أمن الدولة من الرعب للفرح

بقلم – محمد البكر :
في أغلب دول العالم ، يرتبط ذكر سجون أمن الدولة أو المباحث بصور مظلمة ، خوف ، صراخ ، وتعذيب يترك في الأذهان انطباعاً واحداً .. القسوة . لكن المملكة العربية السعودية كسرت هذه الصورة تماماً ، وقدّمت نموذجاً مختلفاً يقوم على أن الإنسان لا يُلغى بخطئه ، وأن الفرصة الثانية حق يستحقه كل من أراد إصلاح نفسه .
ولعل المشهد الذي شهدناه اليوم الأثنين في سجن الطرفية خير شاهد على هذا التحول الإنساني العميق ، حيث احتفلت رئاسة أمن الدولة بتخرج أول دفعة من النزلاء الحاصلين على درجة الماجستير بالتعاون مع جامعة القصيم ، في مشهد يدعو إلى الفخر، ويعكس رؤية وطن يؤمن بأن بناء الإنسان أقوى من معاقبته فقط ، وأن العلم هو البوابة الحقيقية لتغيير السلوك وفتح أبواب المستقبل .
هذه الخطوة ليست إجراءً شكلياً ، بل هي تعبير عن فهم عميق لدور المؤسسات الإصلاحية في إعادة دمج النزيل كفرد منتج ومسؤول بعد قضاء محكوميته . فأن يحمل نزيل شهادة عليا داخل السجن ، فهذا يعني أنه وجد يداً تمتد إليه ، ونظاماً يمنحه الثقة ، وبيئة تراهن على قدرته على التغيير . وهو أيضاً دليل على أن العدالة في المملكة ليست عدالة عقابية جافة ، بل عدالة رحيمة تهدف إلى إصلاح الإنسان قبل محاسبته .
إن ما حدث في الطرفية اليوم يُرسل رسالة مهمة للمجتمع … أن الإصلاح ممكن ، وأن الدولة لا تكتفي بتوفير الأمن ، بل تعمل على صناعته من جذوره عبر بناء الإنسان وتعليمه وتمكينه. إنها رؤية تُجسّد قيم الرحمة ، والمسؤولية ، وفرص الحياة الجديدة التي تمنحها حكومتنا أيدها الله لأبنائها مهما كانت أخطاؤهم .
في النهاية ، السجن في السعودية ليس نهاية الطريق ، بل قد يكون بداية جديدة… بداية أكثر وعياً وقوة لمن أراد أن ينهض من جديد . ولكم تحياتي




