تقنية جديدة لزراعة الكلى للأطفال
جدة- سويفت نيوز:
للمرة الأولى، نجح مستشفى “جريت أرموند ستريت” في المملكة المتحدة في إجراء أول عملية زراعة كلية لطفلةرفض جسمهاالعضو الجديد في الماضي. وبفضل التقنية الجديدة بات بإمكان الأطفال الذين لا يستجيبون لعمليات الزرع نتيجة لارتفاع مستويات الأجسام المضادة القوية في أجسامهم الحصول على أعضاء جديدة بنجاح.
وعادة ما تؤدي بعض البروتينات الموجودة في الجسم والتي تعرف باسم مستضدات الكريات البيضاء البشرية (HLA) بفشل عملية زراعة الكلى كونها تتسبب برفضه لأي مادة أو عضو جديد. وتنشأ هذه البروتينات عن عمليات زرعسابقة، أو عمليات نقل الدم أوالحمل، وفور تشكلها يصبح إجراء عمليات الزرع أمراً شبه مستحيل.
وعلى الرغم من انخفاض نسبة الأطفال الحاملين لمستضدات الكريات البيضاء البشرية، فإن احتمالية زيادة نسبتها ترتفع كلما كثر عدد عمليات الزرع، الأمر الذي قد يؤدي لآثار سلبية خلال عمليات الزرع المستقبلية. وقد بات إجراء عدة جراحات زراعةأمراً شائعاً بين الأطفال، ولذا يلاحظ ارتفاع معدلات مستضدات الكريات البيضاء البشرية بما يؤدي إلى زيادةاحتمالية رفض الجسم للأعضاء وبالتالي عدم تمكن المزيد من الأطفال من الخضوع للجراحة.
وتعتمد التقنية الجديدة، التي طورها فريق عمل مستشفى “جريت أرموند ستريت”، على تنقية الدم من مستضدات الكريات البيضاء البشرية عبر عملية تدعى “بلازمافيريز”، حيث يتم سحب الدم من الجسم وتنقيته من المستضدات ومن ثم إعادته إلى الجسم. ولا يؤدي هذا الإجراء إلى إزالة المستضدات من الجسم بشكل كامل، وقد يعمل بعضها بعد زرع الكلية، ولهذا يتبع هذا الإجراء إعطاء الطفل أدوية قوية لتثبيط الجهاز المناعي والتقليل من احتمالية رفض الجسم للكلية. وفي الماضي، كان المرضى يخسرون الكلية المزروعة نتيجة رفض الجسم الحاد لها وبالتالي عليهم الاعتماد على غسيل الكلى.
ونتيجة لتثبيط عمل الجهاز المناعي للطفل، تكون معدلات الخطر مرتفعة خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد العملية، ولكن المستشفى يعمل على مراقبة الطفل عن كثب، وفي الأغلب يتم تخريج المريض من المستشفى بعد عدة أسابيع.
وفي هذا الشأن قال السيد نظام مامود، مستشار جراحات الزراعة في مستشفى “جريت أرموند ستريت”، ورئيس الفريق المسؤول عن هذا الإجراء: “أنا سعيد جداً لتمكننا من إجراء جراحةزرع كلية لهذه الطفلة، ونأمل أن تساهم هذه الخطوة في منحها حياة أفضل وعمراً مديداً. وقد عملنا على تطوير هذا البرنامج لإعادة الأمل للأطفال والأهالي من جديد، وبالطبع هذه هي الحالة الأولى التي يتم علاجها، ونأمل أن نتمكن من توفير العلاج للمزيد من الأطفال ليكونوا قادرين على بدء حياة جديدة”.
بدوره أوضح الدكتور ستيفن ماركس، مستشار أمراض كلى الأطفال ورئيس برنامج زراعة الكلى في مستشفى “جريت أرموند ستريت” قائلاً: “تعد هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها إجراء عملية كهذه على طفل في المملكة المتحدة، وهذا أمر في غاية الأهمية نظراً للاختلاف الكبير بين الجهاز المناعي للأطفال والبالغين. وفي الماضي، لم يكن بالإمكان القيام بعملية زرع كلية للأطفال الحاملين لمستضدات الكريات البيضاء البشرية من متبرع على قيد الحياة، وتوجب عليهم الانتظار للحصول عل كلية من متبرع متوفى، وذلك بسبب انخفاض فرص نجاح العملية وتقبل الجسم للعضو المزروع”.
وأردف قائلاً: “يوفر زرع الكلى نوعية حياة أفضل للأطفال الذين يعانون من فشل كلوي حاد غير قابل للعلاج، وتتيح هذه التقنية الجديدة إمكانية إجراء الجراحة على أطفال كانوا غير مؤهلين لها، وبذلك يتجنبون الاعتماد على غسيل الكلى طوال حياتهم”.
ويوفر قسم زرع الكلى في مستشفى “جريت أرموند ستريت” خدمات متكاملة للأطفال المرضى الذين يعانون من أمراض كلى خلقية أو مكتسبة سواء كانوا مقيمين داخل المستشفى أو خارجه، ويعتبر هذا القسم الأكبر من نوعه في المملكة المتحدة، ونجح في تحقيق العديد من الإنجازات الأكاديمية والطبية.وتشرف نخبة من أبرز خبراء الرعاية الصحية المتمرسين على وحدة العمليات السريرية، وتمتاز الوحدةببرنامج توفير علاجات بديلة لأمراض الكلى تتضمن العلاج بالغسيل الكلوي البريتوني، والعلاج بالديال الدموي ( إزالة الفضلات والمواد السامة من الجسم وتعويض فقدان عمل الكلى)، وعمليات زراعة الكلى.
ويمتلك فريق العمل خبرة مميزة في التعامل مع مرضى عمليات زرع الكلى من متبرع حي. وقد نجحت الوحدة في إجراء جراحةزرعكلية من متبرع حي على أطفال من دولة الإمارات العربية المتحدة، وليبيا، والكويت.
قصة ميغان
تبلغ ميغان من العمر 14 عاماً، وقد عانت من مشاكل في الكلية منذ ولادتها وخضعت لجراحة زراعة في مدينتها دوبلن في العام 2011، ولكن رفض جسم ميغان للعضو الجديد أجبر الأطباء على إزالة الكلية في اليوم التالي من العملية، واضطرها للعيش على عمليات غسيل الكلى بشكل يومي.
وتمت إعادة وضع ميغان على لائحة الانتظار لعملية زرع، ولكن فرصها في الحصول على كلية كانت منخفضة جداً بسبب ارتفاع مستوى المستضدات في جسمها بنسبة عالية بحيث بات احتمال رفض الجسم للعضو كبيراً جداً. ومع عدم وجود فرصة للحصول على متبرع، بدأت العائلة تفقد الأمل، حتى تواصلت الدكتور ستيفن ماركس الذي أبلغهم بإمكانية المساعدة. وأخبرهم عن التقنية الجديدة التي نجحت عند تطبيقها على البالغين، والتي يتم خلالها إزالة مستضدات الكريات البيضاء البشرية من الجسم، وبالتالي أصبح بإمكان إدوارد، والد ميغان، الذي لم يكن بإمكانه التبرع مسبقاً، منح كليته لطفلته.
وبعد قدومها إلى المستشفى، خضعت ميغان لعملية إزالة المستضدات على مدى أسبوع كامل، ومن ثم أجريت لها عملية زرع لكلية تبرع بها الوالد. وبعد العملية، لاحظت العائلة تغيراً ملحوظاً في حالة ميغان، وتقول والدتها كارول: “بدا وكأنها قد عادت إلى الحياة. وكان وجهها يلمع وعيناها مشرقتان وخدودوها موردة، لقد عادت الطفلة التي كانت من قبل”. وعلقت ميغان قائلة: “للمرة الأولى في حياتي، شعرت أنه بإمكاني فتح عيني”.
مضت ثلاثة أشهر، وأشرف الجهاز المناعي لدى ميغان على استعادة قوته. وبدا التبدّل في حالة ميغان جلياً يوماً تلو الآخر فقد أصبحت طفلة عادية تغمرها السعادة، ولا تشعر بالتعب كما في السابق، وقد استعادت حياتها اليوم.وتضيف كارول: “كان من الرائع أن يستقبلنا كل من الدكتور ماركس والسيد مامود.بعد أن بدأنا نفقد الأمل وشعرنا بأننا أمام طريق مسدود”.
ويؤكد الوالدان على أهمية التبرع بالأعضاء، كما أنهما على ثقة بأن فرصة نجاح عملية كهذه بنسبة 80% توفر للعائلات التي تعاني من الحالة نفسها أملاً جديداً في الحياة.