مقالات

هيثم العهد السعيد.. النهضة تمضي قُدمًا

بقلم – حمود بن علي الطوقي:

18 نوفمبر المجيد هذا التَّاريخ الخالد مازالت مسكونة به ذاكرة طفولتنا والآن يتجدد هذا التاريخ مع تجدد النهضة العُمانية بقيادة حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- تتجدد النهضة بكل تفاصيلها الدقيقة لترسم آمالاً وطموحات لشعب ظلَّ وفياً منذ تباشير هذه النهضة التي تفجرت ينابيعها بفضل مؤسسها القائد الفذ الوالد الأبي جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -رحمه الله- وطيب الله ثراه، وتتجدد النهضة في العهد الزاهر الجديد بقيادة هيثم العهد السديد لتسابق الزمن وترسم للنهضة العمانية خارطة طريق ترتكز على متطلبات رؤية “عمان 2040” هذه الرؤية التي ستنقل سلطنتنا الحبيبة إلى مصاف الدول العظمى المتقدمة.

لقد وضع صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- نصب عينيه تعزيز مكانة السلطنة بين الأمم والمحافظة على مصالحها الوطنية وفق تخطيط واضح المعالم حددت مساراته وأهدافه “رؤية طموحة تهدف إلى تحقيق تحولات نوعية في كافة مجالات الحياة”.

ومنذ اليوم الأول لتوليه مقاليد الحكم في الحادي عشر من يناير 2020، أكد جلالة السُّلطان المُعظم أيده الله سعيه الدؤوب من أجل تأسيس مرحلة أخرى من نهضة عُمان المتجددة تواكب متطلبات المرحلة القادمة بما يُلبي طموحات وتطلعات أبناء الوطن وبما يحفظ ما تمَّ إنجازه على مدى العقود الماضية من مسيرة النهضة والبناء عليه بمشاركة المواطن وتقديم كل ما يُسهم في إثراء جهود التطور والتقدم والنماء على أرض عُمان الطيبة وبما يحفظ مكتسبات الوطن ويصون أمنه واستقراره.

ولتحقيق هذه المكاسب التي تحققت على مدار العقود الخمسة الماضية جاءت مرتكزات رؤية “عُمان 2040” والتي أشرف على صياغتها ومُتابعة أدق تفاصيلها جلالة السلطان شخصيا على أربعة محاور رئيسة وحسب ما ذكرت بعض وسائل الإعلام في تقريرها عن مرتكزات هذه الرؤية أنها تشتمل على أربعة محاور المحور الأول “مجتمع إنسانه مبدع” يشمل التعليم والتعلّم والبحث العلمي والقدرات الوطنية والصحّة والمواطنة والهويّة والتراث والثقافة الوطنيّة والرفاه والحماية الاجتماعية وتنمية الشّباب فيما يشمل المحور الثاني “اقتصاد بيئته تنافسية” القيادة والإدارة الاقتصادية والتنويع الاقتصادي والاستدامة المالية وسوق العمل والتشغيل والقطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي وتنمية المحافظات والمدن المستدامة وتقنية المعلومات ويتضمن المحور الثالث “بيئة مواردها مستدامة” جوانب البيئة والموارد الطبيعية ويتضمن المحور الرابع “دولة أجهزتها مسؤولة” موضوعات تتصل بالتشريع والقضاء والرقابة وحوكمة الجهاز الإداري للدولة والموارد والمشاريع وكل تلك المحاور تتسق مع التوجه الاستراتيجي نحو مُجتمع معتز بهويته وثقافته، وملتزم بمواطنته.

ولترسيخ مرتكزات “رؤية عُمان 2040” كان من بين الإجراءات التي بدأها جلالة السلطان المعظم- حفظه الله ورعاه- تطويرِ الجهازِ الإداري للدولة وإعادةِ تشكيلِ مجلسِ الوزراءِ، لتنفيذِ الخططِ التنمويةِ وممكناتها، بحسبِ الاختصاصاتِ المنوطةِ بكلِّ جهة وبما يعزز الأداء الحكومي ويرفع كفاءته والعمل على تحديث منظومة التشريعات والقوانين.

شخصيًا.. عندما يهل علينا هذا الشهر “نوفمبر المجيد” يطوف في مخيلتي شريط الذكريات محتفظٌ به حتى هذه اللحظة، وقطعيًا لن تفارقني هذه الذكريات، خاصة وأن القدر ساقني لأن أكون أنا وأبناء جيلنا الذهبي شهود عيان على ما تحقق في هذه الأرض المباركة طوال الخمسين سنة الماضية.

فالقدر ساقني نحو الصحافة منذ نعومة أظافري لأكون شاهد عيان على التحولات التي واكبت النهضة العُمانية وهذا ما جعلني على مقربة من تفاصيل كثيرة، أعلم من خلالها كيف حصلت تلك التحولات، وكيف انتظمت السلطنة مكانا وشعبا في تسجيل حضورها وتمكنها، وتأكيد استحقاقاتها السياسية والعالمية، وتكييف أوضاعها لتكون ذات شخصية مستقلة، وتنوير الشعب بما يتسق مع طبيعة المرحلة، من دون نكوص عنها أو قفز عليها، بحيث آمنا بأن لهذا الحلم معنى، وأن السلطنة لا تخطو خطوة من غير حساب مسبق لها.

ربما رسم هذا القرب مشهدا جعلني أرقب التحولات بعين صحفية، بالطريقة التي تزن مقادير الجهد والبذل والعطاء، بالأسلوب الذي يقرأ التحولات بطريقة مختلفة عن عموم الناس بالصيغة التي يمكنها أن تقول المعنى الذي صارت إليه السلطنة في ظل ذاكرة شخصية رأت الحال كيف كان وكيف آل هذا الحال.

لقد تحققت أمور كثيرة ولا شك، وحظيت السلطنة بكثير من أشكال الاعترافات الدولية في مجالات مختلفة وانبرت الأقلام ترصد وتحلل وتكتب وتوثق وتدون وتسترجع وتسابقت الكثير من الدول تحاول قراءة المستوى الذي تحولت إليه السلطنة من خلاء ضخم إلى عمران جم، مما جعلها نموذجا في التحول النوعي سابق الزمن في ظل ظروف مختلفة في الداخل والخارج بكوننا جزءا من العالم غير منفصلين عنه نتأثر بمناخاته السلبية والإيجابية على السواء.

بالرصد الدقيق، لقد تحمل جلالته- حفظه الله- مسؤولية كبيرة وإرثا ضخما كان لابُد من التعاطي معه وتسويته؛ لأن القفز عليه لم يكن مأمونًا وكان الذكاء السياسي في تدبير شؤون الحكم هو ما أوصل السلطنة إلى بر أمن وأمان وسلام متآلفة أطيافها وطوائفها بتناغم قل نظيره وهذا كله صب في صالح الاستقرار العام للسلطنة.

بفضل جلالته- حفظه الله- وبحكمته وصبره وبعد نظره وانتهاجه نهج مؤسس النهضة الحديثة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه الذي اختار أن يكون لعُمان مسيرا مغايرا لما عليه الكثيرون، تحولت السلطنة إلى دولة عصرية صارت محج الشعوب والأقوام والثقافات، صارت مضرب مثل في العديد من المكتسبات، وغدت كيانا مختلفا تمضي وفق رؤيتها الطموحة تمامًا عما كانت عليه في السابق.

يمكن القول إن السلطنة صارت بفضل جلالته رقماً صعباً في السياسة العالمية وتعاملت مع العديد من الملفات الدولية الشائكة، وعملت بسياسة السلم لا الحرب في تدخلاتها التفاوضية، وسلكت مسلك رأب الصدع لا شق الصف، ونالت بفضل ذلك احترام القيادات العالمية والشعوب، على حدٍ سواء، وهذا واحد من أعظم المكاسب التي ستظل خالدة في تاريخ السلطنة.

كل هذا هو بعض من فيوضات الـ18 نوفمبر المجيد.

حفظ الله جلالة السلطان الأب الحنون والمعلم الذي خطَّ بقلمه ورسم خارطة طريق للنهضة العمانية الجديدة والمتجددة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى