مصر والسعودية..معا على الطريق
بقلم- مجاهد خلف:
مدير تحرير الجمهورية .. رئيس تحرير عقيدتى السابق
أحد اهم دروس الجيبوليتكا او الجغرافيا السياسية ان تجيد قراءة الخرطة الجغرافية .. وتدرك مكامن القوة الحيوية فيها.. ومعرفة عناصر القوة المضافة بالقوة البشرية والنظام السياسي في كل حالاته واحواله .. المنطقة العربية هي في اشد الحاجة الان لاستيعاب دروس الجيبوليتكا والتعامل معها بجدية ..ولن نضيف جديدا اذا قلنا انها كانت مستهدفة ومحل مطامع من القوى الفاعلة والنشطة استعماريا وعسكريا واقتصاديا على فترات التاريخ .. ودائما ما تستهدف تلك القوى الخارجية المتربصة والمقتحمة بالفعل الدول المؤثرة في حركة الاحداث والمتحكمة في طبيعة التوجهات الداخلية والخارجية ولها القدرة على الصمود امام محاولات الضغط والاختراق والوقوف بقوة ساعة المواجهة للتطلعات غير الحميدة من القوى القريبة والبعيدة على السواء .. على الخريطة السياسية هناك دول الحزام الخارجي لمحور الاحتكاك الحضاري ويتم التركيز عليها دائما في محاولات الاختراق وبالتالي السعي الدائم لانهاكها واضعافها حتى تسهل عمليات الاخضاع والسيطرة في الاوقات اياها .. ومن ذلك على سبيل المثال في وضعنا العربي .. العراق وسوريا و السعودية العضو الاكبر والابرز في المنظومة الخليجية ومعها الامارات وسلطنة عمان .. في خط متصل مع الحضارتين الفارسية والتركية .. في منطقة القلب تقف مصر بشموخ .. وهي لا تقل استهدافا في المخططات والمؤمرات.. عن خطوط التماس بل ان الضغط على خط التماس والاحتكاك المباشر هو في الحقيقة يستهدف اصابة المركز والقلب وزعزعته والتأثير عليه بكل الطرق .. في الصراع العلنى والمكتوم ايضا تحققت نتائج مفزعة وعمليات تدمير وزعزعة لاركان القوى المهمة على خطوط التماس.. سوريا والعراق نموذجين .. فقد تم تدميرهما مع سبق الاصرار والترصد ..وباعتراف قوى الاجرام صراحة وعلانية وبلا خجل .. اعترافات توني بلير و جورج بوش و دونالد ترامب ابرز الادلة .. ..ولان الامة في اضعف حالاتها وتعيش حالة من التمزق غير مسبوقة بسبب كثافة المؤمرات وجهنمية المخططات وفاعلية موجات الاستلاب الحضاري والخضوع والاستسلام المقيت والصمت الرهيب احيانا .. تقدمت قوى الشر خطوات وخطوات من اهدافها واشعلت الكثير من الحرائق وزودتها بالوقود الحيوي .. ولا تزال تعمل على ابقاء تلك الحرائق مستعرة تحرق البعض و تلسع الاخرين .. الان ليس خافيا على احد وغير مستغرب او مستبعد ان تحاك المؤمرات – وقد بدأت بعض خيوطها في الظهور – ضد اقوى دولتين – وهما الباقيتين على محور الصمود والتصدي سواء في القلب او على خط التماس – لابعادهما عن دورهما الحقيقي والقيام بما هو واجب تجاه شعوبهما في الداخل والامة والمشاركة الفاعلة مع الانسانية في الخارج .. نتحدث تحديدا عن مصر و السعودية .. فمصر في السنوات الاخيرة نجحت في ان تعيد الاتزان والتوازن المختل سواء في علاقاتها الخاصة مع القوى الدولية او في علاقات وتوجهات القوى الدولية نحو المنطقة عموما .. ادركت مصر دورها الحيوى والقدري وبدأت بالفعل القيام بمهامها الوطنية والقومية بعد فترة عصيبة مرت بها البلاد في اعقاب سنوات من السيولة الثورية غير المنضبطة .. بدأ النجم المصري يشرق في الافق ويرسل اضاءاته بل و تحذيراته ويدق احراس الانذار امام المتلاعبين بالمنطقة والعابثين بامنها ولا يرجون لها امنا ولا استقرار .. ولعل ما تقوم به الدبلوماسية المصرية وتحركلتها النشطة على الساحة الدولية شرقا وغربا خير شاهد على ذلك .. دبلوماسية على مستوى القمة بمشاركة فاعلة وحيوية من الرئيس عبد الفتاح السيسي وايضا تحركات واتصالات وزارة الخارجية .. هذه العودة المصرية القوية لاشك تزعج الكثير من قوى الشر خاصة وانها اجبرت البعض على اعادة حساباتهم والتراجع خطوات وخطوات او تعديل المسار .. السعودية على الجانب الاخر رغم ماحدث في الازمة الاخيرة فانه قد تأكد للبعض انها قوة لا يستهان بها وان المنطقة العربية تملك اوراقا مهمة للضغط لايمكن ان تخطؤها عين ولا يمكن ان تتجاهلها قوة مهما رفعت من شعارات .. وقد انكشفت حقائق كثيرة في لعبة المبادئ والديموقراطية الغربية والامريكية وغيرها امام غول المصالح والتحديات والاهم صندوق الانتخابات اولا واخيرا!! متانة العلاقات المصرية السعودية واصرار قادة البلدين على دفعها دائما للامام و التاكيد على انها استراتيجة وضرورة للامن القومي والعربي يجعلها دائما هدفا للمتربصين بالمنطقة من الداخل ومن الخارج .. علينا الاننسى تجربة المحور المصري السعودي السورى وما فعله هذا الثلاثي في دعم استقرار المنطقة ومواجهة المؤمرات والتحالفات الشريرة حينئذ .. وقد كان هناك تجربة مهمة ايضا في دول اعلان دمشق والتى ضمت دول الخليج مجتمعة الى جانب مصر وسوريا والسعودية .. وقد كان له دوره كقوة عربية فاعلة.. وظلت المؤمرات تحاك حتى انفراط عقد اعلان دمشق .. وتعرضت سوريا الى ما تعرضت له من هدم وتدمير .. وهي الان على طريق العودة السالمة ان شاء الله .. يبقى من المحور المهم مصر والسعودية .. فهما معا على الطريق .. ولا يزالان يشكلان العصب الرئيسي في القوة العربية الحقيقة .. العالم العربي يتطلع الان الى الدور المصري المتقدم للعودة العربية وازالة اثار العدوان والتدمير الذي ضرب جنبات الوطن العربي شرقا وغربا .. اعتقد ان مصر العربية قادرة وستفعل باذن الله بفضل ايمانها بدورها الحيوي وادراكها الواعي لقوتها الحضارية ودورها التاريخي .. والله المستعان ..