مقالات

المسلمون .. وفخ التقسيم!

2015-635815468924788505-478_main

بقلم د.محمد يونس

هل كنا بحاجة لأسباب جديدة لتزايد فرقة المسلمين واحترابهم فكريا؟ ألا تكفى الصراعات الطائفية والمذهبية التى جعلتنا نعيش صورة هزلية :القاتل فيها مسلم يزمجر: الله اكبر ..والقتيل مسلم يصيح: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، بينما يردد جمهور المسلمين: لا حول و لا قوة إلا بالله!

كم مرة نقع فى فخ تقسيم المسلمين بين فرق وطوائف كل منها يزعم احتكاره الدين او انه الفرقة الناجية وما عداه إما كافرا أو ضالا ؟

كم فرقة خرجت وأخرجت أحشاء الأمة منذ الفتنة الكبرى؟ وكم روح أزهقت تحت لافتة تزعم زورا أنها الممثل الشرعى للإسلام ؟ إلى متى نلعب كرة قدم تاريخية بين سنة وشيعة وخوارج، فى كل عصر يرفعون شعارا جديدا ويحاولون تسجيل أهداف من دم ولحم ودمار فى مباراة ممتدة، تضاف إليها من حين إلى آخر، أشواط إضافية.

نقول ذلك بعد ردود الأفعال المتباينة بين الغضب والتكفير والتفسيق بسبب مؤتمر جروزنى الذى اختار اصغر دويلة فى العالم الإسلامى ليحدد على أرضها من «هم أهل السنة والجماعة»؟!

فقد تواصلت ردود الفعل الغاضبة تجاه ما خرج به المؤتمر الذى استضافته العاصمة الشيشانية بعد أن استثنت توصياته التيارات السلفية من التعريف، كما لم تدرج المؤسسات الدينية السعودية ضمن المؤسسات التعليمية زالعريقةس.

وتضمنت توصيات المؤتمر الذى حضره عدد من كبار رجال الدين بالعالم، أن أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية فى الاعتقاد وأهل المذاهب الأربعة فى الفقه، وأهل التصوف الصافى علمًا وأخلاقًا وتزكيةً.

وفى الوقت الذى اعتبر المشاركون فيه أن المؤتمر نقطة تحول ضرورية لتصويب الانحراف الحاد والخطير الذى طال مفهوم أهل السنة والجماعة إثر محاولات اختطاف المتطرفين لهذا اللقب الشريف وقصره على أنفسهم وإخراج أهله منه، وفقا لتعبيرهم. فإن توصيات المؤتمر جرت الكثير من الانتقادات من التيار السلفي، فقال الشيخ علوى السقاف، ان التوصيف الذى ذكره المؤتمر لأهل السنة والجماعة يخرج من الإسلام من عاشوا قبل الأشعرى والماتريدي، كما اتهم المؤتمر بتعمد تجاهل التواصل مع العلماء السلفيين. وقال الشيخ السعودي، محمد السعيدي، أن المؤتمر «تآمرى على العالم الإسلامى وعلى المملكة العربية السعودية».

على الجانب الآخر برر عدد من علماء أهل السنة أسباب حضورهم للمؤتمر، ومنهم الدكتور الشريف العونى الذى تساءل : «ماذا لو خرج مؤتمر الشيشان بأن السلفية هم وحدهم أهل السنة، وأن الأشعرية والماتريدية مبتدعة ضُلال، وأن الصوفية بين مبتدع ضال خرافى ومشرك كافر قبوري، كما تُقرر ذلك عامةُ محافل السلفيين وكتبهم ؛ هل كان الموقف سيختلف من المؤتمر؟!

ومع ذلك تواصلت موجة الغضب بين العلماء والإعلاميين السعوديين ؛ رافضين هذه التبريرات.فقد اعتبر الشيخ سعود الحنان إمام جامع النفيسة بالرياض أن مثل هذه المؤتمرات سياسية، ليس لها قيمة شرعية وهدفها القضاء على السلفية.

المنحى ذاته اتخذه الكاتب السياسى السعودي، جمال خاشقجي، قائلا «كأن هناك أصابع شر تلعب خلف الستار، فتنة الحنابلة والأشاعرة تطل علينا من القرن الخامس الهجرى مرة أخرى، والسبب إقصاء جر إقصاء.»

لا أدافع عمن حضروا المؤتمر ولا عن الذين انتقدوه، وليس من اختصاصى الرد على حجج أى من الطرفين، وإنما ما يقلقنا هو تعودنا على الوقوع فى فخ التقسيم الذى ينال من وحدة صف المسلمين، فقد اتسعت خلال السنوات الماضية دائرة الانقسامات بين تلك الطوائف والمذاهب والجماعات، واستعيدت مؤشرات الفتنة السنية – الشيعية التى تحدث عنها وزير الخارجية الأمريكى الاسبق هنرى كيسنجر عام 1974 وقام بإذكاء نيرانها المحافظون الجدد عند احتلالهم العراق، ثم بدأت عملية الاصطفافات الطائفية بالتشكل فى عدد من البلدان العربية والإسلامية مما وضع هذه البلدان على قائمة التفتت ودفع بعضها الى الاقتتال الداخلي. وصاحب ذلك معارك فكرية تخصص لها عشرات القنوات الفضائية والصحف لإذكاء عوامل الفتنة بين أبناء الأمة، واليوم يتقاتل مسلمون فى العديد من البقاع وكلهم يرفعون شعارات إسلامية ؟

وبدلا من ان تعقد مؤتمرات لتجيب عن السؤال الأهم وهو من المستفيد الحقيقى من هذه التوترات ومن يدفع بإعادة انتاج صراعات الماضى بين مسلمى الحاضر ؟ اذ بنا نعود الى المربع رقم واحد لنجذر هويات ونحدد مفاهيم تفرق بين المسلمين! من قبيل زمن هم السنة والجماعة ؟!س

فهل هذا هو سؤال العصر؟ بالنسبة لنا؟ أليس من الأحرى أن نسأل أين موقع المسلمين اليوم على خريطة العالم المتقدم؟ ماترتيبهم فى لائحة الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ وأين هم من مؤشرات التنافسية؟ وما رقم جامعتهم فى قائمة أفضل 100 جامعة بالعالم ؟ ارحمونا أثابكم الله، واقرأ قوله تعالى: «إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم فى شىء…..» (الأنعام : 159)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى