ﺃﺳﻔﺮ اﻟﺼﺒﺢ فﺃﺭاﺩ ﺇﻳﻘﺎﻇﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﻮﻣﻬﺎ؛ ﻓﺈﺫا ﺑﻬﺎ ﺟﺜﺔ ﻫﺎﻣﺪﺓ..
أﺻﺎﺑت المسكين دهشة ﻭﺣﺰﻥ ﻋﻤﻴﻖ، ﻓﺴﻘﻂ ﻣﻐﺸﻴﺎً ﻋﻠﻴﻪ..
ﺩﻓﻨﺖ الزوجة الشابة ثاني بوم من عرسها في مقبرة دار الغزال بمدينة صعدة باليمن أصاب الزوج الملتاع ما أصاب “قبس ليلى” من شدة الوله والحزن العارم على محبوبته التي لم يلحق أن يهنأ بها أو تهنأ هي به، حتى كاد يفقد عقله من شدة تأسفه على فراقها..
كتب الزوج الحزينﻋﻠﻰ ﻗﺒﺮ زوجته أبياتا من الشعر الغزلي المشوب بالرثاء والهجر، وسجل لنا تاريخ الأدب العربي -الذاخر بالذخائر والنفائس في هذا الشأن- ماكتبه الزوج في ﻫﺬﻩ اﻷﺑﻴﺎﺕ:
ﻳﺎ ﻗﺒﺮُ ﻣﺎ ﺯاﻝَ ﻳﻬﻤﻲ ﻓﻮﻗَﻚَ اﻟﻤﻄﺮُ
ﻟِﻢْ ﻻ ﺗَﺘِﻴْﻪُ وﻓﻴﻚ اﻟﺸﻤﺲُ ﻭاﻟﻘﻤﺮُ
ﻭﻓﻴﻚ ﺟﻮﻫﺮﺓٌ ﻣﻜﻨﻮﻧﺔٌ ﺩُﻓِﻨَﺖْ
ﺗﺤﺖ اﻟﺜﺮﻯ ﻗﺪ ﺣَﻜَﺖْ ﺃﻭﺻﺎﻓَﻬﺎ اﻟﺴﻮﺭُ
ﻭﻓﻴﻚ ﻟﺆﻟﺆﺓٌ ﻣﺨﺰﻭﻧﺔٌ ﺗَﺮَﻛَﺖْ
ﻗﻠﺒﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺟﺮﻳﺤﺎً ﻟﻴﺲ ﻳﻨﺠﺒﺮُ
ﻋَﻘِﻴْﻠﺔٌ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ اﻟﻤﺨﺘﺎﺭِ ﻃﺎﻫﺮﺓٌ
ﻋﺪﻳﻤﺔُ اﻟﻤﺜﻞِ ﻋﻨﻬﺎ ﻳَﺤْﺴُﻦُ اﻟﺨﺒﺮُ
ﺣﻠﻴﻔﺔُ اﻟﺪﻳﻦِ ﻭاﻟﺘﻘﻮﻯ ﻣﻨﺰﻫﺔٌ
ﻋﻦ ﻛﻞ ﻋﻴﺐٍ ﻧﻤﺎﻫﺎ ﺳﺎﺩﺓٌ ﻏُﺮَﺭُ
ﺑﺎﻟﻠﻪِ ﻳﺎ ﻗﺒﺮُ ﻫﻞ ﺯاﻟﺖْ ﻣﺤﺎﺳِﻨُﻬﺎ
ﻭﻫﻞ ﺗﻐﻴّﺮ ﺫاﻙَ اﻟﻤﻨﻈﺮُ اﻟﻨَﻀِﺮُ؟
ﻳﺎ ﺣﺴﺮﺗﺎﻩ ﻋﻠﻰ ﺫاﻙَ اﻟﺠﺒﻴﻦِ ﻭﻫﻞ
ﻳُﺠﺪﻱ اﻟﺘﺤﺴّﺮُ ﺃﻭ ﻳُﺸﻔـَى ﺑﻨﺎ ﺿﺮﺭُ؟
ﻋَﺪِﻣْﺘُﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﺷﻔﻲ اﻟﻔﺆاﺩَ ﺑﻬﺎ
ﺃﻭ ﻳﻨﻘﻀﻲ ﻟﻲَ ﺃﻭ ﻣﻨّﻲ ﻟﻬﺎ ﻭﻃﺮُ
ﻟﻘﺪ ﺗﻨﻐّﺺَ ﻋﻴﺸﻲ ﺑﻌﺪ ﻓﺎﻃﻤﺔٍ
ﻭﻣﻘﻠﺘﻲ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺃَﻟﻮﻯ ﺑﻬﺎ اﻟﺴﻬﺮُ
ﻟﻜﻨّﻪُ اﻟﻤﻮﺕُ ﻭاﻟﺮﺣﻤﻦُ ﻗﺪّﺭَﻩُ
ﻓﻤﺎ ﻟﻨﺎ ﻣَﺼْﺮِﻑٌ ﻋﻤّﺎ ﻗﻀﻰ اﻟﻘﺪﺭُ
ﻻ ﻓﺎﺭﻗﺖْ ﺭﺣﻤﺔُ اﻟﺮﺣﻤﻦِ ﻣﻠﺤﺪَﻫﺎ
ﻭﻭاﺑﻞُ اﻟﻤﺰﻥِ ﻻ ﻳﻨﻔﻚُ ﻳﻨﻬﻤﺮُ
——————
ثم ﻟﻢ ﻳﻠﺒﺚ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺗﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻳﻮﻣﺎً حتى توفي كمدا وحزنا عليها فدفن ﺑﺠﻮاﺭﻫﺎ*. ——————-
*من كتابي” ابنة العم في تاريخ الشعراء العشاق” لمحمد خضر الشريف ( تشر منه فصول في”المجلة العربية التي تصدر بالرياض)
(( نشر بالتزامن مع “الجمهورية أولاين”..))