جناح “منطقة الماضي.. جذورنا العلمية” يواصل إبهار زوار مهرجان الرياضيات بمكة المكرمة
مكة المكرمة – واس:
يواصل “مهرجان الرياضيات لغة العلوم” الذي تنظمه واحة الملك سلمان للعلوم بقاعة الملك سعود في مكة المكرمة، بالشراكة بين تعليم منطقة مكة المكرمة وجامعة أم القرى ويستمر حتى (30) نوفمبر الجاري، إبهار زواره من خلال جناحه الفريد “منطقة الماضي.. جذورنا العلمية”، الذي يأخذ الحضور في رحلة تفاعلية عبر الزمن لاستكشاف البدايات الأولى للعلوم والرياضيات وكيف أسهم العلماء العرب والمسلمون في تأسيس معارف أصبحت حجر الأساس للتقدم العلمي المعاصر، في أجواء تجمع بين الأصالة والابتكار؛ بهدف تذكير الأجيال الجديدة بأن جذور الإبداع العلمي ضاربة في عمق حضارتنا الإسلامية، وأن الرياضيات التي يتعلمونها اليوم وُلدت من عقول عربية وإسلامية آمنت بالعلم طريقًا للنهوض.
ويستحضر الجناح، وسط تصاميم تحاكي أجواء الحضارات القديمة، عبق التاريخ العلمي للحضارة الإسلامية والعصور التي سبقتها، مستعرضًا إنجازات العلماء الذين غيّروا وجه المعرفة الإنسانية وفي مقدمتهم العالم الخوارزمي الذي وضع اللبنات الأولى لعلم الجبر، وأسس مفهوم “الخوارزميات” الذي تقوم عليه علوم الحاسب الحديثة.
وتعيد المجسمات والعروض الرقمية في “منطقة الماضي” بناء مشاهد من الحياة العلمية القديمة، ويمكن للزائر أن يشاهد كيف كان العلماء قديمًا يستخدمون الهندسة في التشييد والبناء، وكيف أسسوا نظام العدّ الستيني الذي نعتمد عليه حتى اليوم في حساب الوقت والزوايا.
ويعرض الجناح مخطوطات رقمية وأدوات فلكية قديمة من العصر الذهبي الإسلامي استخدمها علماء مثل البتّاني، والبيروني، وابن الهيثم، وابن سينا، وتضيء الشاشات التفاعلية قصص هؤلاء العلماء الذين لم يكتفوا بنقل علوم الأمم السابقة، بل طوّروها وأضافوا إليها منهجًا تجريبيًا جديدًا غيّر مسار التاريخ العلمي.
ويحتل الخوارزمي مساحة خاصة في المعرض بصفته أحد أعظم رموز الفكر الرياضي في التاريخ، فمن خلال عرض تفاعلي ثلاثي الأبعاد، يمكن للزوار استكشاف منهجيته في “حساب الجبر والمقابلة”، وفهم كيف تحوّلت أفكاره إلى لغة رياضية عالمية تُدرّس في كل المدارس والجامعات حول العالم.
وحرص المنظمون على دمج التعليم بالتجربة من خلال أنشطة تفاعلية تناسب جميع الفئات العمرية، في ركن “العالم الصغير”، إذ يعيش الأطفال تجربة حل المسائل الجبرية باستخدام ألعاب ذكية تربط بين المفهوم الرياضي والتطبيق الواقعي، أما الشباب والطلاب فيخوضون تجربة الواقع المعزز (AR) للتفاعل مع شخصيات العلماء القدماء ويتعلمون منهم بطريقة تجمع بين الترفيه والمعرفة.
وتؤكد “منطقة الماضي.. جذورنا العلمية” أن الابتكار ليس وليد اللحظة، بل ثمرة تراكم حضاري طويل أسهمت فيه الأمم جميعًا، فكما وضع العلماء المسلمون أسس الحساب والجبر والفلك، يواصل العلماء اليوم البناء على تلك الإنجازات لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات.
ويأتي هذا الجناح ضمن رؤية مهرجان الرياضات لغة العلوم الرامية إلى تعزيز الثقافة العلمية وربط الرياضيات بحياة الإنسان اليومية، إضافة إلى تحفيز روح البحث والاكتشاف لدى الشباب، وتشجيعهم على مواصلة مسيرة الإبداع العلمي التي بدأها أسلافهم منذ قرون، فمن خلال هذا المزج بين التراث العلمي والمستقبل التقني، يقدّم المهرجان نموذجًا فريدًا في توظيف الثقافة والمعرفة لبناء وعي علمي متجذر في الهوية، ومواكب لعصر الابتكار.




