دعونا للإستعداد للعولمة وحذرنا من الإندثار منذ 20 عاما
بقلم – د.مهندس عبد الرزاق المدني:
منذ فترة ليس بقصير فوجئنا بقرار بيع شركة الملاحة العربية المتحدة لشركة هاباق لويدز الألمانية وإندثار أكبر صرح بحري عربي ووحده دول خليجية بنتها على مدى عقود من الزمن ومنذ نيف من الأسابيع جاء قرار الجمعية العمومية للشركة المصرية للملاحة البحرية، التابعة لقطاع الأعمال العام في جمهورية مصر العربيه بتصفية الشركة بعد زيادة خسائرها خلال المرحلة الأخيرة، وتوقف جميع سفنها عن العمل تماما لعدم صلاحيتها على مدار الأشهر الأخيرة ليعيد بي الذاكرة الى شهر مايو ١٩٩٩م حين كتبت في صحيفة عكاظ أن اكثر من 20 شركة ملاحية سعودية ستندثر خلال السنوات القليلة القادمة اذا لم تطور نفسها وتستعد للعولمة الاقتصادية.
هذا ماتوقعته كخبير بحري سعودي يعمل في مجال النقل البحري وقلت انه بإنضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية (WTO)، ستدخل المملكة مرحلة جديدة تتطلب من الشركات السعودية تطوير نفسها والحصول على الشهادات العالمية في مجال عملها مثل ISM والايزو ISO وذلك قبل فوات الأوان وكذلك تحديث أسلوب عملها وأنظمتها والوحدات التابعة لها لتتماشى مع العصر القادم الذي يسيطر على السوق (فمن لا يتقدم سيتقادم )
وبالنظر الى سوق النقل البحري في المملكة آن ذاك ذكرت أنه سوق واسع حيث 85% من صادرات وواردات المملكة تصل عن طريق البحر، كما ان المملكة قد حباها الله شواطئ يصل طولها الى 2000 ميل وهناك موانئ ضخمة وبعد خصخصة ارصفتها ليقوم القطاع الخاص المشاركة في إدارتها اضافة الى اسطولها البحري التجاري وخاصة في نقل البترول الذي يصل حجمه الى ملايين الاطنان يتم عبر شركات عديدة يصل الى اكثر من 25 شركة ملاحية ووحدات بحرية تفوق 200 وحدة باحجام مختلفة تتراوح ما بين 50-300 الف طن ويستحوذ سوق نقل البترول على السواد الأعظم من النقل البحري حيث توجد اكثر من 70 ناقلة بترول سعوديه تجوب العالم وأكثرها مبنى حديثا.
تأتي بعد ذلك سفن الحاويات ونقل البضائع العامة ونقل الكيماويات والغاز والحبوب والمواشي والثلاجات وكذلك سفن الركاب التى تعمل في البحر الاحمر.
وبالنظر الى الشركات الملاحية أوضحت ان هناك نوعية من الشركات الكبيرة التي تمتلكها الدولة او شركات مساهمة مثل شركة فيلا البحريةالعالمية التابعة لأرامكو السعودية والشركه الوطنية للنقل البحري وشركة الملاحة العربية المتحدة والنوع الثاني هو الشركات العائلية أي المملوكة من قبل عائلات كبيرة مثل البكري والقصيبي وكانو والمعجل والحاوي وصدقه وفايز والزامل وباعبود وغيرهم
وعند الوقوف على وضع هذه الشركات أشرت الى ان هناك عدة مشاكل تواجهها وخاصة في ظل المنافسة الشديدة المحلية والعالمية ومن هذه المشاكل:
1. ان معظم هذه الشركات عائلية ليس بالسهل على ملاكها التخلي عن اسهمهم في السوق واندثارها لان بعضا منهم اسس هذه الشركات منذ اكتر من مائة عام ويود الحفاظ عليها إلا أن الورثة لم يقدروا ذلك وقام البعض بالتصفية بعد وفاة الأباء أو الأجداد.
2. عدم وجود الخبرة الكافية لدى البعض منهم حيث ان ملاكها من التجار والصناع وليس لديهم الخبرة البحرية الكافية لادارة مثل هذه الشركات كما ان معظم الموظفين غير سعوديين وليس هناك متابعة او رقابة عليهم كما انهم غير ملمين الماما كاملا بالشئون الفنية لان هذه الشركات توظف فنيين ذوي الرواتب الاقل فنجد ان الخبرة اقل وهذا يؤثر على أنتاجيتها وبقائها في السوق
3. عدم وجود انظمة داخلية ولوائح لدى هذه الشركات وعدم متابعة تطورات السوق وتطبيق القوانين والمعاهدات الدولية الا في آخر لحظة او بعد فوات الاوان مما يسبب الخسائر المادية الجسيمة.
4. قلة العاملين السعوديين لعدد كبير من الاسباب وتوظيف الاجنبي لان تكلفته اقل.
5. ان معظم الوحدات البحرية التابعة لهذه الشركات مسجلة في دول الملائمة وتحمل اعلاماً غير علم المملكة هروباً من البروقراطيه والتعقيدات في الدوائر الحكومية .
6. ان الإشراف الفني والتسجيل يكون لدى هيئات التصنيف الركيكة والتي لا تلتزم بالانظمة الدولية.
7. معظم الوحدات التابعة لهذه الشركات لا تلتزم بقواعد ومتطلبات السلامة الدولية ولو حتى الحد الادني منها مما يعرضها للغرق أو خروجها من الخدمة لأوقات طويله وهذا يعرض الشركة للخسائر الماليه الجسيمة كما حصل للعبارتين سالم إكسبرس والسلام ٩٢ حيث أنهما سببا كوارث بحريه أدت إلى وقف الركاب وعزوفهم من السفر على العبارات خوفاً من الغرق كما أن هناك عدد كبير من الوحدات الأخرى توقفت عن العمل وبيعت كخرده.
8. نجد معظم هذه الوحدات المملوكة لهذه الشركات قديمة وعمرها الافتراضي انتهى وليس هناك برنامج لتحديثها للتتماشى مع المتطلبات الحديثة.
9. محدودية تشغيل هذه الوحدات في منطقة البحر الاحمر والخليج العربي وعدم التوسع والاتجاه الى التجاره الدولية.
10. المنافسة الغير شريفة والهبوط باسعار الشحن الى اقل المستويات مما يسبب الخسائر الفادحة لبعض الشركات ذات التكلفة التشغيلية العالية.
11. عدم وجود جداول اصلاح وتسفين منتظمة والالتزام بالتجديد والتحديث والصرف على هذه الوحدات يكون في نطاق ضيق جدا وذلك طمعاًللحصول على ارباح عالية والتقليل من الخسائر.
12. الاتجاه الى التقليد الأعمى أو ما يسمى سياسة القطيع بشراء السفن المشابهه لسفن الشركات ذات الربحية العاليه فمثلا عند مشاهدة احدى الشركات تربح في سفن الركاب الجميع يتجهون لشراء سفن الركاب بدون وضع دراسة جدوى وأخذ الإحتياطات اللازمة لإمكانية الخسائر فيخسر الجميع
13. عدم التنسيق فيما بين الشركات العاملة وعدم وجود إتحادات تحميهم من المنافسة الخارجية ووضع ضوابط تحمى الجميع وترك الامور لحاله السوق.
وضربت مثلا بتوجه شركتي المواشى والمكيرش آنذاك للاندماج كخطوة مبكرة في الاتجاه الصحيح ويجب ان تحتذى بقية الشركات بذلك حيث نتج عن ذلك تكامل بين الشركتين بدلا من التنافس مما زاد من قوة الشركة واصبح لها مركز قوى وتستطيع منافسة الشركات العالمية
ودعوت جميع الشركات الصغيره الى التفكير جديا بسرعة الاندماج ببعضها وتطوير شركاتهم والاستعانه بالخبرات العالمية لكي لا تجد نفسها خارج المنافسة وتتكبد خسائر كبيرة وتصفية واغلاق.
ولكن مرت السنين ولم يستجب أحد ووصلنا الى ماوصلنا اليه ولم يتبق سوى العدد الذي يعد على صوابع اليد منها وهي تنازع للبقاء لذا فإننا بحاجة لوضع يحتاج لدراسة من أصحاب الخبرات للنهوض بقطاع النقل البحري في اطار خطة لمواكبة التطور الهائل في عالم النقل البحري ولتحقيق رؤية ولاة الأمر ٢٠٣٠ والله من وراء القصد