مقالات

جسر الملك فهد .. الممر الإستراتيجي

 بقلم – البروفيسو عبد الله الحواج :

منذ عام 1986 ومزايا جسر الملك فهد لا تُعَد ولا تُحصى، كل يوم يثبت هذا الجسر العملاق أنه قادر على ربط أبناء دول المنطقة بوشائج الجغرافيا إلى جانب ترابطهم بوشائج القربى، وكل يوم يؤكد هذا الممر البري العظيم أنه يستطيع إيجاد الحلول الناجعة للمشكلات العويصة.

في البدء كان الجسر فألاً حسنًا على حركة التجارة، أسهم في تطويرها بين دول مجلس التعاون الخليجي، وفي البدء كان وما زال همزة الوصل التي تربط اقتصاديات النقل وتطورها بل أنه يؤكد كل يوم أنه أهم عوامل تفعيل الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بين دول المنطقة، بل وتسهيل انسياب حركة السلع والبضائع بين دول المنطقة وسائر بلدان العالم.

جسر الملك فهد، ذلك الممر الاستراتيجي الذي قام بتحويل البحرين من جزيرة في البحر إلى شبه جزيرة، وإلى تعزيز الانتماء الجغرافي من خلال مشروع حيوي لديه من الأنشطة والفعاليات ما يؤكد أن السياحة هي منتج له مردود، وأن جسرًا عملاقًا يمكنه زيادة أعداد الزائرين إلى مملكة البحرين من المملكة العربية السعودية الشقيقة ومختلف بلدان المنطقة.

قبل أيام قلائل يجتاز جسر الملك فهد امتحانًا صعبًا جديدًا، فقد سمح هذا الجسر الحيوي، بجميع مرافقه وموظفيه والتقنيات الحديثة التي يتعامل بها، بمرور أكثر من 40 ألف بحريني إلى دولة الكويت الشقيقة مرورًا بالأراضي السعودية الطاهرة. كانت المناسبة حرص شعب البحرين على حضور المباراة النهائية لخليجي 26 المُقامة في دولة الكويت نظرًا لأن فريقها الفائز بالكأس بعد ذلك كان أحد طرفي المباراة النهائية مع فريق سلطنة عمان الشقيقة.

المدهش أن الذين يعملون على جانبي الجسر، الجانب السعودي والجانب البحريني، كانوا بمنتهى الكفاءة والنشاط وتسهيل انسياب حركة المرور بحيث لم يحدث أي تعطيل على الجانبين رغم الآلاف المتكدسة على الجانبين، ورغم صعوبة إنجاز هذه المعاملات نظرًا لطبيعتها من تأمين وجوازات وجمارك وما إلى ذلك من إجراءات المفترض أنها تستغرق وقتًا طويلاً، ومن البديهي أنه لو حدث أي تعطيل أو تباطؤ فيكون منشأه تعدد الإجراءات وحساسية المعاملات، وضمان الأمن والأمان في كل معاملة.

رغم ذلك، كان الموظفون على الجانبين شديدي الحرص على إنجاز جميع المعاملات بمنتهى الكفاءة والقدرة على تفهم الوضع، بل والتعامل مع جماهير البحرين بكل دماثة الخلق، بعيدًا عن الروتين الذي تعودنا عليه في مثل تلك المرافق، ليس على مستوى منطقتنا فحسب، إنما على نطاق مختلف دول العالم أيضًا.

لقد أثبت رجالنا على جسر الملك فهد أنهم بحجم المسؤولية، وأنهم قادرون على حل العُقَد بكل سهولة وأريحية وابتسامة مسفرة، كانت الوجوه بشوشة، وكانت الأمنيات بتحقيق النصر لـالأحمر تسبق ختم المرور (من وإلى)، وكان انطباع جميع المسافرين إيجابيًا لأقصى حد، خاصةً أن الإقبال الجماهيري لم يسبق له مثيل، وأن الحرص على حضور المباراة الفاصلة كان كبيرًا، وأن التعاطي مع التكدس كان بمثابة الصناعة الجديدة الماهرة التي ينبغي البناء عليها، بل والإضافة إليها حتى تصبح بلادنا بحق واحة للازدهار والتقدم، ووطن للأمن والأمان والاستقرار.

هذه هي بلادنا، وذلك هو شعبنا، وها هو جسر الملك فهد يعبر عن نفسه بكل كفاءة واقتدار، ويؤكد كل يوم أنه ما زال شابًا يافعًا، وأن العاملين عليه يمكنهم إثبات ذلك، والتفوق على أنفسهم وإرضاء جميع المسافرين، وكل سنة ونحن وخليجي 26 وجسر الملك فهد بألف خير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى