السياحة تستثمر الذكاء الاصطناعي لإحداث نقلة نوعية في تعزيز إدارة الوجهات السياحية
دبي – خالد الجعيد:
مع التطور السريع الذي يشهده قطاع السفر والسياحة العالمي، تتجه الوجهات السياحية نحو تبني حلول مبتكرة تُميزها عن نظيراتها من الوجهات الأخرى وترفع مستوى رضا السائحين. ويبرز الذكاء الاصطناعي كقوة فاعلة في إطار هذا التحول، حيث يعمل على إحداث نقلة نوعية في قطاع السياحة العالمي وتمكين الوجهات من إعادة تعريف عملياتها ورفع مستوى تجارب الزوار وتعزيز الممارسات المستدامة.
وتناول أحدث تقرير صادر عن شركة “كوليرز” بعنوان “ثورة الذكاء الاصطناعي في قطاع السياحة: تطبيقات للهيئات والوجهات السياحية” الأدوار المهمة التي يلعبها الذكاء الاصطناعي في تعزيز إدارة الوجهات والتسويق لها، وتوفير رؤية عملية للهيئات السياحية والقائمين على إدارة وجهاتها الذين يسعون إلى رفع الكفاءة التشغيلية وتعزيز جاذبية الوجهات السياحية وقدرتها التنافسية. كما سلط التقرير الضوء على المجالات الرئيسية التي من المتوقع أن يُحدث فيها الذكاء الاصطناعي ثورة في قطاع السياحة، مشيراً إلى دراسات حالة مفصلة تُبين كيف تجني وجهات مثل جزيرة لانزاروت ومدينة جدة فوائد تبنّي تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
واستعرض التقرير أيضاً قدرة الذكاء الاصطناعي على تعزيز تجربة الزوار من خلال التوصيات الشخصية، وبرمجيات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وإنشاء برامج رحلات مخصصة. وفي الوقت نفسه، سلّط التقرير الضوء على إمكانات الذكاء الاصطناعي في تعزيز الكفاءة التشغيلية بشكل كبير. فمن خلال الاستخدام الأمثل للموارد، وأتمتة المهام مثل جدولة الموظفين، وتطبيق أنظمة الصيانة التنبؤية، يمكن للوجهات تحسين كفاءة عملياتها وتقليص نفقاتها بشكل ملحوظ.
علاوة على ذلك، تناول التقرير جوانب مهمة لإدارة السياحة، وكيف يوفر الذكاء الاصطناعي أدوات قيمة تسهم في توفير بيئة أكثر أمناً واستقراراً للزوار، وتعزيز ممارسات السياحة الصديقة للبيئة، وتمكين الاستجابة الفعالة للأزمات من خلال التحليل الفوري للبيانات وتسهيل التواصل والتعاون بشكل أفضل مع الجهات والأطراف المعنية الفاعلة.
وتعليقاً على ذلك، تقول نايارا جاينر، رئيسة الاستشارات السياحية، كوليرز الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: “مع سرعة تطور المشهد السياحي العالمي، فإن الوجهات التي تعتمد على التكنولوجيا فحسب لن تتمكن من المنافسة. وسوف تكون الريادة الحقيقية في المستقبل للوجهات التي تتبنى الذكاء الاصطناعي كشريك استراتيجي محفز للابتكار والاستدامة وتوفير تجارب مميزة للزوار تتماشى مع الإرث الثقافي الفريد لكل وجهة”.
وأضافت: “لا يتعلق الأمر بمجرد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بل تبني استراتيجية شاملة تُوظّف الذكاء الاصطناعي في كل جانب من جوانب إدارة الوجهات السياحية، بما في ذلك التخطيط والتسويق والعمليات التشغيلية وإشراك الزوار”.
ومع ذلك، لم يغفل التقرير الأبعاد الأخلاقية لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث تناول خصوصية البيانات والتحيّز الخوارزمي. كما أكد التقرير على أهمية التطبيق المسؤول للذكاء الاصطناعي، داعياً الهيئات السياحية إلى وضع إرشادات أخلاقية واضحة، وضمان أمن البيانات، وإعطاء الأولوية للشفافية في استراتيجياتها المعنية بالذكاء الاصطناعي.
ويرسم التقرير صورة متفائلة لمستقبل السياحة، حيث يُشكل الذكاء الاصطناعي محركاً رئيسياً لتطوره. تتمتع التقنيات الناشئة مثل التعرف على الوجه وتحليل المشاعر والنمذجة التنبؤية بإمكانات هائلة لتعزيز تجارب الزوار بشكل كبير وتحسين العمليات وإنشاء وجهات أكثر استدامة ومرونة. يعد تقرير “ثورة الذكاء الاصطناعي في قطاع السياحة: تطبيقات للهيئات والوجهات السياحية” بمثابة دليل عملي ودعوة للهيئات السياحية التي تواكب تطورات عالم الذكاء الاصطناعي. من خلال تبني الذكاء الاصطناعي كأحد الأصول الاستراتيجية، يمكن للوجهات أن ترسخ مكانتها في طليعة هذه الثورة التكنولوجية وتفتح فرصاً وآفاقاً جديدة للنمو والابتكار والاستدامة.
يعد هذا التقرير الجزء الثاني من سلسلة مكونة من ثلاثة أجزاء بعنوان “ثورة الذكاء الاصطناعي في تطوير السياحة”. وسيتناول الجزء الثالث من السلسلة، الذي سيُنشر قريباً، استخدام الذكاء الاصطناعي لصالح الجهات المعنية الفاعلة في القطاع الخاص مثل الفنادق ووكالات السفر وشركات تنظيم الرحلات وغيرها، مع النظر في تطبيقاته لتخفيض التكاليف، والتسعير، والتسويق، وغيرها المزيد.