مقالات

40 خطأً في خطبة جمعة مكتوبة!!

صورتي
(محمد خضر الشريف) 
==========
كنتُ ومازلتُ ضد خطبة الجمعة المكتوبة “حرفيا”، يكتبها الخطيب ويستفرغها على أسماعنا، بلا لون ولا طعم ولا رائحة؛ فنخرج منها كما خرج الأربعون حمارا المعممون من المسجد يوم الجمعة!!
(لعلي أسرد قصتهم في وقت آخر)
استمعت لخطيب مسجدنا الدائم وهو يخطب من ورقة لمدة ربع الساعة، في خطبة تقليدية في موضوعها ومضمونها، فأحصيتُ له 30 خطأ لغويا، طالت آيات قرآنية، وأحاديث نبوية، وشواهد نثرية وشعرية؛ مما اضطرني بفعلته النكراء، إلى أن أراسله بجملة واحدة: “عفا الله عنك ياشيخ لقد أقلقت سيبويه في مضجعه”!! وشرحت له بعدها كوارثه التي ارتكبها في حق القرآن والسنة ولغة العرب..

الجمعة التي تلتها انتبه لنفسه، فجاءت خطبته، المكتوبة والمعدة سلفا أيضا، تحمل 40 خطأ لغويا ..
( أكرر 40 خطأ لغويا ) !!!!
هنا تمثلت بموقف سيدنا موسى عليه السلام وهو يقول: [ ويضيق صدري، ولا بنطلق لساني]..
وبلعت لساني، وضحكت مع نفسي وأنا أردد قول من قال:”علم في المتبلم يصبح ناسي”!!

أمس ( الجمعة) فاجؤوني بطلب إلقاء خطبة جمعة (مفاجئة ومرتجلة)، استغرقت مني ثلاثة أرباع الساعة، وجعلتها مرتبطة بقضية مجتمعية مهمة جدا، تتمثل في ” كيفية حماية حقوق المال العام من أصحاب الذمم الخربة”!
سجلتها لأحصي أخطائي وأقوّم اعوجاجي، فوجدتها – بفضل الله ومنته وكرمه- خالية من أي خطأ لغوي..
ورفرفت روح عمنا الكبير إمام العربية وشيخ النحاة “سيبويه” وسمعتها تهمس في أذني: “لافض فوك” !
وقرأت دموع الحضور في وجوههم، وتأثرهم- بما فتح الله على صاحبها -فأنساهم طولها الفاضح بشرحها الواضح وأسلوبها الناضح..

كان بودي أن يكون خطيب جمعتنا الدائم معنا؛ ليسمع ويرى درسا عمليا، يتعلم منه في مهنته التي يحترفها ويأكل منها عيشه!

لقد مرت علي مواقف في عدة مدن في بلدان كبرى كنت أدخل المسجد يوم الجمعة؛ فأفاجأ بغياب خطيب الجمعة، وأرى الحضور، أحسبهم شيوخا وعلماء، فوالله ما يتجرأ أحد منهم على صعود المنبر- ولو تخليصا للموقف وسد الخانة- تهيبا منه، وتقديرا لقداسة الخطبة، التي كان من العيب الكبير أن يلقبها خطيبها مكتوبة.
وسبحان الله، لحظتها أجد أحدهم يوميء إليَّ بالصعود للمنبر -دون معرفة سابقة بي- فيفتح الله عليّ بما بنقذ الموقف ويتم أداء الشعيرة على خير !

ياسادة.. السماح بالخطبة المكتوبة “نصا” وليس “عناصر فقط” -على الأقل- أفقدت هيبة المنبر، وجعلت كل من “هب ودب” يرتقي هذا المرتقى الصعب؛ فيهذي بما لايدري، ويهرف بما لايعرف!

إلى القائمين على شؤون المساجد.. فضلا أعيدوا لمنبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هيبته وقداسته ومكانته، ولخطبة الجمعة رونقها وجمالها وتأثيرها، ورسالتها السامية في التوعية والإرشاد والتثقيف، وربط موضوعها بقضايا العصر من منطلق إسلامي وسطي معتدل وبأسلوب سهل وبحجة قوية.

 منبر الجمعة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى