موقع الأخدود الأثري بنجران.. شواهد ومعالم تحكي حقباً زمنية للاستيطان البشري
نجران – واس:
تحكي شواهد ومعالم موقع الأخدود الأثري بمدينة نجران حقباً زمنية للاستيطان البشري بالمنطقة، وذلك خلال الألف الأول قبل الميلاد إلى نهاية القرن الرابع الميلادي فترة ازدهار حضارة جنوب الجزيرة العربية كأهم محطات الطريق البري الدولي لتجارة البخور قديماً.
وتتوسط منطقة الأخدود الأثرية -التي تمتد على مساحة خمسة كيلومترات- الأحياء السكنية الواقعة في الجنوب الغربي من مدينة نجران، وتبرز وسطها القلعة المبنية بشكل مربع ولها بوابتان رئيستان يربط بينهما ممر تتوزع على جانبيه غرف وممرات فرعية، نُقش عليها العديد من الرموز والكتابات والرسومات الصخرية، فيما يقع في الجزء الشمالي الشرقي من الموقع رحى حجرية كبيرة من الجرانيت تستخدم لطحن الحبوب الغذائية ضمن منطقة السوق والمسجد الذي تم اكتشافه عام 1417هـ.
وبدأ التنقيب في منطقة الأخدود الأثرية في نهايات القرن العشرين ومرت بما يقارب من سبعة مواسم تنقيب، وأبرز ما تم في تلك المواسم :اكتشاف العديد من القطع الأثرية والمدافن والقبور التي يعود بعضها لما قبل الميلاد وبعضها للفترات الإسلامية، كما أظهرت الحفريات أن القبور تقع في الجزء الجنوبي، فيما احتوت القلعة الرئيسة “الحصن” على نقوش ورسوم حيوانية وإنسانية وأسماء لأشخاص منقوشة على الجدران، كما اكتشف المنقبون مسجداً يعود للقرن الهجري الأول في الجزء الشمالي من الموقع، إلى جانب وجود أدوات حجرية كان يستخدمها الإنسان منذ العصر الحجري مرورا بالعصر الفخاري والزجاج وبعض المجوهرات المصنوعة من الفضة والنحاس والذهب.
وبحسب أستاذ التاريخ الإسلامي المشارك بجامعة نجران عوض بن عبدالله بن ناحي العسيري، فإن أكثر من مؤرخ وبُلداني مثل “الهمداني” و”البكري ” يُجمِعون على أن موقع مدينة الأخدود لم يكن سوى مدينة نجران القديمة وسوقها التجاري الواقع على طريق القوافل التجارية القديمة قبل أن تندثر في القرن الرابع الهجري وتنتقل إلى مكان آخر قريب.
ولم يقتصر ذكر نجران على النقوش، فقد أشار إليها عدد من المؤرخين والجغرافيين الكلاسيكيين مثل “سترابون”، و”وبليني”، كما أشار لها بطليموس في كتابه “الجغرافيا” في أثناء استعراضه أهم المدن الواقعة على طريق البخور القديم إلى بلاد العربية السعيدة -أي جنوب الجزيرة العربية- وفي التاريخ الحديث حظيت منطقة الأخدود الأثرية باهتمام عدد من الرحالة الأوربيين الذين زاروها ووثقوا بعض نقوشها ونقبوا في آثارها ووثقوها في أعمال تُرجم بعضها إلى اللغة العربية، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر “جوزيف هاليفي”، و”جون فيلبي”، و”فيلبيب ليبينز”.