مقالات

ليس غزوا أو استيطانا.. أيها النصراني المتعصب !!

محمد خضر

محمد خضر الشريف *
لن أنسبه إلى المسيح فأقول عنه “مسيحي”؛ لأن المسيح -عليه السلام- أرق وأجمل وأنبل من ان ينسب إليه شخص “نصراني” متعصب، بل متطرف في طرحه وكتاباته المنفلتة والجانحة للتطرف بوضوح ..
هو مستفز دائما في كتابته التي يعمي بها عيوننا فجأة على اميلاتنا، وتصك آذاننا وتحوي السم الزعاف فييما يدعيه أنه عسل مصفى !!
يتهم الفتح الإسلامي لمصر بأنه “غزو” و”اسيتطان”، وكلام مهووس ومتطرف ينفخ به في الرماد التي تشتعل بسببه نار الطائفية في مصر..
وللأسف لا أحد يحاسب “مجدي خليل” لا من الدولة التي تحرص على لحمة الشعب الواحد والنسيج المتعدد الألوان لثوب جميل واحد اسمه “مصر”،وتحارب كل تطرف يحمل شعار أي دين، ولا من كنيسته التي تدعي أنها تحارب الطائفية والتطرف وأنها تدعو للتسامح والإخوة الإنسانية، ولا صرخة استنكار من الأزهر الشريف يوضح علماؤه الأجلاء حقيقة الفتح الاسلامي- وليس الغزو كما يدعي- وان الفتح كان مخلصا للأقباط المقهورين تحت الحكم الروماني الغاشم وأنهم كانوا ولايزالون في سماحة الإسلام ورحمته وعدله وفضله عليهم؛ إذ أنهى الحكم الروماني الغاشم الذي كان يستعبدهم ويذلهم مع أن حكام الرومان مسيحيون مثلهم، ومارحب أحد مثل مارحب المسيحيو المصريون بالفاتحين المسلمين وسهلوا لهم السبل لاستبعاد الرومان المردة الظلمة الغشمة.
وقد أثبت لنا التاريخ إنصاف خليفة الإسلام الفاروق عمر، وهو في مقر حكمه في المدينة النبوية مهد الاسلام ومنطلق انتضاره للشاب القبطي المغمور في حالة فردية تمثلت في سبق خيل اشتكى فيها القبطي ابن والي مصر المسلم عمرو بن العاص، بأنه ضربه، لتنزل عصا القبطي- بأمر خليفة المسلمين على رأس ابن الوالي المسلم، وأمام أبيه ومحضره، وبعد أن أخذ حقه قصاصا، يأمره الخليفة أن ينزلها على “صلعة عمرو”، والد الشاب المسلم نفسه وحاكم مصر نفسها ،بعد أن استقدمه وابنه من مصر للمدينة للقصاص، ولما استنكر القبطي ذلك وانه اقتص ممن ظلمه كان عدل عمر بن الخطاب فلسفة لم تصل اليها حضارات الكون كله قديمه وحديثه إلى الآن :” لأنه ما ظلمك إلا بسلطان أبيه”!.
قارن ذلك الموقف بمئات المواقف التي كان الرومان يعذبون ويستذلون ويقهرون أقباط مصر دون ان ينبس أحد منهم ببنت شفة، ولا يتشكتي،  وإلى من يشتكي وحكامهم هم خصماؤهم؟!
ان كنت تزعم أنك كاتب ومطلع ومثقف فأنصحك أن تقلع عن قراءة كتب شرذمة المستشرقين المتعصبين الذين كتبوا ما كتوبه في زمان كان أقوامهم هم المحتلين لمصر والجاثمين على صدرها فكانوا يروجون لذلك؛ لخلق فتنة طائفية وتأجيج واضح لنارها بين أبناء الشعب المصري الواحد، وهم شرذمة قليلون من مرضى القلب وذوي التعصب الأعمى، وقد ذابت كلماتهم مع الزمن وانكشفت نواياهم الخبيثة للحاضر والباد.
والحمد لله لم تنطل اللعبة على أبناء الشعب خاصة المثقفين وقادة الفكر- المسيحيين قبل المسلمين- وتوحدوا على كلمة سواء، حتى طرد المحتل الانجليزي شر طردة، وعاد الشعب الواحد لنقائه ووحدته ينبي بلده ويعلي شأن وطنه بتسامح وحب، لافرق بين هذا وذلك يسيرون على مبدأ: “الدين لله والوطن للجميع “، أو على المبدأ الرباني الذي يعتبر أصلا كبيرا في التعامل الإسلامي الإنساني مع الغير” لكم دينكم ولي دين”.
إن كنت تزعم أنك مثقف وقارئ ومطلع، فضلا راجع ماذا قال قادة الفكر وفلاسفة الدنيا وساستها وكبار المثقفين المسيحيين الصادقين، وهم يسجلون شهادتاتهم للتاريخ، بمحض إرادتهم، ودون ضغط عليهم أو إرهاب لهم بالكلمة، أو غسيل أدمغة، مثل كلماتك الطائشة، وهم ينظمون القصائد المطولة والمحبة في مناسبات الإسلام  العديدة وأولها وأشهرها مناسبة مولد نبي الإسلام نفسه صلى الله عليه وسلم ونبي الإسلام، تمدح أخلاقه وصفاته وخصال دينه الحميدة والعادلة.
  ولن تتعب في البحث عن كتبهم التي سجلوا فيها شهاداتهم المنصفة والمحقة، كما كنا نتعب في الأزمنة السابقة في المكتبات وبين أضابير الكتب هنا وهناك وهنالك، فأي “محرك بحث”، يقرب لك البعيد ويسهل لك الأمر الحديد، ولك أت تراجع مثلا شهادة كل من: الكاتب الإنجليزي الشّهير توماس كارلايل، ومونتجمري وات، والكاتب الإسبانيّ بلاسكو إبيانز، والمستشرق السويسري إدوارد مونتيه، والدكتور الفرنسي ديفيد دي سانتيلانا، والناقد الإنجليزي روم لاندو، والكاتب والمفكِّر الإيرلندي جورج برنارد شو، والمؤرخ الإنجليزي هربرت فيشر، والمؤرخ الأمريكي ول ديورانت، والسياسيّ والبرلماني الإنجليزي إدوارد جيبون،والكاتب الفرنسي فولتير، والمؤرِّخ الفرنسي جوستاف لوبون، و الطبيب المصري القبطي نظمي لوقا، والسياسي القبطي المصري رفيق حبيب..
ومن الأدباء والشعراء المسيحين العرب وهم كثر ولعل أبرزهم الشاعر السوري ميخائيل بن خليل الله ويردي، ، ويعدّ أول شاعر مسيحي يعارض قصيدة البردة في مشاعر فياضة بحب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والشاعر والطبيب نقولا فياض، وشاعر القطرين خليل مطران،والشاعر القروي رشيد سليم الخوري، والشاعر إلياس فرحات،والشاعر اللبناني الكبير شبلي ملاط. والروائي رؤوف مسعد الذي قالها صراحة:” ان الوثيقة العمرية أنصفت الأقباط”.

ولعل مقولة راعي كنيسة الأنبا أنطونيوس في أبو ظبي:”المسلمون أنصفوا المسيحيين بعد الفتح، والأقباط فرحوا بهزيمة الصليبيين”، كانت كلمة حق وإنصاف نطق بها لسانه، ربما أغاظتك ومن على شاكلتك ممن ساهمت في غسيل أدمغتهم بكلماتك المغرض.

وغير هؤلاء المنصفين من المسيحين النبلاء كثير، ممن نطقوا بالحق وإن لم يتركوا دينهم ولم يجبرهم أحد على أن يشهدوا شهادة الحق أمام الدنيا كلها، وقد سجلها لهم التاريخ الذي -لا يكذب ولا يتجمل- بحروف من نور  .

ولم أر من يفري فريك، ولا من يلوي ليك، من المسيحيين المصريين، وغير المصريين، بل كانوا صادقي الكلمة تجاه الفتح الإسلامي وتجاه الإسلام نفسه ونبيه صلى الله عليه وسلم، واعترفوا بالحق الواضح كتابة ومقالات وشعرا وأدبا، فلماذا يفيح من جوف كلماتك هذا التعنصر والتطرف والافتراء ؟
ولصالح من تكتب هذا الكلام الاستفزازي العنصري ؟
وخدمة لمن تخط وتسطر؟!
ولصالح من تحاول اشعال نار أول من تحرق بلدك وأهلك وشركاء الوطن الكبير الذي استوعب الأجيال جيلا بعد جيل في عدة أزمنة مختلفة كان الجميع فيها اخوة متحابين ؟!
مصر الآمنة- بطرفي شعبها مسلمين ومسيحيين،-كانت ولا تزال ،وستظل بعون الله ،كما وصفتها أنا سابقا في مقالات قديمة مثل الثوب الواحد يحمل الخيطين الأبيض والأسود يتشكل منهما لونين جميلين متناسقين متناغمين يمثلان قشابة الثوب وجماله وبهائه، يسر الناظرين؛ لتنطق الشفاه من كل أنحاء الدنيا تشدو بكل حب وتلقائية بأن” مصر هي ام الدنيا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى