مقالات

عين في السماء !!

الاحمدي

فهد عامر الأحمدي *

تحـدثت في آخر مقال عن ميزة استخدام (جوجل إيرث) في الاستكشافات العلمية.. فقدرة هذا الموقع على توفير ملايين الصور (لكل شبر على سطح الأرض) يمنح عامة الناس ميزة استكشاف المواقع الجيولوجية والجغرافية والاحفورية من غرف نومهم.. وضرب مثلا بطالب كندي يدعى وليم جادوري اكتشف بواسطة جوجل إيرث بقايا مدينة قديمة لحضارة المايا.. وعلماء نباتات من انجلترا اكتشفوا غابة استوائية مجهولة تماما في موزنبيق.. وعالم بحار من استراليا اكتشف جزيرة رملية في المحيط الباسيفيكي تظهر وتختفي عدة مرات خلال العام.

وفي الحقيقة أصبح “جوجل إيرث” بمثابة عين في السماء يمكن للجميع استخدامه لأغراض مختلفة قد لا تخطر في بال معظمنا.. ففي حالات كثيرة استخدم لاستكشاف مجاري الأنهار والمقابر والحفريات والمناجم وتيارات المحيط ومكامن النفـط والغـاز وهجرات الطيور والحيوانات.. الخ.

أمــا بالنسبة للجانب الإعلامي فلعلكم لاحظتم استعانة محطات الأخبار العـربية والدولية بصور جـوجل لإظهار مواقع الانفجارات وخطوط المواصلات والمباني التي تم تدميرها، كما أصبح معتادا تقديم آخر الأحداث السياسية (على الانترنت وصفحات الجرائد) من خلال صور مجسمة أو متحركة يوفرها “جـوجل إيرث”!

وبطبيعة الحال لم يكن الجانب العسكري غائبا في استعمال جوجل إيرث (خصوصا أنه يعتمد أصلا على صور عسكرية كانت في الماضي حكرا على الجيش الأميركي).. وهناك بالفعل حكومات عالمية كثيرة اعترضت عليه منذ تدشينه كونه يكشف قواعدها العسكرية ومبانيها الحكومية – بــل وحتى الأملاك الشخصية والمشروعات الإستراتيجية.. ومن الدول التي اعترضت على جوجل إيرث الهند والصين وإسرائيل والبحرين واستراليا والباكستان وفنزويلا (وجميعها طالبت بحجب الصور التي تظهر مواقعها العسكرية أو منشآتها النووية).

وخلال موجة العمليات التفجيرية التي طالت إسرائيل في عقد التسعينيات اتهمت تل أبيب الموقع بمساعدة “الإرهابيين” في التخطيط ضد أهدافها الحيوية.. وفي حرب لبنان 2005 اشتكى رئيس الأركان الإسرائيلي من استعانة حزب الله بصور جوجل لضرب الأهداف الرئيسية في المدن الإسرائيلية، وكشف المنشآت العسكرية في شمال البلاد (في حين لا أعتقد أن إسرائيل بحاجة لصور جوجل كونها تملك أقمارا متخصصة توفر صورا فورية ومتحركة لكامل لبنان)..

وأذكر جيدا أن صحيفة “صنداي تلغراف” امتدحت مهارة الدواعش في العراق باستخدام صور جوجل لتحديد مواقع قوات الجيش العراقي والسوري لدخول المدن والقرى التي ينسحب منها..

وما يبدو لي شخصيا أن الوقت قد فات (منذ ظهور هذه الخدمة كمفهوم) على حجـبها أو حتى الوقوف أمـامها.. فبالإضافة لكونها مجانية ورائجة، أصبحت مقلدة ومستنسخة وتـتـوفر في مواقع أخرى كثيرة ــ ناهيك عن إمكانية الدخول عليها من أي كمبيوتر وهاتف محمول حول العالم!

.. مايقلقـني فعلا ليس جوجل إيرث بل حقيقة أن (الأميركان) لا يمنحون عوام الناس شيئا بالمجان..

وهذا يعني أنهم يمتلكون حاليا تقنيات أكثر تطورا لا أعتقد أن سقوف منازلنا تقف عائقاً.. تحتها..

  • نقلا عن “الرياض”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى