ألوان الإبل .. رداء أصيل في ثقافة المجتمع السعودي
الطائف – واس :
التحفت ألوان الإبل الحياة الثقافية والاجتماعية لدى الرجل السعودي منذ مئات السنين، ليجد في ألوانها مصدرًا ثقافيًا ملهمًا في أشكال البشوت والمشالح الأشهر بروتكولًا خلال أيام الأسبوع، حيث صنع من وبرها تنوعًا مختلفًا لأنواع العباءات الرجالية المشتقة من ألونها لإبل المجاهيم الذي تصدرت شكلًا ولونًا في البشت الأسود، واللون الفاتح والناصع لإبل المغاتير التي أخذت اللون الأبيض ولون البيج، وكذلك الشقح الأقل بياضًا من الوضح، والصفر للإبل ذات اللون الذي يميل إلى الصفرة مثل البشت البني، والحمر للإبل ذات اللون الذي يميل إلى الحمرة في البشت العودي، ليخرج منها أفضل وأجود أنواع الوبر الأشهر عالميًا والأغلى ثمنًا.
وأتى استنساخ الرجل السعودي لهذه الألوان لما يحمله “وبر الإبل العربية” من خاصية تحمل لكافة درجات البرودة المختلفة وجودته العالية، وتميزه بخف الوزن وقوة التدفئة، ويعطي مظهرًا مميزًا يضفي على مرتديه الفخامة والرقي، حيث يتم تنظيم ارتداء البشوت بألوان محددة تمثل تقاليد تم نهجها في أيام الأسبوع مثل يوم السبت الذي يشهد بداية الأسبوع بارتداء البشت باللون البني المزين بلمسة من اللون الأصفر أو الذهبي، وكذلك يوم الأحد، الذي تعتمد ألوان البشوت إلى اللون السكري وكذلك بقية أيام الأسبوع التي تحمل فيها ألوان الإبل من الشكل العودي، والبني الفاتح والبيج، ليختتم دورة الأسبوع في بروتوكول البشت إلى اللون الأبيض الناصع في يوم الجمعة.
وأكد لهيئة وكالة الأنباء السعودية “واس” المختص يوسف بن محمد العياف, الذي ورثت عائلته حياكة البشوت والمشالح من وبر الإبل، قائلًا: “إن حياكة البشوت لها دلالات، حيث إن ألوان البشوت أخذت من ألوان الإبل ومن وبرها الأصيل، مضيفًا إلى أن هناك نوعين للبشوت بحسب فصول السنة: البشوت الصيفية: الأقمشة الناعمة، والخيوط ذات الجودة العالية، وباهظة الثمن، وتأخذ وقتًا أطول في صناعتها، والبشوت الشتوية المنسوجة من وبر الإبل، ومن أشهر أنواعها البرقة ولونها الأبيض والأسود أو غيرها من الألوان، أما فصل الربيع فيأخذ منه “مرينه الوبر” ويدخل في نسيج المشلح بشكل مبسط.
وأوضح العياف أن البشت أو المشلح حرفة يدوية من تراث المملكة توارثها الأبناء عن الآباء والأجداد، ويمثل قصة فريدة من الأناقة ورمزًا للفخامة، وهو من العباءات الرجالية الفاخرة التي تعكس المكانة الاجتماعية ذات القيمة التراثية والثقافية، كما يجسد في ألوانها أصالة تطور الأزياء التقليدية في الثقافة السعودية، كما يرمز تاريخ المشلح إلى تراث ثقافي عميق استنسخ من الإبل التي لعبت دورًا اقتصاديًا كبيرًا في حياة العرب قبل الإسلام وبعده، حيث ترجم ابن الجزيرة العربية معطيات الإبل مع الطبيعة بشــكل أكبر، وحضرت معه بكامل تفاصيلها، وجعل منها أيقونة أساسًا لتراثه وحياته واقتصاده، إضافة إلى كونها مصدر غذائي مهـم، للحــوم والحليب والجلود وما يوفره من وبر غالي الثمن، حيث أن هذا التميز الذي حملته الإبل، أفادت في تطوير منتجات أعمالنا من التقليدية إلى الاستخدامات المتعددة لجلدوها وأوبارها في الأزياء والملبوسات الرجالية الأصيلة.
وأفاد العياف أن مشالح وبر الإبل تعد من أهم الهدايا التي تقدم للضيوف والوفود والأجانب، وتزدهر مبيعاتها خاصة في مواسم الأعياد الذي تفضل فيه الألوان الفاتحة مثل البني والبيج والسكري، حيث تلبس في النهار، ولذا تكون الألوان الفاتحة مرغوبة بشكل أكبر من الغامقة منها، والمحملة بأرقى النقوش في الزري الذهبي، ويمكن التمييز بينها وبين المشالح الأخرى من خلال نوعية الخيوط حيث تمتاز خيوط مشالح وبر الإبل بالجودة الأصلية، وملمسًا رفيعًا للمستوى في الخامة المصنعة.