أبها – واس:
شهد قطاع زراعة البن في منطقة عسير خلال الأعوام الأخيرة تحولًا نوعيًا أسهم في تعزيز مكانة البن السعودي بوصفه محصولًا اقتصاديًا واعدًا، ورافدًا تنمويًا مستدامًا، يتواءم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تنويع مصادر الدخل، ودعم الزراعة المستدامة، وتمكين المجتمعات المحلية.
وأظهرت المؤشرات الحديثة توسعًا زراعيًا لافتًا، حيث جرى استهداف زراعة أكثر من 7 آلاف هكتار في جبال عسير، مع توسيع نطاق الزراعة ليشمل 14 محافظة زراعية، مما أسهم في مضاعفة عدد المزارع ليصل إلى أكثر من 1400 مزرعة خلال ثلاث سنوات، في خطوة تعكس تنامي الاهتمام بزراعة البن بوصفه أحد المحاصيل ذات الميزة النسبية للمنطقة.
وسجَّل إنتاج البن في عسير نموًا تراكميًا ملحوظًا خلال الفترة من 2022 إلى 2025، إذ تجاوز عدد أشجار البن المزروعة 634 ألف شجرة، فيما بلغ إجمالي إنتاج كرز البن أكثر من 1500 طن، إضافة إلى إنتاج ما يزيد على 500 طن من البن الأخضر الصافي، وهو ما يعكس تطور الممارسات الزراعية، وتحسن جودة الإنتاج، وارتفاع كفاءة سلاسل القيمة من الزراعة حتى الحصاد والمعالجة.
وتوضح رئيسة مجلس إدارة جمعية البن بمنطقة عسير، نورة عبدالرحمن آل عايض، في حديثٍ لوكالة الأنباء السعودية (واس)، أن الجهود المبذولة في قطاع البن تنطلق من رؤية تنموية وطنية تستند إلى ما تتمتع به جبال عسير من مقومات زراعية فريدة، وتسهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، من خلال تمكين المزارعين، وإحياء الأراضي الزراعية، والارتقاء بجودة البن السعودي؛ ليكون منتجًا تنافسيًا يعكس هوية المكان والإنسان.
وفي جانب الأثر المجتمعي، كشفت بيانات الأداء عن مشاركة 95 متطوعًا بإجمالي 20545 ساعة تطوعية، توزعت على أنشطة زراعية وبيئية ميدانية، وبرامج توعوية وإرشادية، وأعمال تنظيمية ولوجستية، إضافة إلى مهام التوثيق والرصد وبناء قواعد البيانات، وجميعها صُممت لخدمة احتياج حقيقي وتحقيق أثر طويل المدى.
وفي بعدٍ تنموي موازٍ، شهد دور المرأة في منطقة عسير تطورًا لافتًا في قطاع البن، حيث توسعت مشاركتها من الأدوار المحدودة إلى القيادة والإدارة، والعمل الزراعي المتخصص، وريادة المشاريع، والمشاركة في مختلف مراحل سلاسل القيمة من الزراعة إلى التسويق، بدعم من برامج التأهيل والتمكين، ليغدو قطاع البن نموذجًا وطنيًا لتمكين المرأة في المناطق الجبلية.
وتؤكد هذه المنجزات مجتمعة أن الاستثمار في زراعة البن يمثل استثمارًا طويل الأمد يبدأ من الجذور، ويقاس أثره الحقيقي بما يحققه من فرص اقتصادية واجتماعية مستدامة، وبما يسهم في ترسيخ مكانة منطقة عسير بوصفها أحد أبرز مواطن “بن الأرابيكا” الصاعدة محليًا وعالميًا.
