انطلاق مشروع التعرف على جينات المصريين
القاهرة – سويفت نيوز:
أعلن الدكتور خالد عبدالغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي في مصر موافقة الرئيس عبدالفتاح السيسي على إطلاق إشارة البدء في تنفيذ مشروع الجينوم المرجعي للمصريين وقدماء المصريين، وإنشاء المركز المصري للجينوم.
وأوضح الوزير المصري أن مشروع الجينوم هو أكبر مشروع علمي في تاريخ مصر الحديثة، وأطلقت الوزارة المبادرة الخاصة بهذا المشروع ممثلة في أكاديمية البحث العلمي بالتعاون مع وزارات الدفاع والصحة والاتصالات وأكثر من 15 جامعة ومركزًا بحثيًّا ومؤسسة مجتمع مدني، مشيرًا إلى أنه من المتوقع الانتهاء منه بداية عام 2025 بتكلفة 2 مليار جنيه.
ويكشف الدكتور محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا تفاصيل هذا المشروع الضخم وسببه وأهدافه، ويقول إنه يهدف لرسم خريطة جينية للمصريين وعواملهم الوراثية، وكان الدافع لذلك هو ما حدث خلال مواجهة وباء كورونا، حيث اكتشفنا وجود تباين في استجابات المصريين وإصاباتهم بالمرض ومقاومته، فالفيروس تمكن مثلا من شباب في مقتبل العمر، وأدى لوفاتهم، في حين تعافى منه مسنون وكبار في السن، كما تفاوتت مقاومة المصريين له فمنهم من تعافى في أقل وقت ممكن، ومنهم من تعافى بعد عناء ووقت طويل، ومنهم من استجاب لبروتوكول العلاج، ومنهم من لم يستجب.
وأضاف أنه لوحظ كذلك أن دولا متقدمة وكبيرة ومتطورة كانت الإصابات بها كبيرة، وكذلك نسبة الوفيات، في حين أن دولا نامية وفقيرة، كانت الإصابات بها قليلة بل منعدمة في بعض الدول.
ويقول إن هذا يرجع للاختلافات الوراثية بين البشر، فمثلا قد يصاب أفراد أسرة واحدة بالفيروس، وتظهر الأعراض على أحدهم ولا تظهر على الآخر، ويتعافى بعضهم ولا يتعافى الآخرون، ولذلك قررت الدولة المصرية دراسة الجينوم المرجعي الذي يحدد الخصائص الوراثية لكل مصري، وبات هذا المشروع ضروريا للعديد من التطبيقات، على رأسها “الطب الدقيق”، الذي يعتمد على تقسيم المرضى وفقًا لخلفيتهم الجينية وعواملهم الوراثية ما يساعد في التوصيل لتركيبة دوائية ناجعة تسهل علاج كل مريض وفقا لعوامله الجينية والوراثية، وقد يتم من خلال معرفة الجينات معرفة وتحديد أي فئة يمكن تطبيق العلاج من عدمه عليها، ما يمهد لوضع بروتوكول علاجي خاص بكل مريض وفقا لجيناته الوراثية.
للتوضيح أكثر، يقول رئيس أكاديمية البحث العلمي إن التركيبة الجينية للبشر تختلف بشكل جزئي من مكان إلى آخر في جميع أنحاء العالم وفي مصر كذلك بل بين أفراد الأسرة الواحدة ، وتنبهت بعض الدول لذلك مثل أميركا التي أطلقت هذا المشروع في العام 2003 ، وكذلك أوروبا، وبعض الدول الخليجية، ولذلك كان لابد في مصر من الشروع في معرفة التركيبة الجينية لمواجهة الأوبئة المستقبلية التي قد تداهم العالم مثل كورونا، ولم يكن أحد يتوقعها، ومع تزايد الوباء وإمكانية ظهور أوبئة أخرى، قرر الرئيس السيسي الشروع فورا في تكثيف البحث العلمي وإنشاء مشروع الجينوم لتحديد قابلية إصابة المصريين ومدى استعدادهم للمواجهة، والتنبؤ بالأمراض الوبائية المستقبلة وتحديد طرق مواجهتها، مشيرا إلى أن مصر وعقب ظهور وباء كورونا سارعت بإنشاء معامل متخصصة تعرف بمعامل الأمن الحيوي رقم 3، وهي معامل ضرورية لمواجهة حرب الفيروسات ولديها درجة أمان مرتفعة جدا لمنع انتقال العدوى للعاملين به أو المجتمع الخارجي.
ويقول إن من مواصفات هذه المعامل أن الهواء داخلها يتعرض لفلترة بطريقة معينة، والمياه يتم معالجتها أيضا، لكي لا تنتقل عدوى الفيروسات للعاملين بالمعمل أو خارجه وداخل هذه المعامل يتم دراسة طبيعة وعمل الفيروسات وكيفية مواجهتها ووضع خطط القضاء عليها.
ويقول إنه تم إنشاء نحو 3 معامل من هذا النوع مؤخرا في مصر لتكون مرجعية في التعامل مع الفيروسات والأوبئة الحالية والمستقبلية، ومن خلال التكامل بينها وبين المشروع الجديد يمكن الوصول لطبيعة كل فيروس والعوامل المسببة له، وكيفية مواجهته علاجيا، ويكون لدينا القدرة على توقع موجات الفيروسات المقبلة، وامتلاك خريطة بكافة طرق المواجهة والعلاج حتى لا نفاجأ بها.
وأوضح رئيس أكاديمية البحث العلمي، في حديثه أن مشروع الجينوم المرجعي سيحدد كذلك سر وسبب الأمراض الشائعة عند المصريين مثل أمراض القلب والأورام والأمراض الوراثية، وبدلا من أن يحدد الطبيب المرض من خلال الأعراض الظاهرة على المريض، يمكن مستقبلا ومن خلال معرفة الجينوم، معرفة المرض وطبيعته ومدى استجابة الجسم للعلاج بل تحديد العلاج الأمثل الذي يتناسب مع العوامل الجينية للمريض.
وأضاف أن المشروع له فوائد اقتصادية أخرى ممثلة في رفع القدرة على تقديم خدمات الجينوم في مجالات الرعاية الطبية، وخفض تكلفة الرعاية، ورسم خطط وقائية تحمي المصريين من الأمراض والأوبئة غير المتوقعة، وعلاج الأمراض المستعصية، وتطبيق الوراثة الدوائية في العلاج، وتصميم الأدوية بما يتلاءم والمحددات الجينية للمصريين.
وأشار صقر إلى أنه تم اختيار “مركز البحوث و الطب التجديدي” التابع لوزارة الدفاع مقرا للمشروع، بمشاركة من الجامعات والمراكز البحثية المصرية ومعاهد وزارة الصحة ذات الخبرة في هذا المجال مؤكدا أن البنية التحتية العلمية في مصر والتقدم التقني والتكنولوجي وتوافر الأجهزة العلمية الدقيقة والحديثة سيساعد مع هذا المشروع في توفير سياج كامل من الحماية الصحية والوقائية للمصريين خلال السنوات القادمة.