اقتصاد

مؤسس بيت القادة المدرب محمد جاسم الياقوت يستعرض مهارات التعامل مع الأزمات

بقلم – محمد جاسم الياقوت:

مؤسس بيت القادة

تعتبر جائحة كورونا بلا شك أزمة عالمية اجتاحت العالم ونشاهد تداعياتها السلبية على العديد من القطاعات حول العالم ولكنها بحسب بعض الباحثين لن تكون الأخيرة فهناك أزمة اقتصادية عالمية قادمة وربما هناك أزمات أخرى..لا ندري. وما يهم القادة هو امتلاكهم لأهم مهارات التعامل مع الأزمة مهما كان نوعها أو حجمها بحيث يقومون بعمل أفضل ما لديهم في سبيل نجاة شركاتهم أو بلدانهم من تلك الأزمات. فجودة القادة تبرز في أوقات الأزمات!

تتكون هذه الخلاصة من أربع دوائر متداخلة ومتفاعلة مع بعضها البعض وهي الذات والأفراد والأزمة والمنظمة حيث تركز هذه الخلاصة على الممارسات الأهم للقائد في تلك الدوائر.

الدائرة الأولى هي الذات، فمن المهم أن يكون البناء الداخلي للقائد متماسك وصلب بشكل مستمر من خلال النقاط التالية:  

– الالتجاء إلى الله والتوكل عليه وتقوية الارتباط به. يقول الله جل في علاه في سورة البقرة: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ( 155 ) الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ( 156 ) أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ( 157 ) ).

– تنشيط رباعية الإنسان المعتمد على الله باستذكار القيم العليا فالحكمة للعقل والرحمة للقلب والإحسان للروح والاتقان للجسد.

– بناء توجه ذهني يومي مليء بالشكر لله والتفاؤل والصبر وتعزيز الثقة بالنفس والآخرين والسعي وبذل الأسباب.

– التشجع ومقاومة مشاعر الخوف، فالقيادات العظيمة تثبت عند المحن.

– تقوية الإيمان والإحسان بالصلاة والقرآن والأذكار والاستغفار والصيام وقيام الليل ومساعدة الآخرين بالإضافة لترك المنكرات والمحرمات.

– تقوية المناعة وتنشيط الجسد بالغذاء المتكامل السليم والرياضة المناسبة حسب الظروف.

الدائرة الثانية هي: الأفراد، حيث يجب على القائد الانتباه في التعامل مع الأفراد بشكل محفّز ومُلهم وفق النقاط التالية:

– الظهور القيادي المتزن والمتحمل للمسؤولية والمتواضع للتعلم والاستماع من الآخرين.

– المصارحة وتعزيز الثقة وروح الفريق لتجاوز الأزمة من خلال الرسائل المستمرة والتواصل القيادي في جميع مستويات المنظمة لتبث الطمأنينة والتعاطف وحرص المنظمة على سلامة الأفراد بشكل حقيقي.

– نمذجة السلوكيات المطلوبة في هذه الأزمة بحيث تكون واضحة وسهلة الامتثال ومطبقة ابتداء من قيادات المنظمة العليا وحتى قيادات الصف الأمامي.

– استنهاض وتمكين الأبطال. في كل منظمة وكل مجتمع هناك شريحة نادرة قادرة على التضحية والإيثار. فعلى القيادات توجيه النداء ومنح أعلى قدر من التمكين والموارد لها.

– التشجيع نحو الحلول الإبداعية ذات التأثير الكبير أو التي توفر الجهد والوقت والمال. فهذا وقت روح الفريق ووقت اجتماع العقول.

– تقديم البعد الإنساني كالرحمة والكرم وتجنب الظلم في القرارات ما أمكن فهذه الممارسة ستخلق الإلهام والتحفيز المطلوب لمواجهة الأزمة.

الدائرة الثالثة وهي: الأزمة، فعلى قائد المنظمة تكوين فريق أزمة يجمع مهارات متكاملة بين الخبرة والتخصص بمجال الأزمة وحل المشكلات والتفكير النقدي والإبداعي والاستراتيجي والإلمام بالاتصال المؤسسي وتقييم وإدارة المخاطر ليقوم بالخطوات التالية:

أولا: تشخيص حالة الأزمة. حيث يقوم الفريق بدراسة الأزمة وتأثيرها على المنظمة في الوقت الحالي والمستقبلي عن طريق تقييم جميع المخاطر المحتملة.

ثانيا: التخطيط. حيث يتم تحديد خطوات التعامل مع الأزمة في المرحلة الحالية بشكل يساعد على استمرار أعمال المنظمة الأساسية وتفادي أو تخفيف آثار الأزمة على المنظمة وأصحاب المصلحة.

ثالثا: التنفيذ. يتم الحرص على جانب الاتقان في التنفيذ والاهتمام الشديد بالجانب الإنساني والاتصال المؤسسي في الداخل والخارج.

رابعا: التقييم والمراجعة. يتم طلب التغذية الراجعة من القيادات والخبراء بشأن ما تم تنفيذه بالإضافة لمراجعة الوضع الحالي للأزمة.

خامسا: التصحيح والتعديل. وذلك وفق نتائج التقييم والمراجعة السابقة بالإضافة لحالة مرحلة الأزمة الحالي.

 

*ملاحظة: يتم الاستمرار في هذه العملية حتى مرحلة التعافي وتهيئة الأفراد للعودة الطبيعية للعمل إن شاء الله.

الدائرة الرابعة وهي: المنظمة ودورها في الداخل والخارج  

التعاون ورفع مستوى التواصل مع القطاعات الحكومية والمنظمات ذات الصلة فيما ينفع ويُسهم في حل أو تخفيف آثار الأزمة على المجتمع.

إبقاء الروح المعنوية عالية وقوية من خلال الإعلام الداخلي والخارجي الذي يبرز الإنجازات والأخبار الإيجابية لجميع أصحاب المصلحة.

خلق مبادرات جديدة تشجع الأفراد على استغلال الوقت للتعلم والإنجاز والعمل الإبداعي لتفادي الدخول في مرحلة الضبابية والإحباط.

تعزيز مهارات التكيف والمرونة والابتكار عن طريق الممارسة، والتعليم، وتكريم الممارسات المتميزة حتى تصبح علامة تميز ومن ثقافة المنظمة.

الاستفادة من الممارسات المتميزة والأخطاء للمنظمات والقطاعات الأخرى حول العالم سواء في الأزمة الحالية أو سابقا في أزمات شبيهة.

دراسة نقاط القوة والضعف التي تم ملاحظتها أثناء الأزمة.

دراسة الفرص المحتملة. ففي الأزمات هناك فرص للخير والعطاء والتأثير الطيّب في العالم وأيضا هناك فرص للربح والنمو ولكن على المنظمات اقتناصها بطريقة أخلاقية.

دراسة التهديدات المحتملة واحتمالية التغيير كنتيجة من نتائج الأزمة فيجب وضع سيناريوهات لحالات مختلفة ومتدرجة في السوء وخطط التعامل مع كل سيناريو مع عدم إغفال جانب الثقافة في التغيير.

استحداث وحدة أو قسم بحسب حجم المنظمة تكون خاصة لاستشراف التحديات والأزمات المحتملة وتقوم بالإشراف على تطوير وتحديث خطة إدارة الأزمة (CMP) بالتفاصيل اللازمة وفق آخر تجربة مرت بها المنظمة مع أفضل الممارسات والأخطاء والدروس المستفادة بحيث تكون مصدر موثوق لقائد المنظمة يساعده على الاستعداد والاستباقية في الأزمات بشكل أسرع.

تدريب وتمكين شريحة جديدة من الأخصائيين والقادة في التغيير والتعامل مع الأزمات والاتصال المؤسسي بحيث تكون المنظمة مستعدة للأزمات والطوارئ بشكل مستمر.

 

وفي الختام أسأل الله رب العالمين الحي القيوم أن يغمر العالم بالنور والخير والسلام وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يبارك بنا وبأعمالنا وأوقاتنا وأموالنا وأهلينا وذرياتنا وأن يجعلنا من الصالحين المصلحين.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى