة أساسية من وثائق المؤتمر، مثمنين للرابطة عملها الدؤوب للربط بين أبناء الأمّة.
ونوهوا بالتعاون بين الرابطة وبين التجمع الثقافي الإسلامي في موريتانيا وغرب أفريقيا، داعين إلى تعزيز هذا التعاون.
وكانت جلسات المؤتمر قد بدأت بكلمة للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، رحب فيها بضيوف المؤتمر وأهمية انعقاده، مؤكداً أن أفريقيا والعالم كله بأمسّ الحاجة إلى تعزيز دور العلماء والمشايخ في إصلاح ذات البين.
وأوضح أن قيام المجتمعات البشرية ينبني في الأصل على إرادة مشتركة في التعايش، قوامها الإنصاف والتسامح والاعتدال، وتقبُّل الاختلاف والتعاون في تآخٍ وتعاضد.
تلا ذلك كلمة لمعالي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، أعرب فيها عن سعادته بهذا اللقاء الحافل بمادته النبوية الشريفة، ثم بقاماته العلمية الراسخة، وقال: إن نبينا وسيدنا الكريم ? اسمٌ جامعٌ للفضائل كافة، وهو يشمل – فيما يشمل – قيمَ الاعتدال في القول والعمل، لا سيما السماحة والعفو، واللين، والقصد والحكمة، وتأليف القلوب والرأفة بها، بل ويشمل معاقدَ السعادة في الدنيا والآخرة.
وتطرق إلى أفكار الفئات المحسوبة في الظاهر على الإسلام، وأنها سُبُل شتى تدعو إلى ضلالها كل من خفّ وزنه في علم أو عقل.
كما ألقى معالي رئيس التجمع الثقافي الإسلامي، الشيخ محمد الحافظ النحوي، كلمةً في افتتاح المؤتمر، دعا فيها للتمثّل بسيرة النبي ? في مواجهة المشكلات الكبرى التي يمر بها العالم اليوم، ولتحسين الأجيال الناشئة وتوفير المناعة الفكرية للشباب، ولأخذ الدروس العظيمة من حياة النبي الأكرم.
وثمن جهود رابطة العالم الإسلامي، في خدمة الإسلام والمسلمين.
ثم توالت الكلماتُ وجلساتُ المؤتمر التي اشتملت على عددٍ من المحاور وأوراق العمل والأطروحات.