تكنولوجيا
أول طائرة تعمل بالطاقة الشمسية تعبر المحيط الهادي في 130 ساعة
أبوظبي- هشام رفعت:
أقلعت “سولار إمبلس 2″، أول طائرة تعمل بالطاقة الشمسية وتقوم برحلة حول العالم، من نانجينغ في الصين والتي انطلقت ليلة أمس (السبت 30 مايو) استعداداًلتحقيق إنجاز جديد عبر التحليق لمسافة 8172 كم على مدى ستة أيام متتالية بلياليها فوق المحيط الهادئ نحو محطتها السابعة في هاواي.
ويشكل عبور المحيط الهادئ الاختبار الأصعب للطائرة التي استغرقت 12 عاماً من دراسات الجدوى والتصاميم وصولاً إلى شكلها النهائي، كما أنه تحد حقيقي لكافة أعضاء فريق العمل بدءاً من الطيارين بيرتراند بيكارد وأندريه بورشبيرج و80 من الفنيين والشركاء، بمن فيهم مستضيف الطائرة “مصدر”.
وأوضح معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير دولة ورئيس مجلس إدارة “مصدر”: “أن عبور المحيط الهادئ أهم إنجازات سولار إمبلس منذ انطلاقها من أبوظبي قبل شهرين في رحلتها التاريخية حول العالم. وستشكل هذه الرحلة بلا شك تحدياً بدنياً وذهنياً مرهقاً لقائد الطائرة أندريه بورشبيرج الذي نتمنى له رحلة آمنة وناجحة. كما ستشكل هذه المرحلة اختباراً حقيقياً لقدرات سولار إمبلس 2 وستسلط الضوء على الإمكانات الواعدة التي يمكن تحقيقها عبر الجمع بين الابتكار في تكنولوجيا الطيران والطاقة المتجددة. وإن ما يجمع بين سولار إمبلس وأبوظبي ومصدر هو الالتزام الراسخ بتطوير التكنولوجيا النظيفة والتأكيد على أهمية الابتكار والطاقة المتجددة لضمان النمو المستدام”.
وقد استغل فريق سولار إمبلس فترة وجوده في نانجينغ لتجهيز الطائرة للانطلاق في هذه المغامرة الجريئة عبر المحيط الهادئ، حيث سيتولى بورشبيرج قيادة الطائرة من مقصورة تتسع لشخص واحد بمساحة 3.8 متر مكعب وغير مجهزة بخاصية التحكم بالضغط الجوي، وسيكون قائد الطائرة عرضة لظروف جوية قاسية خلال فترة التحليق التي تمتد إلى 130 ساعة فوق أكبر مساحة مائية في العالم. كما سيتخلل الرحلة العديد من التحديات الفنية والتشغيلية والبشرية لقائد الطائرة وكامل الفريق المسؤول عن هذه المبادرة والمكون من 140 فرداً. وعلى الرغم من إنجاز كل ما يلزم من أبحاث واختبارات وتدريبات، إلا أن قائد الطائرة، وهو طيار سابق في القوات الجوية السويسرية والمهندس وصاحب الرؤية الفنية وراء تطوير الطائرة، سيواجه واحدة من أصعب التجارب التي تتطلب الكثير من الصبر واليقظة والقدرة على التحمل.
وقال أندريه بورشبيرج، المؤسس الشريك وأحد طياري “سولار إمبلس”: “تمثل الرحلة من نانجينغ إلى هاواي أطول المراحل التي ستقطعها سولار إمبلس في رحلتها التاريخية حول العالم. إنها مرحلة حاسمة فهي المرة الأول التي سيقوم فيها قائد الطائرة بالتحليق لوقت طويل جداً. بالتأكيد هناك أسئلة عديدة ستشغل بال قائد الطائرة، مثل هل سأتمكن من الحفاظ على التركيز، وهل ستتاح لي الفرصة لأرتاح؟ إن التحدي يكمن في الحفاظ على اليقظة والانتباه واتخاذ القرارات المناسبة لكي تواصل الطائرة الشمسية التحليق لمدة 6 أيام و6 ليال عبر المحيط الهادئ”.
ويمثل عبور المحيط الهادئ المرحلة السابعة والأكثر صعوبة من أصل 12 مرحلة من المقرر أن تقطعها الطائرة خلال رحلتها التاريخية حول العالم، حيث سيقود بورشبيرج الطائرة، المزودة بأربعة محركات كهربائية و17248 خلية شمسية مثبتة على أجنحة بطول 72 متر، محلقاً على ارتفاع 9000 متر خلال النهار للاستفادة من أشعة الشمس لشحن بطاريات الليثيوم أيون وتخزين الطاقة لاستخدامها أثناء التحليق ليلاً على ارتفاع منخفض لا يتجاوز 1000 متر. وسيتعرض بورشبيرج خلال الرحلة لدرجات حرارة تتراوح بين 35 درجة مئوية في الصباح إلى ناقص 20 درجة مئوية عند التحقيق على علوٍ مرتفع في بداية الفترة المسائية.
وطوال فترة الرحلة، سيكون بورشبيرج على اتصال دائم عبر الأقمار الصناعية مع مركز المراقبة في موناكو، والذي يضم 20 خبيراً يتولون وضع كافة السيناريوهات المحتملة وتزويد قائد الطائرة بالمعلومات لمساعدته على اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواصلة التحليق بنجاح حتى انتهاء الرحلة.
وفيما ترمي هذه الرحلة إلى فتح آفاق جديدة في عالم الابتكار والتكنولوجيا النظيفة، فإنها تحمل رسالة نبيلة تتمثل في ضرورة المحافظة على البيئة. وفي هذا الإطار، وبدعم من مصدر ومعالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير دولة ورئيس مجلس إدارة “مصدر”، أطلقت سولار إمبلس حملة #FutureIsClean على الموقع الإلكتروني www.FutureIsClean.org لحشد وتحفيز الأفراد والمنظمات والدول ومشاهير الشخصيات والمنظمات غير الحكومية على اتخاذ خطوات عملية تساهم في تحقيق مستقبل أفضل للطاقة تمهيداً لانعقاد مؤتمر الأطراف المشاركة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ في باريس (COP21) في ديسمبر 2015، والذي سيشهد وضع بروتوكول جديد لخفض الانبعاثات الكربونية.
وأضاف الدكتور سلطان: “من الطبيعي أن تسهم دولة الإمارات ومصدر في دعم هذه المبادرة الهامة التي تنسجم مع أهدافنا ومساعينا إلى بناء مستقبل مستدام، حيث تقدم هذه الرحلة التاريخية إلى جانب حملة #FutureIsClean التي تأتي في وقت يستعد فيه المجتمع الدولي لوضع أهداف وسياسات جديدة للمناخ ، نموذجاً رائداً عما يكمن القيام به لتشجيع الأفراد والحكومات على التعاون وتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
وبعد التوقف في هاواي، سيحلق برتراند بيكارد بطائرة سولار إمبلس شرقاً نحو فينيكس في الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن تتجه الطائرة نحو محطتها التالية في منطقة الغرب الأوسط، قبل أن تتوقف في مطار جون كنيدي الدولي في مدينة نيويورك. وبعدها ستعبر الطائرة المحيط الأطلسي نحو محطتها قبل الأخيرة والتي ستكون إما في جنوب أوروبا أو شمال أفريقيا قبل العودة إلى المدينة المضيفة أبوظبي ختاماً لرحلتها العالمية.
وكانت الطائرة قد انطلقت من أبوظبي في 9 مارس متجهة نحو العاصمة العمانية مسقط التي غادرتها في اليوم التالي، لتصل إلى أحمد آباد في الهند بتاريخ مارس 10. وبعد توقف قصير في فاراناسي في الهند، اتجهت الطائرة نحو ماندالاي في ميانمار يوم 19 مارس بقيادة برتراند بيكارد. ثم استكملت الطائرة المرحلة الخامسة والأكثر صعوبة حتى الآن، لتصل إلى تشونجتشنج في الصين يوم 30 مارس. وكان قد تم تأجيل إقلاع الطائرة من تشونجتشينج نحو نانجينغ في الصين بسبب سوء الأحوال الجوية، واستفاد فريق سولار إمبلس من فترة وجوده في تشونجتشينج لتنظيم أنشطة مجتمعية عديدة تواصل خلالها مع الآلاف من الطلبة والسكان المحليين لتسليط الضوء على أهمية الابتكار وما يمكن أن تحققه تقنيات الطاقة المتجددة لبناء مستقبل مستدام. وشهد يوم 21 أبريل وصول برتراند بيكارد بالطائرة إلى نانجينغ في الصين ليباشر بعدها الفريق تحضيراته الفنية لعبور المحيط الهادئ.