مقالات

مفاتيح حياتك

بقلم – عبدالله المديفر:

ادخلت المفتاح في باب منزلي وكان برفقتي أحد الضيوف ولكنه لم ينفتح ! ، وأصابني بعض الحرج من ضيفي الذي أحس بحرجي وحاول ملاطفتي في مهمة فتح الباب التي كادت تكسر المفتاح داخل القفل الرافض للدوران ، وفجأة اكتشفت أني أدخلت المفتاح الغلط ، فالمشكلة لم تكن في المفتاح ولا في الباب بل في اختياري للمفتاح الصحيح.
أحد الأخيار كان متحمساً لمشروع خيري جميل ، وكان يحاول حشد الطاقات البشرية والمالية لهذا المشروع ، ودله بعض العارفين على أحد رجال الأعمال المعروفين بالبذل والسخاء لأعمال البر والإحسان ، فذهب إليه وعرض عليه مشروع الوقف الخاص بهذا العمل ، ولكنه صدم عندما كتب له هذا التاجر شيكاً بخمسة آلاف ريال فقط ، فخرج من مكتبه وهو يجر أذيال الإحباط والخيبة ، وقابل في المساء شيخاً مسناً وأخبره بالقصة فقال له المسن : ( هذا التاجر مفتاحه فلان هو اللي يعرف وزنية قفله ) ، فانطلق هذا المتحمس للشخص «المفتاح» وعرض عليه المشروع ، والمفاجأة كانت بأن هذا التاجر تبنى المشروع بالكامل وكان شرطه في الدعم أن لا يدخل معه أحد في الإنفاق على هذا العمل الخيري.

«المفتاح» الجيد قارئ جيد يستطيع معرفة زوايا ومحركات وبواعث ومخاوف من أمامه ، ومشكلتنا دائماً أننا نفكر بأنفسنا وبمشاريعنا ولا نحاول قراءة الآخرين ونقاط تميزهم وعيوبهم ، فنفشل في فتح شفرات النجاح معهم .
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان قارئاً رائعاً لأصحابه وخصومه وكانت هذه القراءة تؤثر في تعاطيه مع الأحداث المتشابهة ، وتأمل في تحليله عليه الصلاة والسلام عندما يقول :
( أرحم أمتي بأمتي أبوبكر ، وأشدهم في أمر الله عمر ، وأشدهم حياء عثمان ، وأقضاهم علي ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأقرؤهم أبي بن كعب ، ولكل قوم أمين وأمين هذه الأمة أبوعبيدة بن الجراح ) ، فتوظيف أصحابه كان خلفه قراءة عميقة للإمكانيات والجوانب النفسية ، وقد كان يسأل صلى الله عليه وسلم عن سؤال واحد فتختلف الإجابة باختلاف حال السائل ، وتأمل مثلاً بالأسئلة المتعددة عن أفضل الأعمال والتي كانت تختلف باختلاف السائل ، فكان يقول للرجل الكبير لا يزال لسانك رطباً بذكر الله ويجيب آخر بالجهاد في سبيل الله ، ولما علم صلى الله عليه وسلم أن أبا سفيان يحب الفخر والشهرة قال نبينا في فتح مكة : ( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ).
كثير من الآباء والأمهات والمدراء والمعلمون يكررون كلمة : ( عجزت عنه ) تعبيرا عن الفشل في تغيير سلوك ابن أو بنت أو موظف ، والحقيقة هي أنك تكرر محاولة فتح الباب بالمفتاح الخطأ ، جرب مفاتيح أخرى حتى تجد المفتاح الصحيح .

تأمل في مفاتيح حياتك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى