مقالات

تحيه وتقدير للجنود الخفيه (بحارة السفن)

بقلم دكتور مهندس بحري – عبد الرزاق المدني:

رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للأعمال البحرية 

‏بمناسبة اليوم العالمي للبحارة يسرني أن أحيي كل من يعمل على واسطة بحرية تجوب العالم أو يعمل في ميناء يستقبل كل مستلزماتنا من أقاصي البلاد ويتكبد المشقة بالإبحار على السفن التي تخدم حوالي ٨٥ ٪ من الصادرات والواردات وتجد جميع أفراد الطاقم يد واحده ومتعاونيين وصامدون وينسون ما يحصل لهم ويعودوا ثانية للعمل بإخلاص وتفاني

وذلك يذكرني بما كنت أعمل على السفن التجارية قبل أكثر من ٤٩سنه عندما كنت أعمل كمهندس بحري متدرب ومن ثم مهندس تم كبير مهندسين حيث كنت أعمل على عدة أنواع من السفن ( ركاب- بضائع عامه – ناقلات بترول- عبارات …الخ) تجوب العالم وكنا نواجه الأمواج التي يصل إرتفاعها إلى عدة أمتار والصعوبات ودرجات الحراره التي تصل أحياناً إلى ٥٥ درجه مئوية وفي تلك الأيام حيث كانت السفن لم تصل إلى ماهي عليه الآن من تطور وتقنية عاليه ووجود الرفاهيه للطاقم وراحة وكذلك كل من يمتطيها كما أن أوقات الإبحار أختصرت كثيراً بوجود محركات حديثه ذات سرعات عاليه وتقنية متقدمة بإستخدام الأتمته وغرف المراقبة الحديثة

‏ وأذكر من تلك القصص التي مرت علي عندما كنت أعمل على الباخرة (مصر) للركاب وكانت تعمل بالتوربينات البخاريه وكانت تبحر بين جده والسويس (لنقل الحجاج ) آن ذاك حيث كانت درجة الحرارة تتعدى ٥٥ درجه مئوية خاصة في فصل الصيف ولا يوجد تكييف على السفينة وكانت تستغرق الرحلة عدة أيام وكنا نتحمل ذلك والحمد لله ‏
‏موقف آخر حيث كنا في رحلة على أحدى ناقلات البترول (العجمي) إلى فيلادافيا بأمريكا حيث كانت رحلة الذهاب تستغرق أسبوعين تقريباً وبعد عدة أيام من الإبحار وفي منتصف المحيط الإطلنطي كان البحر هائجاً وتوقفت المحركات جميعها وساد الظلام والموج يلعب بالسفينة يمنة ويسرى حيث وصل ميلانها إلى أقصاه وكنا بين السماء والماء وكنا نعمل لساعات طويلة ومتواصله لإصلاح أحد مولدات الكهرباء لأن المولد الإحتياطي لا يعمل وليمكن لنا إضاءة الناقلة ولإصلاح الماكينة الرئيسيه لنتمكن من مواصلة رحلتنا وكانت الأمواج تأخذ الناقلة إلى حيث لا نعلم وبعد جهد كبير من جميع أفراد الطاقم والحمد لله تجاوزنا الموقف وواصلنا الرحلة إلى أن وصلنا وجهتنا …
كل ذلك يحصل للبحارة ولكنهم صامدون وينسون ما يحصل لهم ويعودوا ثانية للعمل بإخلاص وتفاني

‏موقف آخر مر بي عندما كنت أعمل على أحد سفن البضائع الصغيرة وكان يجب علينا قطع مقبرة السفن(خليج البسكي) الذي يقع بين أوروبا الشمالية وبريطانيا والمشهور بإبتلاع السفن حيث كنا في رحلة إلى ألمانيا في فصل الشتاء و هاج البحر وماج وكانت سفينتنا صغيرة فعانينا المرّين وكان الموج يأخذنا علواً ونزولا ويحذف السفية شمالاً ويميناً ولكن بالصبر والدعاء تجاوزنا الموقف والحمد لله…
هؤلاء هم البحاره الذين يعملون ويغامرون لتصل لنا إحتياجاتنا

فلهم مني كل تقدير وإحترام وندعو الله لهم السلامة وأن يحفظهم في حلهم وترحالهم والله يقويهم
فحيووا معي نضال البحارة في يومهم العالمي ويستحقون أكثر من يوم بل أعوام لما يبذلونه من أجلنا
وأدعوا الإعلام للإهتمام بالنقل البحري حيث أنه شريان الحياة وإذا توقف تكون كارثه ولنتذكر حادثه قناة السويس وإغلاقها لمدة ٦ أيام قبل عدة شهور كيف أربكت الإقتصاد العالمي ورفعت الأسعار وتكلفت ملايين الدولارات
كما أدعو شركان الملاحة واكل من يوظف البحارة أن يهتم بهم ويعطيهم حقهم من العناية والرعاية لكي يستمروا في عملهم لأن أكثرهم يفكر في ترك تلك الوظائف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى