مقالات وآراء

عندما كان الهاتف مربوطا بسلك

بقلم – يوسف البيشي:

عندما كان الهاتف مربوطًا بسلك كان الجميع أحرارًا، وعندما كان الهاتف مربوطا بسلك كان الجار يعرف الجار، وكان الأخ يزور أخاه، وكان باب البيت مفتوحا للجميع، وكان الأطفال يدخلون، ويخرجون مع بعضهم من بيت إلى آخر.

تحرر الهاتف وأصبح ذكيًّا، وتخلفنا نحن؛ فقطعنا الأرحام والجيران، ونسينا الأهل والأقارب.

أصبحنا نسكن المجموعات الافتراضية نلتقي فيها كثيرًا ننقل أخبارًا ومعلومات متفرقة ثلاثة أرباعها خاطئة مظللة، وربعها قد يكون صحيحًا.

فقدنا اللقاء والتقارب على أرض الواقع، وأُصبْنا بالجفاف العاطفي، وكثر الاختلاف، وفرقتنا وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات المختلفة، وإنْ صح القول فهي وسائل انفصال لا اتصال.

يسوقنا الحنين إلى الماضي حين كنا يدًا واحدة وقلبًا واحدًا نستذكر تلك الأيام صباحها ومساءها، وكانت علاقاتنا مترابطة، وسكان الحي يعرفون بعضهم بعضًا.

أما اليوم فلا نعرف ما يدور خلف جدراننا، فأين ذهبت تلك الأيام واللقاءات البسيطة التي تعزز العلاقات الاجتماعية ؟

أجيبكم إنّ الناس أشغلتهم هواتفهم؛ فأصبحوا يجالسونها أكثر من أبنائهم وأهلهم وجيرانهم، حين كان الهاتف مربوطا بسلك كان الجميع أحرارًا، وعندما تحررت الهواتف من الأسلاك أصبحنا عبيدا لها.

أصبحنا لا نستغني عنها أبدًا، واستغنينا عن علاقاتنا وروابطنا الاجتماعية، وسنعيش بهذا العالم بعلاقات افتراضية جافة.

الهاتف سرق منا كل شيء حتى، ونحن في الطريق لا نترك الهاتف لحظة؛ حيث نلهو به ومعه، وننسى الطريق، وكم من أرواحٍ غيبتها حوادث الطريق بسبب هذا الهاتف الذي نعشقه! ولا نستطيع فراقه حتى على حساب حياتنا، ونسأل الله السلامة للجميع.

متى نعود إلى حياتنا الطبيعية وعلاقاتنا الاجتماعية الحقيقية لا الافتراضية الخيالية؟

نعم لا ننكر فوائدها، ولكن ضررها كبير خصوصًا على الأطفال والشباب، وسنصبح أغرابًا في بيوتنا مع تقدم الوقت.

عندما كان الهاتف مربوطا بسلك كان الجميع أحرارًا، عبارة قرأتها، فأعجبتني لا أعرف كاتبها، ولكنها معبرة؛ فقرّرت كتابة المقال الذي أرجو أن يكون ملامسا الواقع الذي نعيشه،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى