الثمن الغالي.. 3 سيناريوهات تنتظر ترامب بعد اقتحام أنصاره للكونغرس
بند واحد يحتكر الاهتمام في واشنطن الآن: الثمن الذي ينبغي تدفيعه للرئيس دونالد ترامب بعد خطيئة توجيه أنصاره لاقتحام مبنى الكونغرس بعد ظهر الأربعاء الماضي.
المطروح أكثر من سيناريو، والتحرك يجري على عدة مسارات، وبصورة جدية، إذ يجري بشيء من التوافق الصريح أو الضمني بين الديمقراطيين وبعض الجمهوريين، وبما يشبه إلى حد ما أجواء التفاهم التي سادت بين الحزبين عشية دفع الرئيس ريتشارد نيكسون إلى الاستقالة عام 1974، ولو مع اختلاف الظروف التي قد لا تفضي إلى ذات النتيجة هذه المرة.
عملية الاجتياح جمعت الأضداد. استهداف إحدى ركائز النظام بصورة طاولت نخاع العظم، أدى إلى استنفار الاستبلشمنت بكافة أجنحتها وتياراتها الليبرالية والمحافظة، السياسية والإعلامية والأمنية والفكرية، للالتفاف حول المؤسسة بقطع النظر عن الفوارق والخصومات السياسية التي سرعان ما تم تجاوزها، وإن في حدود اللحظة الراهنة.
انعكس ذلك في موجة الهجرة الكبيرة للجمهوريين من معسكر ترامب، بعد ساعات من الحادثة، والتي تجلت في التصويت على تصديق فوز بايدن، حيث لم يقف مع الرئيس سوى 6 جمهوريين من أعضاء مجلس الشيوخ. كما جرى سحب الاعتراضات على التصديق، ما عدا اثنين جرى المرور عليهما بسرعة بعد أن نزلت قيادتهم بقوة لصالح الموافقة.
واكب ذلك مسلسل استقالات من كبار ومتوسطي مسؤولي الإدارة، وزيران مقربان من الرئيس، وزيرة التربية ووزيرة المواصلات، إضافة إلى 9 من الصفين الثاني والثالث في البيت الأبيض، وبعض الوزارات.
وتردد أن مديرة الاتصالات هوب هيكس، على وشك الاستقالة، وتناولت التسريبات أسماء أخرى رئيسية، منها مستشار الأمن القومي روبرت أوبرين، وأن وزير الخارجية مايك بومبيو، ووزير الخزانة ستيف منوشين “يفكران” أيضاً في الخروج، وأن ما جمّد قرارهما مع أوبراين هو تحذير بعض الجهات لهم من الإقدام على مثل هذه الخطوة لـ”حاجة استمرار كافة مسؤولي الأمن القومي في مراكزهم كصمام أمان” يكفل إحباط أي قرار خطير قد ينوي الرئيس اتخاذه.
واكب ذلك مسلسل استقالات من كبار ومتوسطي مسؤولي الإدارة، وزيران مقربان من الرئيس، وزيرة التربية ووزيرة المواصلات، إضافة إلى 9 من الصفين الثاني والثالث في البيت الأبيض، وبعض الوزارات
وفي هذا الخصوص، جرى التذكير بالإجراءات التي جرى اعتمادها في أواخر أيام الرئيس نيكسون نتيجة التشاور والاتفاق آنذاك بين وزير الخارجية هنري كيسنجر، والذي كان يشغل منصب مستشار الرئيس لشؤون الأمن القومي، وبين وزير الدفاع جيمس شليسنجر، والتي قضت بعدم تنفيذ أي قرار هام يتخذه الرئيس على أساس أن التهور بسبب الضغوط ووضعه غير المتوازن، قد يجرانه إلى مواقف يمكن أن تؤدي إلى ورطات لا تحمد عقباها. مثل هذا التدبير يجري الهمس حوله الآن، وليس من المستغرب أن يكون قد جرى استنساخه.
لكن في الحالة الراهنة، لا يبدو أن مثل هذا التحوّط يستجيب لردة الفعل الناقمة العارمة وغير المتسامحة في الكونغرس، تجاه خطيئة يوم الأربعاء. فثمة إجماع على إدانته، وما يقرب من الإجماع على وجوب محاسبته. هنا تتمايز الوصفات. الديمقراطي طرح صيغتين: إما تحريك التعديل الخامس والعشرين من الدستور لتنحية الرئيس، بعد موافقة معظم الإدارة وثلثي كلا المجلسين في الكونغرس. والظاهر أن نائب الرئيس مايك بنس لا يرغب المضي في هذا الخيار.
على الفور، انتقل الديمقراطي إلى خيار العزل عبر محاكمته أمام الكونغرس على غرار محاكمته في فبراير/ شباط الماضي بقضية أوكرانيا، والتي انتهت بعدم إدانته.
وحسب رئيسة المجلس نانسي بيلوسي، سوف يباشر مجلس النواب، في بداية الأسبوع المقبل، بإجراءات المحاكمة. لكن هذا الخيار يواجه مشكلتين: ضيق الوقت، وغياب رغبة الجمهوريين، خاصة في مجلس الشيوخ، الذي تعود له الكلمة الفصل بعزل رئيس جمهوري في آخر أيام رئاسته، لاسيما وأن له شريحة هامة من المؤيدين، والتي قد تقوم بردود فعل مؤذية، علماً أن المناخ متوفر والنفور كبير من البيت الأبيض.
لكن الحسابات السياسية لها الأولوية، ولذلك تنادي قيادات الجمهوريين التقليدية في الكونغرس وخارجه بوجوب التروي وانتظار نهاية ولاية الرئيس وتركها “تتلاشى” قريباً.
بين المقاربتين ينشط طرح ثالث يجري العمل في إطاره خلف الستار، مؤداه أن “يبادر” الرئيس إلى الاستقالة الطوعية، على أن يكمل نائب الرئيس مايك بانس مدته حتى 20 يناير/ كانون الثاني، يقوم خلالها بمنح ترامب عفواً عاماً.
ويستبعد العارفون قبول ترامب بمثل هذا الحل التسووي من باب أنه ينطوي ضمناً على الاعتراف بالخطأ، كما بفوز بايدن. وهذا ما لا يبدو أنه في وارد التسليم به حتى الآن. بل إن المتخوفين يحذرون من خطوات وردات فعل قد يقوم بها خلال مدة الـ12 يوماً المتبقية التي ستقضيها واشنطن على أعصابها.