فيفـــاء .. جارة القمر وحـدائق السـعودية المعلّقـة
فيفاء .. طبيعة خلابة وجبال تخترق السحاب
جدة – سويفت نيوز :
الرحلة إلى فيفاء، “جارة القمر” كما يحلو للبعض أن يصفها، تمتزج ما بين المتعة والمغامرة، فجبل فيفاء إلى جانب كونه جبل خرافي الروعة والجمال، فهو محفوف بالدهشة والإثارة، من خلال طرقه الشاهقة التي تخترق القمم لتعلو فوق السحاب، وكذلك المنحدرات الحادة التي تثير شهية عشاق المغامرة من قاصديها عبر تلك الطرق المتعرجة على حواف الجبال.
يتكون جبل فيفاء الذي يرتفع عن سطح البحر بنحو 1800 متر تقريبا، من سلسلة من القمم المتفاوتة الارتفاع، أشهرها قمة العبسية، كما يحيط به وادي ضمد، ووادي جورا في الشمال والغرب. وتتميز هذه المنطقة باعتدال مناخها طوال العام، ونجح موسم “صيف السعودية” (تنفّس) في إماطة اللثام عن هذه المدينة الخيالية.
ويعد موقع “سماع” من أجمل المواقع في جبال فيفاء وأشهرها، حيث تستطيع من خلاله أن تطل على بقعة “العذر” ذات المناظر الساحرة، وتطل من هذا الموقع على النفيعة ووادي الحجوري والدفرة، وتشاهد من هناك الجبال المجاورة ومناطق السهول، كما يمكن رؤية مدن “جازان، وصبيا، وأبوعريش”، وسد وادي جيزان والعارضة وغيرها من المواقع.
وتُعد “العبسية” أعلى قمة في جبال فيفا وتطل على معظم أنحاء الجبال ومن جميع الجهات، وتطل أيَا على مناظر خلابة ومدرجات زاهية الخضرة، وتعطره أنسام محملة بروائح الزهور المنتشرة في جنبات الجبل الشاهق. أما “الخطم” فموقع يوجد في بقعة حيدان، ومنه تستطيع مشاهدة جبال بلغازي والمدرجات والمزارع.
تقويم زراعي خاص
وتشتهر منطقة فيفا بالعديد من المحاصيل التي اعتاد السكان على زراعتها في السهل والجبل، من حبوب وفواكه وخضراوات ونباتات عطرية وغيرها. ويعد البن (القهوة) من أهم المحاصيل الزراعية وأجودها، لأن فيفا في قلب بلاد خولان المشهورة بالبن ذي الجودة العالية.
ولكل عمل زراعي في فيفا تقويم خاص به، وموسم معين يعرفه الفلاحون هناك، ويؤقتون له توقيتاً دقيقا، من إثارة الأرض، إلى عزق الأعشاب، وغرس الأشجار وبذر الثمار، وحصادها ونحو ذلك، ولكل أرض هناك توقيت متقن يعرفه أهلها لضمان جودة المحاصيل. وبعض الفلاحين فيها يعرف حساب المنازل الفلكية بالخبرة المتوارثة، وبعضهم يعمل مرصداً في منزله يرصد به منازل الشمس، وذلك بعمل خطوط في جدار تدخل إليه أشعة الشمس من كوة عند شروقها أو غروبها، ويجعل لكل منزلة محيطاً تزحف فيه أشعة الشمس من بدايته إلى نهايته خلال ثلاثة عشر يوماً، فيخط فيه لكل يوم خطاً، فيعرف بواسطته الشمس في أي منزلة هي، وكم يوماً قطعة منها، وتمضي على هذا النمط إلى الأمام أربع عشرة منزلة وتعود إلى الخلف أربع عشرة منزلة خلال السنة، ويسمون ذلك “مركداً”، ولهم في ذلك تقويم دقيق.
تفرُّد وخصوصية
ومن تفرُّد التراث في فيفا أنهم كانوا يختارون لكل منزل فيها اسما خاصاً به يميزه ويميز أهله، فيكون هذا المنزل وكأنه عَلَم من الأعلام، حتى أن الأشخاص يعرفون باسم منزلهم، ومن النادر أن يتكرر اسم منزلين في جميع أرجاء الجبل وفي الغالب ما يكون هذا الاسم إما صفة أو يكون للاسم مناسبة معينة أو بسبب حادثة معينة.
وأيضاً من تفرُّد التراث المعماري في فيفا أن أغلب منازلها كانت تتميز بشكل دائري (اسطواني)، وهو أمر غير موجود في أي منطقة أخرى، ومن فرادة هذه المنطقة أيضا أن لأهالي جبال فيفا لهجة خاصة بهم لا يفهمها سواهم، ولا يستطيع التحدث بها غيرهم، وقد وجد الباحثون أن معظم مفردات هذه اللهجة تنتمي لأصول اللغة العربية الفصحى القديمة، ولكنها تأثرت في لهجتها باللغة الحميرية القديمة التي كانوا يتحدثونها. وربما كان ذلك هو سر بعض المصطلحات الخاصة التي لا تُذكر إلا هناك.