مقالات

كاتب صحفي مصري شهير من مؤيدي مبارك يوجه انتقادات لاذعة للسيسي

كتب الزميل سليمان جودة مقالا انتقد فيه الرئيس الأسبق مبارك عام 2008 بعنوان “ياريس انت تقرأ نفسك” cat_897وذلك تعليقا على حوار صحفي قال فيه الرئيس الأسبق إنه لا يقرأ الصحف المعارضة والمستقلة .. بعد يومين كنت أهاتفه في شأن ما وسألته “صحيح ياريس إنك لا تقرأ صحف المعارضة”.. باغتني قائلا “ازاي ياباشمهندس .. احنا كنا نقرأ الصحف الإسرائيلية قبل 67 وبعد 73 وأثناء عمليه السلام .. فكيف لا أقرأ صحف المعارضة المصرية .. صحيح هناك تجاوزات حادة لكنهم في النهاية مصريون ويلفتون نظري إلى أشياء ربما لا أعيرها اهتماما وسط انشغالي”.
كان ما بيني وبينه يسمح بأن أقول ما في نفسي لذا سألته “لماذا قلت إذن أنك لا تقرأ المعارضة يا فندم”.. ضحك جدا وقال “يا أخي أضايقهم مثلما يضايقوني .. بس في النهاية هذه وظيفتهم أن يعارضوا الدولة .. أمريكا بها صحف مع الحزب الجمهوري وهي التي صنعت فضيحة مونيكا لونيسكي مع كلينتون .. وجرائد أخرى مع الحزب الديموقراطي”.
سقت هذه المقدمة لأؤكد أن الذين وصفناه طويلا بالديكتاتور كان يسمح بالرأي الآخر .. زعماء المعارضة الأساتذة عادل حمودة ومجدي الجلاد ومصطفى بكري وخالد صلاح الذي تنقل من رجال جمال مبارك إلى الإخوان إلى الرئيس السيسي وغيرهم كانت لهم صلات مباشرة بالرئاسة وبوزارة الإعلام وتحديدا بـأنس الفقي وقبله صفوت الشريف .. بل أن الزعيم مصطفى بكري كان يتحدث أحيانا بلسان الرئيس وحدث هذا أمامي مرتين عام 2002 عندما أعلن في قناة الجزيرة أن الرئيس لن يشارك في قمة بيروت العربية لتردي الوضع الأمني وعام 2008 حين كنا في موسكو وتحدث إلى الإذاعة البريطانية الـ بي بي سي بتوجيهات رئاسية عما إذا كانت روسيا ستساعد مصر نوويا.
رأيي الشخصي أن المعارضة الوطنية جزء من الحكم الصحيح .. عبد الناصر قادنا إلى النكسة المخزية بالرأي الواحد لكنه في السنوات الثلاث الأخيرة وحتى وفاته سمح لكتاب مثل نجيب محفوظ ويوسف إدريس وعبد الرحمن الشرقاوي بل وحتى ثروت أباظة مؤلف فيلم “شيء من الخوف” بانتقاده في أعمال فنية كثيرة منها ميرامار والسلطان الحائر وثرثرة فوق النيل وكانت تنشر حلقات مسلسلة في الأهرام.
أيضا بعد أن ألقى الرئيس مبارك خطابه الشهير في نوفمبر أمام مجلس الشعب عقب انتخابات 2010 المتهمة بالتزوير قال عن البرلمان الموازي الذي شكله الراسبون في الاقتراع “خليهم يتسلوا” التي أثارت جدلا ولغطا وزعموا أنها أحد أسباب ثورة 25 يناير.. سألته يومها “لماذا هذه الجملة ياريس”.. قال الانتخابات انتهت وهم شكلوا برلمانا موازيا وسيعقدون جلساتهم على الرصيف المقابل لمبنى البرلمان الأمر الذي يمثل تحديا للدولة .. هذا سيفتح الباب للنقابات الموازية والوزارات الموازية والاتحادات الموازية .. عموما أنا كلمت د. سرور لقبول 250 طعنا ووجهت محكمة النقض لذلك .. لكن لو أعلنت ذلك الآن سيسعى كل طرف مختلف مع الدولة للضغط عليها بطريقته .. مجلس الشعب يمثل الشعب وإذا تم قبول الطعون ستعاد الانتخابات في الدوائر المطعون عليها .. لكن أي مؤسسة أو نقابة أو اتحاد يستغل الموقف لن أسمح بذلك!”
لماذا أكتب هذا الكلام؟! لأن كل مؤيدي الرئيس السيسي يتصورون أنني إذا انتقدت سياساته فأنا كلب وحمار وغبي وبغل “وابن زا***” كما وصفوني في تعليقاتهم على مقال أخير في الزميلة “المصري اليوم” عن الحوار الذي أجراه الرئيس السيسي مع الإعلامي القدير أسامة كمال .. دارويش السيسي يشتمونك لأنك تتجرأ عليه .. الاتهام الكليشية “انت نسيت كنت بتكتب إيه لمبارك” .. والرد أن مبارك ليس السيسي.. لا يوجد رئيس مثل آخر .. ولا تتشابه ظروف الدولة الآن مع ما سبق .. ولو كتبت للسيسي ما كنت أخطه لمبارك أكون منافقا وأستحق ما يُقال عني .. مشكله دراويش السيسي أنهم بلا عقل .. يصفقون كما لو كانوا في مباراة لكرة القدم لابد أن ينتصر فريق الرئيس حتى لو بالفاولات والضرب تحت الحزام وتحيز الحكام.
الرئيس في حواره تكلم عن الأسعار وقال أن الناس ينبغي أن يكون عندها وعي وترشيد استخدام الكهرباء والغاز.. وألمح إلى أن الأسعار ستزيد مجددا لأن الدولة ما زالت تتحمل 60% عن المواطن!

