الرياض – واس :
سلّطت جلسة حوارية بعنوان “مستقبل الجمال”، قدّمها الدكتور جون أرمسترونغ ضمن أعمال مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2025، الذي تنظّمه هيئة الأدب والنشر والترجمة تحت شعار “الفلسفة بين الشرق والغرب: المفاهيم، والأصول، والتأثيرات المتبادلة”، الضوء على العلاقة العميقة بين الجمال والحكمة، ودور التجربة الجمالية في تطوير وعي الإنسان بذاته وبالعالم من حوله.
وأوضح أرمسترونغ أن الجمال ليس مجرد صفة للأشياء، بل تجربة إنسانية تُظهر كيفية تفاعل العقل مع الصور والمشاهد والعناصر التي تبدو بسيطة، مثل انسياب خطوط كثبان الرمال أو ملامح طاولة خشبية، وهي أمثلة تكشف أن “الجمال يشتغل داخلنا بقدر ما يظهر خارجنا”.
وأشار إلى أن الفيلسوف الإنجليزي روجر سكروتن قدّم أحد أهم التصورات حول الجمال، عادًا المنحنيات الدقيقة في الأشياء الطبيعية والصناعية نوع من الانسجام العميق الذي يلامس الذات الإنسانية، وأن الجمال، وفق هذا التصور، يتجاوز الزمان والمكان، ويعمل قوة قادرة على تحرير الفكر، وإعادة تشكيل علاقتنا بالعالم.
وبيّن أن العقل، حين يتأمل الأشياء الجميلة يقوم بعملية تشبه التنظيم المعرفي الذي يساعد الإنسان على فهم الحياة بمستوى أعمق، مؤكدًا أن التجربة الجمالية “تشبه بوابة نكتشف من خلالها جزءًا من حكمة الحياة”.
وأوضح أن الجمال ليس حالة زخرفية، بل أداة إدراكية تمكّن الإنسان من تكوين رؤى أوضح حول ذاته ومشاعره، وتجاربه اليومية، وأن ما يحدث في التجربة الجمالية هو تفاعل خاص بين العقل والمشهد المتأمَّل، حيث يستجيب العقل للجمال بطريقة فريدة، ويعيد ترتيب إحساسات الإنسان بالعالم، وهو ما يجعل الجمال أحد أشكال الحكمة العملية، التي يمكن أن تطوّر طريقة عيش الإنسان، وفهمه، بما يسهم في بناء إنسان أكثر اتزانًا ووعيًا.
