مقالات

الإنفلات الألكتروني و”عبادة الانترنت “..!!

بقلم- مدبولى-عتمان-194x227مدبولي عتمان :

اشترط أحد الأباء على أبنائه عدم حمل التليفون المحمول نهائيا أثناء زيارته ، وبمجرد دخول أحدهم يقوم بتفتيشه فاذا وجد بصحبته اي نوع من ( الموبيلات ) يمنعه من الدخول. واضطر الأب لاتخاذ هذا القرار لان الابناء ينشغلون تماما أثناء زيارتهم له بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعي على الانتر نت ولا يجدون وقتا ولو لدقائق في الحديث معه والاطمئنان على احواله . وروى الأب الحزين أنه تصادف أن زاره 3 من ابنائه ، الذين تزوجوا ويقيمون بعيدا عنه ، وانشغلو جميعا طوال وقت الزيارة كل مع موبايله ، واستمر يراقبهم بعض الوقت ثم تركهم دون ان يشعر به أحد ودخل غرفة نومه باكيا على حال ابنائه وحال شباب مصر الذين أصابهم هوس الانترنت ، ثم خرج من غرفته غاضبا وطردهم جميعا قائلا ” مفيش حد منكم يجي يزورني ومعاه الموبايل ” .

موقف هذا الأب ، الذي يجب أن يحترمه كل العقلاء ، يكشف عن لعنة كبيرة أصابت المجتمع المصري وخاصة شبابه الذين تحول معظمهم الى ” عبادة الانترنت ” . هذا الواقع الخطير تدعمه الاحصائيات الرسمية ، فقد ذكرت أحدث احصائية لوزارة الاتصالات أن عدد مستخدمى الإنترنت فى مصر وصل إلى 48 مليونًا بنسبة 54% من إجمالى عدد المصريين . أما عدد مستخدمي التليفون المحمول فبلغ 91 مليون خط ( اي اكثر من عدد السكان) في حين تشير الارقام غير الرسمية الى أنهم 101 مليون خط.

ونشرت صحيفة الوفد يوم الخميس الماضي ملفا هاما تحت عنوان ( لعنة الانترنت.. رسول المعرفة صار شيطانا ) رصدت فيه جوانب من مخاطر الانفلات الالكتروني الذي يهدد حاضر ومستقبل المصريين . واخطر ما جاء فيه تأكيدات الدكتور محمد الجندي رئيس منظمة أمن المعلومات بأن جميع المواقع الألكترونية المصرية مخترقة من وكالة المخابرات الأمريكية . وأن موقع التواصل ” فيس بوك ” يعد أكر شبكة تجسس تجمع أكبر قدر من المعلومات عن المصريين ، وحذر الشباب من المشاركة في المسابقات والاختبارت التي ينشرها هذا الموقع. وكشف الدكتور الجندي ان شركة (إنكوتل) تعتبر واجهة تجارية للمخابرات الأمريكية، إضافة الى تعاونها مع شركات التكنولوجيا الكبرى ودعمها للعديد من الشركات التكنولوجية الناشئة.

لا يستطيع احد ان ينكر أن استخدام الانترنت باعتدال يحقق فوائد كبيرة سواء على الصعيد الفردي أو المجتمعي ن وساهم كثيرا في تقريب المسافات وتوافر المعلومات . ولكن الخطورة تكمن في إدمانه ، وحذرت دراسات كثير أن زيادة استخدام الرسائل النصية ووسائل التواصل الاجتماعي تسبب “الانحطاط الأخلاقي أو المعرفي”، وأكدت دراسة نشرتها صحيفة “الإندبندنت” البريطانية أن مدمنى الانترنت ” يصابون بانخفاض في التفكير التأملي، ولا يكترثون كثيراً بأهداف الحياة الأخلاقية”. والواقع يشهد بالاثار التدميرية لإدمان الانترنت على البيوت والمدارس والجامعات وعلى الاقتصاد وعلى الامن القومي لبلدنا .

وأرى أن مواجهة الانفلات الالكتروني أصبح ضرورة ملحة ينبغي مواجهتها عبر استراتيجية قومية يشارك في تنفيذها الحكومة بكل وزاراتها ومؤسساتها وهيئاتها والاسرة ومنظمات المجتمع المدني والاحزاب السياسية والنقابات المهنية والمساجد والكنائس . واول بادرة في الاصلاح تتمثل في شفافية الحكومة وصدقها في مخاطبة المواطنين وحرية تداول المعلومات.

أما على الصعيد الفردي فقد وضع موقع (wikiHow ) ، المتخصص في النصائح من مخاطر إدمان مواقع التواصل الاجتماعي، وصفة من 5 خطوات للوقاية من خطرة ادمان الانتر نت هي : أولا افحص الوقت الذي تقوم بقضائه على مواقع التواصل الاجتماعي ، ثانيا حاول وضع جدول بالأشغال المتعلقة التي كان من الممكن إنهاؤها بهذا الوقت. وثالثا لا تجعل مواقع التواصل الاجتماعي أول ما تدخل إليه عند استخدام الإنترنت،رابعا قم بإلغاء خاصية حفظ كلمة المرور على جهازك المحمول أو على جهاز الكمبيوتر ، واخيرا شارك في الحياة الواقعية واستمتع بزيارة الأصدقاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى