تقرير إقتصادي لبنك أبو ظبي يحذر من عواقب التطورات في أوكرانيا
أبوظبي- سويفت نيوز
في الاسبوع الماضي، لم يكن من السهل التحلي بالتفاؤل والايجابية وذلك نظرا للأوضاع السلبية التي طغت على الوضع العام. فقد أثرت التطورات الحاصلة في العراق وزيادة التدخل الروسي في الشؤون الأوكرانية وتصاعد المخاوف بشأن فيروس إيبولا على الأسواق، الا أنها لم تعطل عمل أسواق العالم حيث لم تكن مستواها بمستوى عائدات السندات الأمريكية والتي بلغت 2.35% ، وبشكل عام تنطبق المخاطر على أسواق الأسهم.
لا نزال قلقين للغاية إزاء التطورات في أوكرانيا، فقرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بعدم التراجع ومواجهة العقوبات الاقتصادية سيؤدي الى زيادة مخاطر هبوط أسواق الأصول في روسيا. وهناك خطر حقيقي سينتج عن ارتفاع التصعيد العسكري في الأسابيع المقبلة. ومع قتال الحكومة الأوكرانية ضد الانفصاليين هناك خطر من نقل روسيا للقوات والمعدات العسكرية الى أوكرانيا تحت ستار قوات حفظ السلام والبعثات الإنسانية. ونعتقد أن مثل هذا التطور سيؤدي الى فرض المزيد من العقوبات الجزائية على روسيا.
على الرغم من تأثر أوروبا بجزء من هذه العقوبات والعقوبات الانتقامية التي فرضتها روسيا، الا أن روسيا تظل هي الخاسر الأكبر. اذا قامت روسيا بقطع إمدادات الغاز عن أوروبا فإن اقتصادها ستنهار. مع حلول عام 2012 استحوذ قطاع النفط والغاز 16% من اجمالي الناتج المحلي لروسيا، و 52% من إيرادات الموازنة العامة للدولة و 70% من إجمالي الصادرات. وفي هذا الوقت، تتمتع أوروبا بوضع اقتصادي صحي لمواجهة أي تعطل في الامدادات. وتظهر أحدث البيانات ارتفاعا في حجم مخزون الغاز في أوروبا بلغ 81% وفي المملكة المتحدة 94%. وفي الوقت الحاضر هناك وفرة من الغاز في العالم مع هبوط سعر الغاز الطبيعي المسال من 20 دولار للمليون وحدة حرارية إلى 10.5 دولار. وبقيام اليابان وكوريا الجنوبية بإعادة تشغيل منشآتها النووية سيتعرض الطلب على بعض أنواع الغاز للتراجع. في الأشهر الأخيرة، كان هناك خبر إبرام روسيا صفقات مع الصين لتوفير الطاقة ولكن من المعروف أن الصين من الصعب التفاوض معها حول الهوامش لسعر التكلفة. ومن غير المرجح أن تبرم روسيا العديد من الصفقات مع دولة يمكنها بكل سهولة أن تقلل من شأنها.
أسواق الأصول الروسية لديها بعض السلبيات المحدودة في حال لم تستمر الأزمة في التدهور. كان مؤشر بورصة موسكو «ميسيكس» في مارس منخفضا بمعدل 7% عن المستويات الحالية. وبلغت تكلفة التأمين ضد العجز عن سداد الائتمان للسندات الروسية 275 مقابل تكلفته الأخيرة 280 كما يبلغ سعر صرف روبل مقابل الدولار 36.46 مقابل ارتفاع / نقطة ضعف الأخيرة بلغ 36.63. واليوم موقف روسيا أخطر بكثير مما كانت عليه في مارس عند بداية الأزمة، وقد تنهار أسواق الأصول ضمن نطاقات تجارية جديدة. كان حجم أسواق الأسهم في الآونة الأخيرة متواضعا ما يشير إلى عدم الاستسلام ولكن يجب أن نتذكر أن على المستثمرين المحليين الاستسلام من خلال بيع الأصول. ومن ناحية امتلاك أسهم بعض الشركات، هناك اهتماما قليلا من قبل الأجانب في الأسهم الروسية. لذا، سوق السندات هي على الارجح الأكثر خطورة في روسيا. وقام المستثمرين الأجانب في بنك ستاندرد تشارترد الذين باعوا سندات قيمتها 2.9 مليار دولار في مارس وأبريل بإعدة شرائها في في يوليو.
بالرغم من صعوبة الربط بين أداء الأسواق المالية والأزمة الصحية المتمثلة بإنتشار فيروس ايبولا، وانحصارها حتى الآن في غرب أفريقيا فقط، إلاّ أننا شهدنا خلال الأسبوع الماضي انخفاضاً كبيرا في مستويات الثقة على أقل تقدير أن لم يكن في النشاط الفعلي في الاقتصاد العالمي. بلغ عدد الوفيات بسبب فيروس إيبولا وفقا للبيانات الرسمية 932 في أفريقيا هذا العام من أصل إجمالي 1711 حالة. لكن في الأسبوع الماضي كانت هناك زيادة حادة في الحالات المبلغ عنها مع معدل 70 وفية يومياً مقارنة مع 10 وفيات خلال الأسابيع القليلة الماضية. ووصفت منظمة الصحة العالمية حالة تفشي فيروس إيبولا خلال الأيام القليلة الماضية بالحالة الطارئة عالمياً. واستجابت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية في الولايات المتحدة الأمريكية على أعلى المستويات وأوصت بعدم السفر إلى غرب أفريقيا. بما أن هذا التفشي هو الأكبر منذ أربعين عاما. ينبغي أن يراقب المستثمرون الأوضاع لمعرفة ما إذا كان المرض سينتشر خارج أفريقيا. وحتى الآن، فقط الأفراد الذين سافروا إلى افريقيا وعادوا إلى بلدانهم الأصلية قد يشكلون تهديداً للبلدان الأخرى. كلاً من نيجيريا وسيراليون وغينيا وليبيريا يشكلون إجمالي نسبة 0.4% من ناتج الاقتصاد العالمي، وإذا كان هذا المرض سينتشر إلى العالم المتقدم فإن هذه المسألة ستكون أزمة حقيقية. وحتى الآن تمثلت الحالات الوحيدة بأفراد من إسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية وتم حجر هؤلاء الأفراد صحياً، كما تم إدارة الأمور بشكل جيد في المملكة العربية السعودية.
هناك مبالغة في الخوف من عمليات بيع حادة للسندات. حيث أثيرت هذه المخاوف الأسبوع الماضي عندما ذكرت الولايات المتحدة الأمريكية أن صناديق الاستثمار التي تستثمر في السندات عالية المخاطر قد عانت من سحب تدفقات مالية قدرت ب 7 مليارات دولار أمريكي في أسبوع واحد فقط. بالرغم من اعتقادنا بأن السندات التي كان أداؤها جيدأً منذ بداية العام قد تكون معرضة لبعض الصعوبات في جني الأرباح، إلا أننا لن نتخلى عنها بشكل كامل. و ذلك للأسباب التالية: أولاً، أن التدفقات المالية للأفراد ليست المؤشر الدقيق للحكم على الأداء المستقبلي لأي فئة من فئات الأصول. ثانياً، بالرغم من التراجع المتوقع لأداء الأسهم، إلا أننا نعوّل على نمو اقتصادي مستقر في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم. لكن كما شاهدنا خلال الأسبوع الماضي، ومع جميع المشاكل الجيوسياسية سيبقى الاستثمار في السندات الأمريكية ذات 10 سنوات الأفضل، مع انخفاض قدره 2.35% أثناء الجلسة مما يعني زيادة أرباح حاملي السندات. وبالرغم من أن السندات ذات الأرباح العالية قد انخفضت بنسبة 4% من أعلى مستوياتها في نهاية شهر يونيو إلى الأيام الأولى من أغسطس، فإننا شهدنا انتعاشاً متواضعا خلال الأسبوع الماضي.
تعاني أصول منطقة اليورو من الإفراط في عمليات البيع وانخفاض قيمها وذلك بسبب المخاوف من الأخبار السيئة، لكننا نعتقد أن هناك مبالغة بهذا الخوف. تراجع أداء سندات منطقة اليورو ذات الأرباح العالية، كما انخفض أداء أسهمها بنسبة 10%. لدينا مخاوف من تراجع عائدات السندات الألمانية التي انخفضت الأسبوع الماضي بنسبة 1.05%. أما السندات ذات العامين فقد انخفضت بنسبة 0.20% منذ بداية العام أي بنسبة 0.003% وهي نسبة أقل من العائدات على السندات اليابانية (0.053%) مما يجعلنا نتساءل، هل يمكن أن يكون الوضع بهذا السوء؟ في الحقيقة لا تزال هناك بعض التحديات في منطقة اليورو متمثلة بتراجع النمو الاقتصادي وانخفاض التضخم ما يفرض على صناع القرار هناك بعمل المزيد من الجهد. وبالرغم من المشاعر السلبية السائدة نتوقع بعض العوامل الإيجابية المفاجئة – فإن مؤشر سيتي جروب لقياس مدى توافق البيانات الاقتصادية مع توقعات السوق فإن نتائجه قد وصل لأدنى مستوياته.على الأقل فإن انخفاض سعر اليورو من 1.39 إلى 1.34 من مايو 2014 سيساعد المصدرين والشركات على احراز بعض العائدات من الخارج.