من رقعة الطفولة إلى قمة المجد الرقمي.. ماغنوس كارلسن يتصدر أول بطولة شطرنج في كأس العالم للرياضات الإلكترونية
جدة – واس:
في لحظةٍ تاريخية تجسّد التحول النوعي الذي تعيشه الرياضات الذهنية، كتب النرويجي ماغنوس كارلسن سطرًا جديدًا في سجله الذهبي، بعدما توّج بالمركز الأول في بطولة الشطرنج السريع، أول منافسة رسمية تُدرج ضمن فعاليات كأس العالم للرياضات الإلكترونية، التي تستضيفها العاصمة الرياض لعام 2025.
كارلسن، الذي مثّل فريق Team Liquid، فاز بالنهائي بعد أداء نخبوي مكّنه من حصد جائزة مالية بلغت (250,000) دولار، إلى جانب (1000) نقطة ثمينة تُضاف إلى ترتيب الأندية، في بطولة شهدت تنافسًا عاليًا بين (16) من نخبة اللاعبين المصنفين عالميًا، البطولة التي تقام بين 31 يوليو و3 أغسطس، اعتمدت نظام “الشطرنج السريع” (Rapid 10+0)، وهو نمط قائم على عشر دقائق لكل لاعب دون إضافة زمن، ويُعدّ من أكثر أنماط اللعب توافقًا مع الطابع الرقمي التفاعلي للرياضات الإلكترونية.
كارلسن لم يكن مجرد مشارك؛ بل حمل صفة “سفير البطولة”، وأدلى بتصريحات خاصة لوكالة الأنباء السعودية, أكد خلالها أن إدراج الشطرنج ضمن هذه المنظومة المتقدمة يمثل “شيئًا غير مسبوق” في تاريخ اللعبة، واصفًا اللحظة بأنها رائعة ومؤثرة، ليس فقط كلاعب محترف، بل كطفلٍ لا يزال يعيش بداخله حب اللعبة وشغف التنافس.
وفي حديثه لواس، قال كارلسن: “أشعر أنني ما زلت في كثير من النواحي ذلك الطفل الذي بدأ لعب الشطرنج بدافع الحب فقط، الشغف هو ما يدفعني للاستمرار، ورغم أن اللعبة قطعت شوطًا طويلًا منذ ذلك الحين، إلا أنني لم أكن أتصور أن نصل إلى ما وصلنا إليه اليوم، أشعر بالفخر أن أكون جزءًا من حدث رائد ومبتكر مثل هذا، وهذا بالفعل يعني الكثير لي”.
كارلسن، الذي يُعدّ واحدًا من أعظم لاعبي الشطرنج في التاريخ، وُلد في النرويج عام 1990، وبدأت رحلته مع الرقعة وهو في سن الخامسة، ما لبث أن ظهرت موهبته الفذّة حتى حصل على لقب أستاذ دولي كبير (Grandmaster) وهو في سن الثالثة عشرة، ليصبح أصغر من يحمل هذا اللقب في العالم آنذاك، منذ ذلك الحين، حافظ على حضوره الطاغي في كل المحافل، وتربّع على عرش التصنيف العالمي لسنوات، وسط إنجازات تضمنت ألقاب بطولات العالم في الشطرنج الكلاسيكي والسريع والخاطف.
ورغم حضوره كمُلهم لأجيال جديدة من اللاعبين، لا يرى كارلسن نفسه قدوة بقدر ما يعتبر نفسه منافسًا شرسًا، وعلّق خلال حديثه مع (واس): “ربما لم أعد صغيرًا بعالم الشطرنج، لكني ما زلت شابًا بما يكفي كي لا أكون مجرد مرشد، لا زلت أرغب في هزيمتهم!”.
ويبدو أن البطولة التي نظّمتها المملكة هذه المرة لم تكن مجرد منافسة، بل نافذة واسعة تُطل منها الرياضات الذهنية على العالم الرقمي، وتضع الشطرنج في قلب التفاعل الجماهيري، مع تجهيزات تقنية متطورة، وتفاعل حيّ تجاوز حدود التقاليد الكلاسيكية للعبة.
ماغنوس كارلسن، بصمته حاضرة في كل تفاصيل هذه النسخة التاريخية، ليس فقط كلاعب أو سفير، بل كقصة حيّة تُجسّد كيف يمكن للشغف الطفولي أن يتحوّل إلى مجد عالمي، وكيف يمكن للذكاء أن يجد مكانه بين أضواء الرياضات




