إدارة الأزمات والحكمة في اتخاذ القرارات
بقلم – سلمان بن محمد العمري:
اتخذت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- خطوات وإجراءات احترازية واستباقية ضد فايروس كورونا الذي ضرب العالم، وليس ذلك بغريب فالمملكة العربية السعودية حريصة كل الحرص على سلامة الوطن وأبنائه والمقيمين فيه، وقد اتخذت القرارات الحازمة والشجاعة التي لا تهاون فيها مما يؤكد حكمتها وتميزها وقدراتها الفائقة في إدارة الأزمات.
وفي مثل هذه الحالات التي يتخذ فيه قرارات جادة تصب في مصلحة الوطن والمواطن يغتاظ أعداء الوطن، فهم لا يريدون خيراً للوطن.
والدولة الرشيدة الراشدة تدرك أهمية سلامة المجتمع بل والأمة الإسلامية والعالم أجمع، وكانت أولى خطواتها الاستباقية بعض الإجراءات الاحترازية في الحرمين الشريفين، وتوقيف الدراسة، ووقف العديد من المناشط والفعاليات، وعزل القادمين من بعض المناطق الموبؤة، وحتى تعليق الرحلات الجوية، والإعلان عن جميع الخطوات والحالات لدحض الشائعات التي استفحلت بعد دخول التقنية الجديدة لعالم الاتصال وآثارها المدمرة ضد أمن الوطن واستقراره.
ولاشك أن من الأمور المسلَّمة عقلاً، والمقررة في جميع المبادئ والثقافات، والشرائع – وفي مقدِّمتها شريعتنا الإسلامية – الحث على قلّة الكلام، وترك الفضول من القول، وعدم اللجوء إلى الكلام إلاَّ إذا ظهرت فيه مصلحة دينية أو دنيوية، يقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»، وكما أنَّ الشريعة حثَّت على قلَّة الكلام إلاَّ فيما فيه مصلحة.
وفي عصرنا هذا الذي تطوَّرت فيه وسائل الإعلام، ووسائل التواصل على نحو مذهل، ومنها مواقع التواصل الاجتماعي، فأصبح من السهل جداً اختلاق الأكاذيب، واختراع الإشاعة، وتناقل الأخبار بالصوت والصورة. قال الله – سبحانه تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}.
وهذا يوجب من الإنسان العاقل أن يحذر كلّ الحذر من هذه المواقع، وألاّ يقبل كل ما يرد فيها، ويحمله على محمل الصدق – وهذا ما يفعله كثير من الناس، مع الأسف، نظراً لقلّة وعيهم بمخاطر هذه المواقع، فتراهم يتهافتون على ما تنشره من إشاعات كاذبة، واتهامات مغرضة، تصل في أحيان كثيرة إلى المساس بأعراض الناس، والنَّيل من شرفهم، وتشويه سمعتهم، وفي كثير من الأحيان تكون الشائعات تمسُّ بأمن الوطن، وبالوحدة الوطنية، وتثير الفتنة بين أفراد الشعب، مما تكون له نتائج وخيمة.
وهناك فئة أخرى يتسابقون على نشر الشائعات وكل همهم هو السبق في نشر المعلومة صحيحة كانت أم خاطئة، ولا يفكرون في عواقب الأمور، وهمُّهم الوحيد (أنا أول من أرسل)!!
أنَّ الموضوع من الأهمية والخطورة، بحيث يجب أن توليه الجهات المختصة ما يستحقه من عناية واهتمام، من خلال حملة توعوية، تبصر الناس بمخاطر هذه المواقع، وتبيِّن لهم الطريقة الصحيحة للتعامل معها، ومع ما تنشره من أخبار وإشاعات، وتوضِّح لهم ما يترتَّب عليها من المفاسد الدينية والدنيوية، وأنه من المستحسن إنشاء مركز وطني لمكافحة الشائعات في المجتمع يرصد ما يتداوله الناس خاصة الأمور الجسام ويكشف عن حقيقتها ومدى دقَّتها عبر مواقع إلكترونية متخصصة.