هنا لابد أن أسألك كيف تحسبها؟.. كيلو الليمون بـ 28 جنيها يعني ربع كيلو بـ 7 جنيهات وطبق فول بعشرة جنيهات إفطار وسحور و 4 زبادي و 10 أرغفة ونصف زجاجة زيت يعني 30 جنيها .. الشهر بـ 900 جنيه بدون لحوم أو أسماك أو مواصلات أو علاج أو تعليم  .. انت ياريس تتكلم عن الفئة المصفقة لك من ضباط وقضاة ومستشارين وأصحاب مكاتب محاماة.
بالله عليك ماذا فعلت للموظفين وهم 7 ملايين مواطن يعولون حوالي 25 مليون آخرين .. كم شابا وظفت في العامين اللذين تقول أنك أنجزت فيهما ما لم يحققه أحد في 20 عاما.
ياريس معاليك تنظر للطرق والكباري .. وأنا أنظر للمصانع .. انت اعترفت أن مشروع قناة السويس كان لرفع روح الشعب المعنوية وليس له جدوى اقتصادية الآن .. حتى لو كان ذلك صحيحا فقد جعلت روحنا المعنوية “زفت” بعد أن علمنا أنها كلفتنا 64 مليار دولار .. في ستين داهية روحنا المعنوية يا سيادة الريس .. فقط كنا وفرنا هذه الأموال .. لو كنت أحاورك – ولست أسعى لذلك حتى لا يُقال أن رجل مبارك يحاور الرئيس – لن أسألك عن الحجر سأحاصرك بالبشر.
كم عدد الذين وظفتهم من الـ 13 مليون عاطل الذين زادوا في 5 أعوام خمسة ملايين مواطن؟ كم عدد المصانع التي عادت للإنتاج من الألف مصنع التي أغلقت؟ ما حجم الاستثمارات التي دخلت البلاد دون القروض والمساعدات؟ لماذا انخفضت البطاقة التموينية من 40 جنيها وتشمل 8 كيلو أرز و8 زيت و10 سكر إلى 15 جنيها فقط؟!
من فضلك رد على أسئلتي بالأرقام وليس بالإنشاء وخطط أهل الشر؟ انت تقول أن هناك مصريين يتآمرون على بلدهم .. مبارك لم يقلها وحماس تقتحم الحدود وتقتل جنودنا 2008 ، 2009 ورفض أن يقولها عن ثورة يناير رغم الأدلة التي كان يملكها.
الدولة القوية لا تعلق عجزها على مؤامرات خارجية وداخلية وتزعم أن عدم إحساس المواطن بالإنجازات هم أهل الشر! لو أحس المواطن أنه في عين الدولة ستتحول بوصلة الرأي العام تماما .. عبد الناصر يا سيدي الذين يحاولون تشبيهك به انحاز للغلابة .. أنشأ الطبقة المتوسطة .. عين الشباب في الحكومة .. وزع 5 فدادين على الفلاحين وتخرج أولادهم من الطب والهندسة .. كان الجيش مع عبد الحكيم عامر والشعب مع عبد الناصر بعد 5 يونيو .. وانتصر الشعب .. البناء في الحجر سهل جدا .. لكن بناء البشر وإشعارهم أنك تعمل لهم يفرق كتير.
العشوائيات جهدك مشكور فيها .. لكن هل تعلم أن وزارة الكهرباء تطالب الأهالي بتركيب العداد الكودي الجديد بأربعة آلاف جنيه .. انتوا بتهزروا يا بتوع الكهرباء .. ولعتوا الفواتير وستزداد في أغسطس طبقا لتعليمات الرئيس .. حدثوني عن الغلابة .. كلموني عن الوظائف .. انظروا لأصحاب المعاشات .. البلد ليست جيش وشرطة وقضاء.
إن الذين لا يعجبهم نقدي وجرأتي.. عليهم أن يدحضوا الحجة بالأدب والمنطق .. ما أسهل السب والقذف .. ثم أن الذين يتحدثون عن الطفرة الاقتصادية التي حدثت في عصر السيسي عليهم أن يسألوا الفقراء هل ازدادوا فقرا أم تحسنت أحوالهم.
توقفوا عن اتهامي بأنني إخواني فقد تعرضت على أيديهم للتشهير والمحاكمات والتشويه وطردي من جريدتي .. يستحيل أن أتعاطف معهم.. ابحثوا عن حجة جديدة ومنطق معقول !!

أخيرا.. لا تعجبني الكراتين التي يوزعها الجيش على المواطنين بمناسبة رمضان .. نفس تفكير الإخوان المسلمين للتقرب للشعب .. الناس أذكياء .. يأخذون الكراتين شاكرين ويقولون ياريت الريس يرجع مقررات التموين كما كانت ويرفع نصيب الفرد لـ 40 جنيها .. القوات المسلحة مشكورة لتقديم هذه المساعدات لكنها عفوا دليل واضح على أن قطاعا كبيرا من البلد يعيش على الإحسان والصدقات؟ ألم يكن هؤلاء أولى بـ 64 مليار جنيه التي تم استخدامها لرفع الروح المعنوية!! أين الـ 110 مليارات التي بشرتونا بها في مارس 2015 بعد مؤتمر شرم الشيخ العالمي؟ ما هي خططكم لتلافي أضرار سد النهضة .. سنظل عبيدا لإحسانكم نرضى بما تلقونه لنا من فتات المعلومات ولابد أن نصدقها وإلا اتهمتونا بالخيانة والعمالة “والإخوانية”.
إذا كان المطلوب منا إلغاء عقولنا وتطبيق مبدأ “السمع والطاعة” فللأسف مازلنا نعيش في زمن الإخوان ولكن بـ “بدلة جديدة”.

نقلا عن مصر العربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى