اسلاميات

المؤتمر الدولي العلمي التطبيقي يصدر البيان الختامي حول سبل التعايش السلمي بين الاديان ودور العلماء والدبلوماسيين في تحقيقه

موسكو – سويفت نيوز:

شهدت موسكو انعقاد المؤتمر الدولي العلمي التطبيقي حول “سبل التعايش السلمي بين الأديان: دور العلماء والدبلوماسيين والمهتمين في تحقيقه”  الذي نظمته الجمعية الدينية لمسلمي روسيا ومجلس التعاون مع الجمعيات الدينية التابع لرئيس الاتحاد الروسي والكنيسة الأرثوذكسية الروسية والجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية والجمعية الروسية لحماية الحريات الدينية ومعهد الدراسات الشرقية في أكاديمية العلوم الروسية والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي بمساعدة من صندوق دعم الثقافة الإسلامية والعلوم والتعليم. شارك في اعمال المؤتمر ممثلون بارزون عن المؤسسات التعليمية والبحثية الحكومية وغير الحكومية وعلماء وخبراء وعلماء دين وناشطون دينيون واجتماعيون وسياسيون روس وأجانب.

تمت خلال اعمال المؤتمر مناقشة قضايا الأنشطة المشتركة للمنظمات الدينية والاجتماعية التي تهدف الى تعزيز السلام وتنسيق العلاقات بين الأديان والأعراق، وتطرق المؤتمر إلى الدور التاريخي الذي يقوم به الدبلوماسيون وعلماء الدين البارزين والى طرق وأساليب مواجهة الأيديولوجيات المتطرفة في مجال العلاقات بين الأديان. دارت الخطابات في المؤتمر حول محور واحد وهو الحاجة إلى بناء فضاءِ حسنِ جوارٍ بين الأديان في العالم، يقوم على أساس الحفاظ على المبادئ والتقاليد الأخلاقية للأديان المختلفة وتطويرها. تهدف تلك الجهود المشتركة إلى تطوير المبادئ الأساسية للحوار بين الأديان في العالم الحديث الذي تسود فيه تقاليد دينية وروحية مختلفة للغاية والى تعميم واختبار “أفضل التطبيقات العملية” التي مورست في هذا المجال والى وضع توصيات عملية تقدم لكل من الاوساط العلمية والحكومية والاجتماعية والدينية والشبيبية على حد سواء.

إنه من الواضح أن هذا المسار صعب، ولا يمكن اجتيازه بانفراد، كما لا يمكن الوصول فيه الى نتائج إيجابية إلا من خلال الاعتماد على الحوار بين الأديان والتعاون بين الدولة والدين واحترام حقوق وحريات الناس الذين يدينون بديانات مختلفة. ويعود الدور الأكثر أهمية هنا للسياسيين ورجال الدين والنشطاء الاجتماعيين والدبلوماسيين.

ولقد أولى المشاركون في المؤتمر اهتماماً خاصاً لمبدأ عدم جواز تشويه التعاليم الدينية القديمة والتقاليد وأسسها لأغراض سياسية أو لدوافع ربحية كما يُرفض استخدام الدين بهدف إدارة وتبرير الحروب العدوانية والمطالب الإقليمية، كما يُعتبر تدخل الدولة في حياة المواطنين الدينية امراً غير مقبول، شأنها شأن جميع الدول المشاركة في المؤتمر، كانت روسيا دائمًا وما تزال تعارض العدوان و”مفاهيم التفوق” الديني والعرقي. لقد أصبح التعايش السلمي بين الدول والشعوب والأديان والثقافات، وممارسة الدبلوماسية الهادفة الى التغلب على النزاعات أكثر واقعية اليوم وبشكل لم يسبق له مثيل.

أكد المشاركون في المؤتمر على أن الحفاظ على السلام والاستقرار لن يتحقق الا من خلال توحيد الجهود المشتركة لممثلي جميع الأديان، والأمم، والحكومات، والمؤسسات الدولية والاجتماعية.  لقد تأكد للمؤتمرين أن التغلب على التحديات المعاصرة والتهديدات الإرهابية يرتبط ارتباطًا مباشرًا بتعزيز الحوار الثقافي والحضاري والديني في العالم، كما يرتبط ايضا بالتغلب على الجهل الديني والصراعات الدينية. إنه في ظل الظروف الحالية يواجه المجتمع البشري تحديات ومخاطر وتهديدات للتنمية، الامر الذي يجعل مشكلة الحفاظ على تراثنا الثقافي وتقاليدنا وثوابتنا الدينية امرا ملحا.  لقد ظهر في الآونة الأخيرة خطر كبير من جراء المواقف التي يتخذها قادة بعض الدول القوية التي تعلن نفسها حامية للديمقراطية وتدعي الحق في استهداف أي بلد لا تتماشى سياسته مع اهوائها مجالا لمصالحها، وتخلق الفوضى على أراضيها وتطيح بحكوماتها وتدمر البنى التحتية والثوابت التاريخية والثقافية التي تعود إلى قرون، مطلقة بذلك آليات تدمير الشعوب. لقد نص ميثاق اليونسكو بحقٍ على ما يلي: ” تبدأ جميع الحروب في عقول الناس”. وجاء في ديباجة الميثاق الذي تم اعتماده عام ١٩٤٥: ” إن لم نكن نريد الفشل، فيجب على السلام أن يرتكز على التضامن الفكري والأخلاقي للبشرية”. ولكن هذا النوع من التضامن لا ينشأ بحد ذاته، بل يتطلب جهودًا وإجراءات متضافرة مشتركة من جانبنا جميعًا.

يؤكد المؤتمرون أنه يجب على التعليم الذي كان وما يزال يقوم بدور رئيس في عملية تهيئة الشخص لكي يحتل مكانه المناسب في المجتمع ان يساعد في تعضيد هذه المهام. ولم تستبعد هذه المهمة العالمية وجود اختلافات مبدئية محتملة في الاستراتيجيات والأساليب التعليمية تسببها الخصائص الزمنية والثقافية. ويملي زمن العولمة الحاجة إلى إجراء تعديلات على هذا الامر، فلم يعد بالإمكان تقييد التعليم فقط ضمن إطار الثقافة الاصلية ولم يعد يكفي نقل القيم والتقاليد القومية والإثنية فقط. ويجب ان يصبح التعليم عابرا للثقافات وان تصبح الدراسات الدينية المقارنة دافعا اخلاقيا ضروريا في عملية التعليم.

يُجمع المشاركون في المؤتمر على الحاجة إلى تعزيز علاقات حسنِ الجوار والشراكة بين الأديان السماوية التقليدية ويجب على تلك العلاقات أن ترقى إلى مستوى التقنيات الحديثة وإنشاء بنى مشتركة في فضاء الإنترنت وإعداد مناهج مضادة مشتركة تقف في مواجهة مجنِّدي الطوائف الشمولية والمنظمات الإرهابية.

يُدرك المشاركون في المؤتمر أنه لا يمكن للعالم التغلب على الجهل الديني والتطرف الديني المزيف والابتزاز بالهوية الدينية إلا من خلال الحوار والتواصل والرغبة في تعاون مثمر، وذلك من خلال تنسيق العلاقات بين الأديان، كما يرى المؤتمرون أنه من المهم أن تُستخدم في الحوار بين الثقافات التجربة الايجابية لمجلس الأديان في روسيا برئاسة قداسة بطريرك موسكو وكل روسيا كيريل الذي يجمع ممثلي المسيحية والإسلام واليهودية والبوذية؛ ولمجلس الأديان التابع لرابطة الدول المستقلة برئاسة شيخ الإسلام الله شكور باشا زاده. كما يقدّر المشاركون في المؤتمر تقديراً عالياً دور سوريا  في مواجهة الحرب الإرهابية وموقف العلماء المسلمين ورجال الدين المسيحي فيها لمواجهة التطرف والتفكير الإرهابي.

يدين المشاركون في المؤتمر بشدة العمل الإرهابي الدموي المرتكب في نيوزيلندا (15 مارس 2019) والذي تسبب في إزهاق أرواح العديد من الضحايا من البشر، ويدينون جذور هذه الظاهرة الناتجة عن التعبئة الخاطئة والدعاية العلنية للإسلاموفوبيا، وكره الأجانب وغيرها من مظاهر الكراهية العرقية والتعصب الديني في الصحافة والشبكات الاجتماعية ، ودعوة الحكومات، والدول، والهياكل في العالم بأن تُوقف بحزم هذه الدعاية والتعبئة الخاطئة وتأخذ الشبكات الاجتماعية تحت السيطرة والمسؤولة.

يناشد المشاركون في المؤتمر جميع شعوب العالم ذات الموقف الإجتماعي النشط للحفاظ على السلام والصداقة والحوار بين الشعوب والأديان والثقافات، ويعلنون عزمهم على السير قدما في هذا الطريق. أنه في إطار معالجة المقترحات المذكورة أعلاه، نؤيد المبادرات الدولية مثل “إعلان عمّان” و”مبادرة السلام العربية” وغيرها من المبادرات الرامية إلى تحقيق تسوية عادلة وشاملة للنزاعات في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى من العالم تتفق عليها جميع الأطراف المعنية في برامج الحوار العالمية.

يؤكد المؤتمرون تأييد ودعم مبادرة تقديم البرنامج الاجتماعي والتربوي والتعليمي “قويم” المقدمه من مجموعة التعليم والتدريب عن بعد الـ DLT من أجل تعزيز وتحسين آليات عمل التعليم والتدريب والتعليم العالي والاهتمام بالمعاقين ومحاربة الفقر والجهل والبطالة وكذا تحسين الدبلوماسية العامة التي تستجيب للتحديات وتضع الحلول التهديدات المعاصرة.

يؤكد المؤتمرون أن إعلان ترامب بشأن الجولان أمرٌ مدان ومرفوض ويخالف كافة قواعد القانون الدولي ويقوض أي جهدٍ للوصول إلى السلام العادل ويؤدي إلى تصعيد التوتر في المنطقة والعالم.

أنه في ضوء ما تقدم اعتمد المشاركون في المؤتمر القررات التالية والتي تعد جزءًا لا يتجزأ من الوثيقة الختامية:

القررات:

١- الاقرار باعتبار هذا المؤتمر الدولي العلمي التطبيقي حدثاً هاماً يحقق مع متطلبات العصر، ويهدف إلى إيجاد حلول فعالة لمشاكل التعاون بين الأديان والثقافات والحضارات.

٢ – دعوة قادة الدول والدبلوماسيين والشخصيات الدينية والسياسية وذوي السمعة العالية من العلماء من مختلف أنحاء العالم إلى توحيد جهودهم بغية تطوير التعايش السلمي والتعاون بين الشعوب والأديان والثقافات.

٣ – حث جميع دول العالم على اتخاذ موقف صارم تجاه التقيد بمعايير القانون الدولي فيما يتعلق بحرية الفكر والمعتقد وبالاتفاقيات التي تم التوصل إليها في هذا الصدد وتنفيذها لا سيما في ظل الظروف الراهنة من التوتر في العلاقات السياسية الخارجية في العالم.

٤ – دعوة الدول إلى تطوير التعاون بين المؤسسات الحكومية والمنظمات الاجتماعية الدولية في مجال تطوير التنوع الإثني، الثقافي والديني ورعايته والحفاظ عليه.

٥ – دعوة المؤسسات المتخصصة إلى تبادل الخبرات في أوساط العلماء والخبراء الدوليين بهدف تعزيز الحوار بين الأديان ومنع توليد وتبني أفكار التطرف والإرهاب.

