مقالات

القطاع الخاص والشراكة الاجتماعية

11

د. محمد ناهض القويز

    يقدر رأسمال القطاع الخاص بمليارات الريالات وأرباحه السنوية تتراوح بين مئات الملايين والمليارات كذلك، وهذا بلا شك دليل قوة الاقتصاد الوطني.

ولكن عندما نبحث عن الشراكة الاجتماعية لدى بعض هذا القطاع فإننا نلاحظ ضعفا كبيرا في هذا المجال بل إن بعضه معدوم المشاركة للأسف على مدى سنوات تواجده. يحدث هذا في سوق مفتوحة لا ضرائب فيها ولا قيود تجارية على الربح ولا على التحويلات النقدية.

في المقابل هناك أثرياء وقفوا جزءاً من ثروتهم لأعمال الخير أو حسب المصطلح المتفق عليه “وقف لله تعالى” ليس تهربا من ضرائب ولا تحايلا على أنظمة ولكن حبا في عمل الخير ومشاركة منهم لمجتمعهم. ولكن للأسف فإن حصر الوقف في مجالات تعوّد عليها المجتمع -ولم يعد يرى الخير إلا فيها- برغم أنها لاتسهم في تنمية وطن، ولا تُعَلّم جاهلا ولا تداوي مريضا ولا تقضي حاجة محتاج إلا فيما ندر يحد من جدوى هذه الأعمال في تحقيق الهدف من المشاركة الاجتماعية رغم ضخامة المبالغ المرصودة أحيانا. نسأل الله ألا يحرمهم الأجر.

فلماذا تحصر أعمال الخير فيما حصرت فيه بينما مجالات المشاركة الاجتماعية كثيرة جدا على مستوى الأفراد والمجتمع وتتعدى تلك الأوجه التي تعود عليها المجتمع؟

مثلا ما الذي يمنع أن تكون هناك قاعدة بيانات في الطلبة المبتعثين على حسابهم تستطيع من خلالها الشركات إعطاء منح للجادين منهم مع متابعة أدائهم خلال سنوات ابتعاثهم؟

وإن لم تكن منحاً فعلى أقل تقدير تدعمهم على شكل قرض حسن يسدده المبتعث بعد عودته. أو القيام باعتماد ميزانية محددة لعلاج المرضى أو إنشاء عيادات خيرية أو مستشفيات غير ربحية تخفف من معاناة المرضى من التكاليف الباهظة في القطاع الخاص. أو دعم الجمعيات المدنية التي تساهم في خدمة المجتمع وتوعيته.

مثل ذلك يمكن أن يقال عن إنشاء الجامعات غير الربحية ومشروعات المياه للمدن والقرى التي لم تصلها الخدمة أو شق الطرق أو نظافة الأحياء.

إن المواطن يشكل في الغالب الجبهة الأولى التي تتحمل برامج الترشيد خلال الأزمات الاقتصادية التي يمر بها الوطن من ارتفاع في الأسعار، وفرض رسوم أو رفعها وتقليص في المداخيل وإيقاف التوظيف، ثم يصبح المواطن للأسف ضحية ما تقوم به الشركات من رفع لقيمة السلع أو الخدمات التي تقدمها في محاولة منها لتعويض نقص أرباحها أو لتحميل المواطن أي ارتفاع في التكاليف.

كثيرون تحدثوا عن المشاركة الاجتماعية وبرغم أن جزءا منها طوعي إلا أنه لابد من إيجاد ما يجعل المشاركة الاجتماعية واجبا مع اعتماد حوافز ولو معنوية للشركات التي تقوم بدورها في المشاركة الاجتماعية من خلال برامج واضحة.

وخير من يقيّم مثل هذا الأداء هي الجمعيات المدنية التي تعنى بتنمية المجتمع.

*نقلا عن الرياض

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى