عام

شياطين النساء والفقراء

بشرى فيصل السباعي *

من المفارقات الكبرى أن يقال إن «الشرق روحاني والغرب مادي»، بينما الغرب حاليا هو مصدر للأبحاث العلمية في المجالات الميتافيزيقية الروحية، بينما الشرق في حال «أمية ميتافيزيقية» ومتواكل على التفسير التقليدي المعمم بأن كل الظواهر الميتافيزيقية سببها الجن، بينما الدراسات العلمية لهذه الظواهر كشفت أن غالبها توهم ومسبباتها عادية أو أمراض عقلية ونفسية، أو أمراض عضوية تتعلق بالدماغ كالأورام والصرع أو مؤثرات من البيئة كتأثير المجالات الكهرومغناطيسية أو موجات صوتية معينة على الدماغ ناتجة عن مصادر طبيعية أو صناعية،..

لكن هناك 1% منها هو بالفعل ذو طبيعة ميتافيزيقية وأبرز مسبب لها ليس الجن والأشباح إنما شخص في البيت يعاني من ظروف ضاغطة وكبت وقمع شديدين لانفعالاته القوية، وكل تلك الطاقة المكبوتة تتصرف بشكل لا إرادي عبر بيئة المكان؛ ولهذا الظواهر تحدث فقط عندما يكون موجودا وتتمثل في: انقذاف الأشياء وتحطمها، أصوات ضجيج، اضطراب بعمل الأجهزة، أعراض جسدية لا تفسير طبيا لها، ووجد العلماء أنها تتولد غالبا عن الإناث والفقراء بسبب معاناة هاتين الفئتين غالبا من مستويات ضغوط وكبت عالية، وأشهر حادثة موثقة لهذه الظاهرة التي تسمى «الأرواح الضاجة- Poltergeist» تمثلت فيما عرفت باسم «الأرواح الضاجة لشارع ثورنتون-Thornton Road poltergeist» في برمنجهام- بريطانيا عام 1981 حيث كل ليلة ولساعات متواصلة كانت البيوت تتعرض لوابل لا يتوقف من الحجارة الكبيرة الثقيلة التي كانت تؤدي لتحطم زجاج البيوت وأضرار عامة، فطوقت الشرطة الشارع ونصبت كاميرات مراقبة في كل جزء منه إضافة لمرابطة رجال الشرطة داخل وخارج البيوت ومحيطها وكل مدى يمكن منه قذف الحجارة سواء باليد أو بآلة ما، وقضت الشرطة أكثر من «أربعة آلاف» ساعة مراقبة حثيثة..

وتمت الاستعانة بخبراء مقذوفات وبالعلماء من كل تخصص، ولم يمكن التوصل لمصدر لها، وشهد رجال الشرطة والخبراء بأنفسهم تساقط الحجارة وبدت وكأنها تسقط من الفراغ وكانت من نوع الحجارة المنتشرة بالمنطقة، وبدت متركزة بشكل أكثر كثافة على ثلاثة بيوت..

وكان التفسير الوحيد الذي توصل إليه بعض علماء النفس هو ذلك الذي ينتمي لعلم النفس الميتافيزيقي أي «الباراسيكولوجي» وهو أن أهل الشارع هم من الطبقة المتواضعة الواقعة تحت ضغوط بالغة وكبت لهذه الانفعالات، فتم تعيين معالجين نفسيين لسكان تلك المنازل لإرشادهم لكيفية التعبير عن انفعالاتهم وعدم كبتها، وبالفعل توقفت الظاهرة بشكل مفاجئ بعد استمرارها لثلاث سنوات وحتى الآن لم تتكرر، ولم يتم القبض على أي مشتبه به.

  • نقلا عن “عكاظ”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى