القاروب: بند «211» سيُدخل مجتمع الأعمال السعودي السجون
حذّر الدكتور ماجد القاروب،المحامي، والمتخصص في الجرائم الاقتصادية وحوكمة الشركات العائلية والمساهمة،من أن عدداً كبيراً جداً من المنتسبين إلى مجتمع الأعمال من الشركات وكبار التنفيذيين وأعضاء المجالس الإدارية، سيدخلون السجون، بالإضافة إلى تغريمهم مبالغ مالية تصل إلى 5 ملايين ريال، في حال تطبيق بند 211، الذي استحدثته وزارة التجارة مؤخراً.. على ذمة” الشرق”..
وينص البند على أن كلّ مدير أو مسؤول أو عضو مجلس إدارة أو مراجع حسابات أو مصف، سجَّل بيانات كاذبة أو مضللة في القوائم المالية، أو أغفل تضمين قوائم أو تقارير بقصد إخفاء المركز المالي للشركة عن الشركاء أو غيرهم، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على خمسة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وقال القاروب «في حال طُبِّق هذا النظام، فإن المخاطر ستكون كبيرة جداً، خاصة أن عقوبته تصل إلى السجن والغرامة»، مشيراً إلى أن «الشركات السعودية العملاقة والعائلية والمساهمة العامة غير مؤهلة وغير قادرة على التأقلم مع متطلبات النظام الحالي الجديد، الذي يبدأ تطبيقه خلال الأيام المقبلة؛ لأسباب متعددة، أهمها ضعف الثقافة الحقوقية، وانعدام التوعية القانونية والإدارية، فيما يخص مجتمع الأعمال، الذي تغلب عليه العشوائية واللامبالاة، بالإضافة إلى ضعف الإلمام بالمستجدات القانونية والحقوقية».
وذكر أن «تطبيق النظام الجديد سيجعل مجتمع الأعمال والشركات ومحيطه الاستشاري خاصة المحاسبين القانونيين، يقعون في شِراك المخالفة للقانون، خاصة أن حقيقة الشركات السعودية، تقول إنها شركات وهمية»، مشيراً إلى أنها «عبارة عن مستثمر حقيقي مع شركاء صوريين مكونين من زوجة، وأبناء، وبنات، وأخوة وأخوات حصلوا عليها عن طريق الهبة أو المنحة دون أية ممارسات ومعرفة حقيقية بالأملاك والأعمال الإدارة والحقوق والواجبات والالتزامات».
ولفت إلى «وجود اختلالات كبيرة فيما يخص تنفيذ الأحكام القضائية، نظراً لضعف العقوبات والغرامات في النظام القديم للشركات». وتابع: «لذلك سنرى عدداً كبيراً جداً من مسؤولي الشركات، خاصة السيدات والأطفال سيكونون تحت طائلة العقوبات من سجن وغرامة دون أن يعلموا حقيقة الواقع الذي يتعرضون له».
ورأى القاروب أن تطبيق النظام الجديد صعب، لكنه استدرك أن «ذلك سيؤدي إلى نقلة نوعية وقفزة جبارة تجاه تحويل مجتمع الأعمال من العشوائية واللامبالاة إلى التصنيف الأمثل، لتعزيز أعمال الحوكمة والالتزام من النواحي القانونية والمالية»، مبيناً أن «الغرف التجارية تخلّت ومنذ فترة طويلة عن مهامها الأساسية في المشاركة في السلطات التشريعية وإصدار القوانين والعمل عليها؛ والقوانين الأخيرة وضعت من قبل الحكومة والجهات الرقابية والتنفيذية منها «وزارة التجارة».
ورأى أن «النظام جيّد في معانيه ومفرداته وما يصبو إليه من إصلاح اختلالات قانونية وإدارية في مجتمع الأعمال؛ لكنه احتوى على عقوبات مغلظة ستفسد الغرض من التشريع نفسه، وستُدخل مجتمع الأعمال في أزمة كبيرة، لأنها ستضع منذ لحظة التنفيذ الأولى مجتمع الأعمال في خانة المخالفات، على اعتبار أن الشركات في السعودية أغلبها شركات وهمية».
ودعا القاروب إلى القيام «بحملات توعوية وتثقيفية حقيقية لمجتمع الأعمال وجميع الشركات صغارها وكبارها، بما في ذلك الشركات المساهمة، بالتعاون مع الغرف التجارية التي عليها أن تقوم بواجبها تجاه مجتمع الأعمال بالتوعية والتثقيف، وأيضاً بالتعاون مع الهيئة السعودية للمحاسبين، لأنهم سيكونون من أكبر الشركاء في المخالفات القانونية وسط نصوص النظام؛ لأنهم تعودوا على التعامل مع مجتمع الأعمال، بعيداً عن الممارسة القانونية وغير مبالين بالعقوبات المالية والجنائية، باعتبارها عقوبات خفيفة ممكن التعايش معها وفقاً للقانون السابق». واختتم القاروب حديثه بقوله: «أتوقّع وفق قانون الشركات ووفق ما هو منصوص عليه، أن السجون ستكون مملوءة بمرتكبي الجرائم الاقتصادية من رجال أعمال وكبار التنفيذيين والمحاسبين القانونيين».