سياحة وطيران

المسافر الرقمي والسياحة الرقمية الي اين ؟

بقلم – د. حسام درويش:

تغير العالم، ولم يعد كل شيء فيه على حاله كما كان في السابق؛ فالسمة الوحيدة لعصر كهذا هي التغير، والتبدل، والتطور السريع والمتلاحق، والماهرون فقط هم أولئك الذين يتأقلمون مع هذه التغيرات، ويبدو هذا التأقلم واضحًا جليًا حين نتحدث عن مستقبل السياحة الرقمية، فتجربة السفر نفسها تبدلت تبدلًا دراماتيكيًا، فلم يعد البحث عن فندق أو وجهة سياحية يتم إلا عبر الوسائط الرقمية الحديثة.
وهذا الأمر الذي يدفعنا إلى القول إن هناك علاقة طردية تبادلية بين مستقبل السياحة الرقمية والتقدم الحاصل على الصعيد التقني، فالتقدم في الرقمنة يتبعه، حصرًا، تقدم في طرق السفر، وآليات الحجز، ووسائل البحث عن الوجهات والمقاصد السياحية المختلفة.
المسافر الرقمي وذهنية ما بعد الألفية
إن مستقبل السياحة الرقمية مرهون بتفهم القائمين عليها لذهنية وعقلية الشريحة الأكبر من مستهلكيها على وجه الخصوص، والتي تتمثل في جيل ما بعد الألفية، فالعالم كان بعد الألفية الجديدة لم يعد كما كان عليه في السابق فمن المنطق أن ذهنية هؤلاء الذين وُلدوا بعد عام 2000 لا تشبه، لا في قليل أو كثير، ذهنية وطريقة تفكير أولئك الأكبر منهم سنًا.
صحيح أن ذهنية أولئك الأكبر سنًا قد تغيرت هي الأخرى؛ فالتقنية الحديثة لم تترك شيئًا على حاله، لكن طرق التخطيط للسفر، وقضاء العطلات والإجازات تختلف من شريحة عمرية إلى أخرى، وهو الأمر الذي يتعين على العاملين في مجال السياحة الرقمية أن يضعوه في اعتبارهم.
إذًا لن يُكتب لهذه التجربة النجاح ولن يكون بوسعنا الحديث عن مستقبل السياحة الرقمية طالما لم نتمكن من فهم واستيعاب هذه الطريقة التي يفكر بها المستهلكون.
وهنا مسألة أخرى وثيقة الصلة بالسياحة الرقمية وهي تلك المتعلقة بالتسويق؛ فما يشدد عليه خبراء التسويق الرقمي في كل انحاء العالم أنه من الواجب التعامل مع كل مستهلك/ عميل على حدة، فمن خلال ذلك يمكن فهم الكيفية التي يفكر بها، ومن ثم سنعثر على أفضل الطرق لإرضائه.
إن حاصل ما نريد قوله في هذا الصدد، أن سلوك المستهلك في تغير أبدي، خاصة بعد ظهور التكنولوجيا الحديثة، ووسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يعني أن صناعة السفر التقليدية ولت إلى غير رجعة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، يتعين أن نرسم، وفقًا لسلوك المستهلك الجديد، معالم مستقبل السياحة الرقمية.
صعود المستهلك الرقمي:
إذا كنا نعيش في حقبة من بين ما توصف به أنها حقبة التحول الرقمي، فمن المنطقي أن يؤثر هذا في سلوك المستهلكين، وهو أمر بات واقعًا وحقيقة؛ إذ لكل خدمة يريدها المرء الآن تطبيق خاص بها، ومن ثم فإن المستهلك التقليدي ولى زمانه.
والسياحة واحدة من هذه المجالات التي تأثر مستهلكوها بهذا التحول.
وعلى ذلك، فإن الحديث عن مستقبل السياحة الرقمية هو، وبالقدر ذاته، حديث عن هذا المستهلك الرقمي، الذي أمسى هو النمط الاستهلاكي الرائج في الآونة الأخيرة.
وهو ما يعني أن هناك فرصًا ومزايًا كبرى في السياحة الرقمية، يمكن للشركات الناشئة ورواد الأعمال أن يحصلوا عليها من خلال الاستثمار في هذا المجال، والاستفادة من الموجة الحديثة في صناعة السفر.
وسائل التواصل الاجتماعي وتغيير صناعة السفر:
ثمة إجماع على أن السبب الأكبر وراء التغير الجذري الحاصل على صعيد صناعة السياحة والسفر هو وسائل التواصل الاجتماعي؛ فمن خلال هذه الوسائط التقنية الحديثة تغيرت الصناعة وانقلبت رأسًا على عقب، وفيما يلي رصد لأهم الطرق التي تم بها ذلك:
1- نقل المعلومات
عبر وسائل التواصل الاجتماعي أمسى العثور على المعلومة ونقلها أسهل وأسرع بكثير مما كان في الماضي، لا سيما عبر تقنية “المشاركة”؛ حيث يمكن إيصال المعلومات عن هذه الوجهة السياحية أو تلك إلى ملايين الأشخاص.
2- التعليقات
كانت خاصية التعليقات المتاحة على تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة أحد أكثر الأمور تأثيرًا في صناعة السياحة والسفر؛ فمن خلالها يتم تحسين الخدمات المقدمة في هذه الصناعة.
3- برامج الولاء
مهدت وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة الوصول إلى العملاء بسهولة، والتعامل معهم عن كثب، وهو الأمر الذي رفع من معدلات ولائهم للشركات والجهات التي يتعاملون معها.
4- التسويق السياحي:
لن يكون هناك أي أثر أو حديث عن مستقبل السياحة الرقمية بدون الحديث عن التسويق السياحي، فلئن كان هذا النوع من التسويق أحد الممهدات الكبرى لظهور السياحة الرقمية، فإن مستقبلها موقوف عليه كذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى