مقالات

النوم على الطرقات

بقلم – محمد البكر:

فلم وثائقي بثته قناة DW الألمانية عن الفقر في أمريكا . هذه الدولة العظمى والتي تعتبر بالنسبة للكثير من الشباب والكبار من مختلف دول العالم أرض الأحلام . وهي بالفعل كذلك لما فيها من أساسيات وكماليات الحياة التي يتمناها أي إنسان . لكن من يتابع هذا الفلم الوثائقي يضع يديه على رأسه من هول ما سيسمع أو يشاهد من مقاطع . فهناك 30 مليون إنسان يعيشون تحت حد الفقر ، وعشرات الآلاف يطردون من منازلهم لعدم قدرتهم على دفع الإيجار ، فلا يجدون مأوى لهم إلا في سياراتهم أو في عشش صغيرة على قارعة الطرق . أما أكلهم فمن بعض المطاعم التي تحتفظ بما يزيد لتقدمه لهم بالمجان قبل إغلاق أبوابها .

أذكر هذه المعلومات لا للتقليل من مكانة هذه الدولة العظمى ، لكن من باب توعية الناس بأن ما يجدونه في وطنهم مهما كان قليلا ، ومهما واجهوا في حياتهم من صعوبات ، هو أجمل وأفضل من الحياة التي يعيشها أولئك الناس في أغنى دول العالم .

هناك حسابات في وسائل التواصل الإجتماعي ، وسياسات موجهة للداخل السعودي ، وأجندات يخطط لها ، لتحريض الناس من خلال العزف على حاجاتهم المعيشية اليومية . فهم يستغلون أي قصة إجتماعية “فردية” ، لتصويرها على أنها قضية مجتمع بكامله . ينفخون فيها كي تتحول إلى قضية رأي عام  .

من الطبيعي ألا يكون كل شرائح المجتمع قادرون على تلبية كل احتياجاتهم ، فهذا أمر يحدث في كل المجتمعات ، حتى المجتمعات الأوروبية . والذي سافر لتلك الدول يعرف كم هناك من المشردين الذين لا مأوى لهم حتى لو كانت غرف مهجورة في مناطق نائية . يفترشون الأرصفة في الليل وتبعدهم الشرطة في النهار.

الحياة تتغير بسرعة كبيرة ، والدورة الإقتصادية هي جزء من الحياة . فهناك سنوات رخاء ، وأخرى عجاف . وكلما ضاقت الدنيا ، وجب علينا أن نعيد حساباتنا ، ونغير عاداتنا ، ونشرح لأطفالنا أن ما كان سهلا في يوم من الأيام ، قد يكون اليوم صعب المنال .

علموا أبناءكم أن الوطن الذي يحفظ كرامة أهلهم ، ويحافظ على أمنهم وسلامتهم ، ويمنحهم فرصة التعليم والعلاج المجانيين ، هو الوطن الذي عليهم أن يحافظوا عليه ، ويدافعوا عنه حتى آخر قطرة دم . علموهم أن من يحرض على وطنهم ، أويحاول شق صف مجتمعهم ، أو يزرع الفتنة والضغينة ، أو يشكك في قيادته وسياسة بلاده ، هو مجرم ، حاقد ، عدو لهم ، حتى لو لبس ثوب الناصح ، أو أعتلى موجة الدين ، أو تفاخر بما لديه من علم وثقافة  . قولوا لهم إن وطنكم هو فراشكم وهو لحافكم والنعمة التي أنعم الله بها عليكم فلا تضيعوه أو تتهاونوا عن الدفاع عنه . ولكم تحياتي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى