“سد المصانع” بمدينة الرياض.. جودة البناء وعراقة التاريخ

الرياض – واس :
تتربَّع بلدة المصانع الواقعة جنوب مدينة الرياض، على ضفاف وادي حنيفة الذي ينفرج عنها غربًا وشرقًا؛ ليسقي نخيلها ومزارعها الضاربة في جذور التاريخ، وتسقى أيضًا من سيل وادي نمار، إذ يلتقي وادي نمار مع وادي حنيفة وتبدأ حدود المصانع شمالًا، ويلتقي وادي حنيفة بوادي الوتر “البطحاء” وينتهي جنوبًا وذلك بطول 3 أكيال.
ويشير المؤرخون إلى أن اسم “المصانع” قديم جدًا وهو مشتقّ من مصانع الماء، ومفردها (صنع)، وهي قنوات يجري فيها الماء لسقي بساتين النخيل، ويستدلون على قدم العمارة والسكنى فيها بقول الهمداني: “إنها بلدة لضور بن رزاح من قبيلة بكر بن وائل”، وعدَّها ياقوت الحموي ضمن القرى التي لم تدخل في صلح خالد بن الوليد عندما صالح بني حنيفة في أوائل العام الثاني عشر للهجرة.
ويصفها لوريمر وصفًا دقيقًا قائلًا: “إنها تقع على جانبي الوادي، وماؤها قريب من السطح، وتوجد فيها أشجار الفاكهة المعتادة والحبوب، وربما عشرة آلاف نخلة، وبساتين المصانع تتصل ببساتين منفوحة”.
وتحتفظ بلدة المصانع ببعض آثارها الشاخصة التي تدل على عراقتها كسدها الحجري على وادي حنيفة، الذي يمتد تاريخ بنائه إلى 700 عام خلت، ويطلق عليه منذ القدم “العراص” نسبة إلى الأحجار الأسطوانية التي تتوسط أضلاعه، ويبلغ عرضه ثلاثة أمتار، وبارتفاع أربعة أمتار، فيما يصل طوله إلى نحو 150 مترًا.
وشهد السد عدة أعمال ترميم وإعادة بناء، منها ترميمه المميَّز في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- عام 1322هـ، ويضم موقع السَّد حاليًا متنزَّهًا يتضمّن بحيرة تبلغ مساحتها 10 آلاف متر مربع، وبعمق مترين، وممرّات للمُشاة بطول أربعة أكيال ونصف، إضافة إلى جلسات للمتنزهين، وعدد كبير من النخيل الباسقة والأشجار البريّة.
وأوضح المتخصّص في تاريخ مدينة الرياض الدكتور راشد العساكر لـ “واس”: “أن المصانع بلدة قديمة، سكنتها قبيلة بني حنيفة، وضور بن رزاح، وقبائل أخرى، وكانت متنزّهًا للأئمة تركي بن عبدالله، وفيصل بن تركي، وعبدالرحمن بن فيصل، والملك عبدالعزيز -رحمهم الله-؛ لما تتميّز به من بساتين الفواكه ومزارع الخضروات، ولهم فيها أوقاف نخيل تجُود بأنواع التمور، وأما السَّد فيقع منها في الجهة الجنوبية، وأشار فيلبي إلى أن الملك عبدالعزيز قد شارك أهالي المصانع في إعادة بنائه عام 1322هـ “.
الجدير ذكره أن “بلدة المصانع” تقع حاليًّا في الجهة الجنوبية من الدَّائري الجنوبي، بالقرب من حي الشفا، وكانت قديمًا بلدة مستقلة قبل أن يصل إليها التمدّد العمراني لمدينة الرياض، وتصبح حيًّا من أحيائها.