٦ – الدعوة إلى تكثيف أنشطة المجموعات المختصة في الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومجلس أوروبا ومنظمة التعاون الإسلامي واليونسكو، في مجال انتقاد وتحييد أنشطة معاداة السامية والإسلاموفوبيا وكراهية المسيحيين وكراهية الأجانب (في العالم) وصرف اهتمام زائد لموضوع نشر المعرفة العلمية والقيم الثقافية، بغية إجراء حوار ناجح بين الأديان والثقافات.

٧ – يحث المشاركون في المؤتمر الدول الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا على الإسهام في التنفيذ السريع للتكليف الصادر عن مجلس وزراء خارجية المنظمة في بازل عام ٢٠١٤ والمتعلق بإصدار إعلانين منفصلين بشأن حماية المسيحيين والمسلمين في ضوء المحنة المستمرة للمؤمنين (وخاصة المسيحيين منهم) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

٨ – الدعوة إلى إدانة الحقن الزائف للمعلومات التي تزعزع استقرار النظم الاجتماعية المحلية والعالمية والتي تثير الصراعات بين الأديان والأعراق.

٩ – يشيد المشاركون في المؤتمر السياسة الداخلية والخارجية للاتحاد الروسي، والتي تولي الاعتبار اللازم لحق الإنسان في الحرية الدينية وحق تقرير المصير ولاحترام الخصائص التاريخية والثقافية للشعوب والأديان، تعتبرعاملاً إيجابياً في التأثير على مسيرة اشعاع التنمية العالمية العامة.

١٠ – الدعوة إلى تنظيم التفاعل والتعاون الفعالين بين جمعيات الشباب الدينية والجامعية على المستوى الدولي بمشاركة علماء الدين والدبلوماسيين والعلماء والخبراء وذلك بغية وضع مفهوم للتصدي لإيديولوجية التطرف بين الشباب.

١١ – حث الدول على المضي قدماً في مسألة البحث عن أشكال جديدة من الدعاية الدولية المضادة لأفكار التطرف والإرهاب الخاطئة على شبكة الإنترنت والشبكات الاجتماعية.

١٢ – الدعوة إلى إنكار إعلان ترامب بشأن الجولان واعتباره أمراً مرفوضاً و مدان ويخالف كافة قواعد القانون الدولي ويقوض أي جهد للوصول إلى السلام العادل ويؤدي إلى تصعيد التوتر في المنطقة والعالم.

١٣ – دعم مبادرة عقد مؤتمر علمي تطبيقي دولي في عام ٢٠١٩ بعاصمة الجمهورية العربية السورية دمشق، حول دور علوم الدين والتعاون بين الأديان والدبلوماسية الشعبية لمواجهة التطرف والتفكير الإرهابي.

١٤ – عقد مؤتمر علمي تطبيقي دولي مكرس للاحتفال بالذكرى التسعين لميلاد يفغيني بريماكوف في القاهرة (في تشرين الاول/أكتوبر – تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٩).

١٥. يؤكد المؤتمرون تأييد ودعم مبادرة “قويم” المقدمه من مجموعة التعليم والتدريب عن بعد الـ DLT من أجل تعزيز وتحسين آليات عمل التعليم والتدريب والتعليم العالي والاهتمام بالمعاقين وكذا تحسين الدبلوماسية العامة في مجابهة مخاطر إلغاء الآخر والتي تستجيب للتحديات وتضع الحلول للتهديدات المعاصرة.

١٦ – دعم الاقتراح الداعي إلى عقد مؤتمر عالمي حول الحوار بين الأديان والأعراق في الاتحاد الروسي عام ٢٠٢٢ ودعم جهود روسيا الساعية لتعزيز هذه المبادرة في المحافل الدولية.

١٧ – التأكيد على التأثير الإيجابي الذي حققه العمل المشترك في هذا المؤتمر على تنمية الحوار بين الأديان، والتعبير عن الامتنان على ما قاموا به من أنشطة في سبيل الحفاظ على السلام والوئام بين الأديان وتعزيزهما.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى